الميثاق نت -

الأربعاء, 04-يناير-2023
أحمد‮ ‬العشاري -
الدين الاسلامي عقيدة وشريعة صالح لكل زمان ومكان كمنهج عقائدي ايماني تربوي أخلاقي ناظم للعلاقات ومحدد للعبادات والمعاملات والحقوق والحلال والحرام بالنص القرآني والقول والفعل النبوي ، ولم يكن شكل نظام ادارة وحكم سياسي محدد وثابت بصيغة تمثله كدين اوكجزء منه واجب التقيد والالتزام به .والحاكمية لله التي يتشدق بها الاسلام السياسي ويصر على أنها تتجسد به تعني الحاكمية لله فيما نص عليه من أحكام وأوامر ونواهي في القرأن وأوحى بها إلى نبيه وتطبيقها والالتزام بها نصاً وروحاً كمسؤولية فردية على المؤمنين ومن يحكمهم اياً كان هذا الحاكم سواء أكان فرداً ولاه الناس عليهم برضاهم ببيعة صحيحة أو مؤسسة وسلطة منتخبة أو أي مسمى ، وليس شرطاً أن يكون اسمه خليفة أو إماماً أو ولياً أو أمير المؤمنين فالتسمية لاتعني الإسلام وليست منه ولاتمثله، بدليل أن الخليفة كان يسمى خليفة المسلمين وكذلك الامام إمام المسلمين ، وأمير المؤمنين ولم يُقَل: خليفة الإسلام أو امير الدين الخ... والحاكمية كذلك تعني لله الحكم فيما قضاه وقدره وشاءه للعباد من خير وشر في حياتهم وسعيهم واجتهادهم بدليل قوله تعالى على لسان يعقوب :
»وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ علَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ« لم يغن عنهم من الله من شيء وانما الأخذ بالاسباب ولوكانت الحاكمية أيضاً تعني عدم الاجتهاد في سن التشريعات والنظم المحققة للعدل وإصلاح شؤون العباد والتقيد بما جاء في الكتاب والسنة فقط لانتفت المسؤولية الفردية وسقط الحساب والعقاب عن المكلفين بتحمل مسؤولية رعاية الناس وإصلاح شؤونهم، وكذلك الحياة تتوقف عند حدود الأحكام وتتوقف مسؤولية وعملية الاستخلاف في الأرض وبنائها وإعمارها وحركة التطوير والتعمير واكتشاف نواميس الكون التي سخرها الله لبني آدم واناط بهم اكتشافها والاستفادة منها، ولوكان الأمر كذلك لما قال الله في محكم كتابه:
»إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ- إنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا«، بهذا النص أمر عباده بأداء الامانات لأهلها والحكم بين الناس بالعدل اي ان يجتهدوا في أداء الامانات والحكم بالعدل وابتكار واستحداث الطرق والوسائل واتخاذ وتقرير الأحكام العادلة بين الناس في القضايا الكثيرة والكبيرة التي يعلمها وقضى بحدوثها في المستقبل وجعلها اساساً لابتلاء الناس بها ومن سيكون عادلاً وظالماً فيها ومن يستحق الثواب والعقاب.. ولوكان الحكم لله محصوراً في آيات الأحكام فقط لما انزل الله هذا النص واستبدله بنص أخر ، وقوله تعالى: »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون«، يشمل أيات الأحكام ومايوافق شرع الله ويحقق عدله من اجتهاد العباد ؛ ..من خلال كل ما تقدم ذكره يتضح جلياً أن الله لم يجعل نظام الادارة والحكم جزءاً من دينه او يحدد مواصفات له أو من يرأسه أو يضع معايير خاصة لشخص الحاكم غير التقوى والعدل وغيرها من المعايير التي تتوافر في كل فرد مسلم ؛ ولم يحدد جل في علاه ولانبيه او اي من انبيائه مسمى معيناً بدليل اختلاف ألقاب وصفات من حكموا وشكل وطرق واساليب حكمهم قبل البعثة المحمدية وبعدها . الأمر متروك للبشر في اختيار شكل الانظمة المناسبة أحكامهم وإدارة شؤونهم وطرق واساليب اختيار وعزل من يحكمهم وبأي الوسائل التي لا تتجاوز قاعدة بيعة الناس الشرعية الصحيحة المعبرة عن قناعتهم ورضاهم ، وعدم الإخلال والتخلي عن مبدأ الشورى والذي يتجسد في النظام الديمقراطي الحديث وحكم المؤسسات وصناديق الانتخابات والتشارك في اتخاذ القرارات والتعدد والتنافس السياسي وتعدد الخيارات أمام المواطن بمايتيح له اختيار ومبايعة الافضل والعمل بشرع الله الموجب للفصل بين الأحكام ومن يحكم والعبرة في تطبيق الاحكام الشرعية والحكم بالعدل وإعمار الأرض وإصلاح أحوال الناس حيث يتجسد بهذا شرع الله وعدله وإياً كان اسم وجنس ولقب ونوع الحاكم ومعتقده .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:24 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63530.htm