الميثاق نت -

الأربعاء, 04-يناير-2023
عبدالجليل‮ ‬أحمد‮ ‬ناجي -
ونحن في هذا العالم القرية ، الذي اصبح كل فرد في الأسرة على تواصل دائم مع العالم الخارجي ، ومحيطه الداخلي عبر الشبكة العنكبوتية او الاعلام الفضائي بدون وجود وسيط، كان من قبل الكتاب او الصحيفة او الفيلم يمر عبر وسيط (رقابة الدولة أو النظام الحاكم) ليحدد مدى جودته وهل هو يتوافق مع قيم وثقافة البلد وسياستها فيتم السماح بأستيراده أو عرضه، أو يخالفها فيمنع - أنا لا أقصد هناء المحتوى المخل بالحياء لأنه مرفوض كليا لدينا كمجتمع مسلم - أنا اقصد المحتوى السياسي أو الفكري والثقافي المتنوع المتداول بين الشعوب بدون قيود ولارقابة سواء عبر الشبكة العنكبوتية والاعلام الفضائي أو عبر القوى والتيارات السياسية والفكرية والجماعات الدينية ، والذي أصبح يوجه مباشرة إلى عقل المواطن فيتلقاه بالقبول أو الرفض ومعيار القبول والرفض هنا يتعلق بنوع ثقافة المتلقي وتوجهه الديني والثقافي والسياسي، يعني أن العلاقة بين المرسل والمستقبل لم تعد محكومة بقرار سياسي أو رقابي بقدر ماهي متاحة للمجتمع ككل، قد يتلقى العقل افكاراً جديدة فيقبل بها وتساهم في تشكيل وعيه وثقافته وهذا أمر طبيعي، وقد يعيش العقل حالة من الحيرة والتأمل والمقارنة بين مايفرض عليه من أفكار مقولبة وبين الأفكار المتاحة له من مصادر أخرى قبل إصداره قرار الرفض أو القبول، لأننا في مرحلة أصبح فيها المحتوى السياسي والفكري والثقافي يتشكل ويوجه خارج إطار السيطرة، فما بالنا بالتعاليم الدينية التي نشأت في مجتمعاتنا على أساس وحدة الأصل ، المتمثل في القرآن الكريم، والصحيح المتواتر من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وتنوع الفروع والمذاهب والروايات والأفهام والآراء وكذلك تعدد القوى والتيارات السياسية والفكرية ، وكل تيار له توجهه السياسي والثقافي وقناعاته.. في ظل هكذا تداخل فإنه لامفر من القبول بالآخر‮ ‬والتعايش‮ ‬معه‮ ‬لاستحالة‮ ‬تغيير‮ ‬قناعاته‮ ‬بسهولة،‮ ‬ولامجال‮ ‬لتخطئته‮ ..‬
ونحن‮ ‬نعلم‮ ‬أن‮ ‬اصل‮ ‬كل‮ ‬الخلافات‮ ‬والصراعات‮ ‬داخل‮ ‬المجتمعات‮ ‬منذ‮ ‬قرون‮ ‬مصدرها‮ ‬التباين‮ ‬المذهبي‮ ‬والفقهي‮ ‬واختلاف‮ ‬الآراء‮ ‬والتوجهات‮ ‬السياسية‮ ‬والفكرية‮ ..‬
وندرك تماماً أنه في مجتمعنا المعاصر، لم يعد التعايش يعني أن أترك لك مساحة للعيش بجسدك تحت إرادتي وتوجهي الديني والسياسي والفكري والثقافي دون أن يكون لك حضور ومساحة كافية للشراكة والتعبير عن آرائك وتوجهاتك، وأنا لم أعد المتحكم الوحيد في تشكيل وعيك وفكرك وثقافتك، فهنالك من يشاركني في ذلك، وربما أنه يمتلك أدوات احدث وأسرع انتشاراً، وأكثر تأثيراً سواء عبر الشبكة العنكبوتية والإعلام الفضائي، أو النشاط الحركي، وهنالك عقد اجتماعي يسمى الدستور يضمن للجميع حقوقاً متساوية، وحضوراً وفرصاً متساوية، ولامفر في هذه الحالة‮ ‬إما‮ ‬ان‮ ‬أتعايش‮ ‬وأحترم‮ ‬التعدد‮ ‬والتنوع‮ ‬،‮ ‬وإما‮ ‬أن‮ ‬أمضي‮ ‬تحت‮ ‬وهم‮ ‬النفوذ‮ ‬والقوة‮ ‬في‮ ‬مواجهة‮ ‬ستكون‮ ‬في‮ ‬النهاية‮ ‬خاسرة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63520.htm