الميثاق نت -

الخميس, 05-يناير-2023
كتب‮ / ‬راسل‮ ‬القرشي‬‬ -
يُعد المناضل الوطني الشهيد جار الله عمر واحداً من القيادات السياسية الوطنية الاستثنائية التي كان لها دور بارز في انضاج الحياة السياسية وتأصيل التجربة الديمقراطية في ظل دولة الوحدة وتعزيز قيم الحوار بين مختلف القوى السياسية في الساحة الوطنية.



تميز بأفكاره السياسية المستنيرة الرافضة للفرقة والشتات والبعيدة عن التعصب والتطرف، كما كان أكثر إيماناً - عن غيره من السياسيين لا سيما في إطار احزاب اللقاء المشترك - بحرية الكلمة وأمانة المسؤولية وترسيخ السلام الاجتماعي بين أبناء الشعب.



اجتمعت في شخصية المناضل الوطني جار الله عمر كل القيم الإنسانية الحية المحبة للتعايش والسلام ؛ المؤمنة بأن الاختلاف السياسي في أي مجتمع من المجتمعات يمثل صورة طبيعية ،تؤكد نضج الوعي مادام وأن الاختلاف قد يتم تجاوزه إن آمن الجميع بالحوار ومعناه الأسمى وأهميته‮ ‬في‮ ‬تجاوز‮ ‬كل‮ ‬الاشكالات‮ ‬الواقعة‮ ‬والمتوقعة‮ ‬وخاصة‮ ‬في‮ ‬المجال‮ ‬السياسي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



عشرون عاماً مرت على اغتيال هذه القامة السياسية الوطنية التي اغتالتها أيادى التطرف بدم بارد نهاية ديسمبر 2002م وفي مؤتمر عام لحزب التجمع اليمني للإصلاح ، افتقدنا معها هذه القامة السياسية التي كانت سترفض كلياً ما ذهبت إليه الشخصيات السياسية المتطرفة داخل أحزاب‮ ‬اللقاء‮ ‬المشترك‮ ‬التي‮ ‬تُعد‮ ‬سبباً‮ ‬رئيسياً‮ ‬فيما‮ ‬نعيشه‮ ‬اليوم‮ ‬وما‮ ‬آل‮ ‬إليه‮ ‬الوطن‮ ‬على‮ ‬كافة‮ ‬المستويات‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



منذ‮ ‬اغتياله‮ ‬انحرف‮ ‬اللقاء‮ ‬المشترك‮ ‬عن‮ ‬المسار‮ ‬الوطني‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يحافظ‮ ‬عليه‮ ‬الشهيد‮ ‬جار‮ ‬الله‮ ‬عمر‮ ‬ويؤكد‮ ‬عليه‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬لقاءاته‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



لقد مثل رحيله خسارة وطنية على الساحة السياسية ؛بعد حضور وطني كبير في مختلف مراحل الثورة والوحدة سجل خلالها مواقف وطنية شجاعة ،وترك فراغاً كبيراً في إطار العمل السياسي وعلى وجه الخصوص داخل أحزاب المشترك التي تدحرجت كلياً في توجهاتها وخططها حتى أصبح التطرف هو‮ ‬نهجها‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يحسبوا‮ ‬لذلك‮ ‬أي‮ ‬حساب‮.!!‬‬‬‬‬‬‬‬‬



وهنا‮ ‬نضعكم‮ ‬أمام‮ ‬مقتطفات‮ ‬من‮ ‬حياة‮ ‬الشهيد‮ ‬جار‮ ‬الله‮ ‬عمر‮ ‬الذي‮ ‬يتذكره‮ ‬اليمنيون‮ ‬كمرجع‮ ‬للسلام‮ ‬والديمقراطية‮ : ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬وُلد‮ ‬جار‮ ‬الله‮ ‬عمر‮ ‬عام‮ ‬1942م‮ ‬في‮ ‬قرية‮ ‬كهال‮ ‬عمار،‮ ‬مديرية‮ ‬النادرة‮ ‬بمحافظة‮ ‬إب‮ . ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮-‬فقد‮ ‬أباه‮ ‬مبكراً‮ ‬وعمره‮ ‬لم‮ ‬يتجاوز‮ ‬الـ‮ ‬6‮ ‬أشهر‮ ‬نتيجة‮ ‬إصابته‮ ‬بداء‮ ‬مفاجئ‮ . ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬بدأ‮ ‬تعليمه‮ ‬في‮ ‬كُتَّاب‮ ‬القرية‮ "‬المعلامة‮"‬،‮ ‬ثم‮ ‬انتقل‮ ‬إلى‮ ‬ذمار‮ ‬للدراسة‮ ‬في‮ ‬المدرسة‮ ‬الشمسية‮ ‬وهو‮ ‬في‮ ‬سن‮ ‬16‮ ‬عاماً‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬انتقل‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬إلى‮ ‬صنعاء‮ ‬للالتحاق‮ ‬بالمدرسة‮ ‬العلمية،‮ ‬حيث‮ ‬أتاح‮ ‬له‮ ‬المناخ‮ ‬الجديد‮ ‬تلقي‮ ‬المزيد‮ ‬من‮ ‬العلوم‮ ‬على‮ ‬يد‮ ‬أساتذة‮ ‬أجلاء،‮ ‬كتعلمه‮ ‬مادة‮ ‬الأدب‮ ‬على‮ ‬يد‮ ‬الشاعر‮ ‬عبدالله‮ ‬البردوني‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬أقام‮ ‬علاقات‮ ‬واسعة‮ ‬مع‮ ‬قيادة‮ ‬الحركة‮ ‬الطلابية،‮ ‬وشارك‮ ‬بفعالية‮ ‬في‮ ‬التظاهرات‮ ‬التي‮ ‬سبقت‮ ‬قيام‮ ‬ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬بعد‮ ‬قيام‮ ‬الثورة،‮ ‬التحق‮ ‬جار‮ ‬الله‮ ‬بصفوف‮ ‬حركة‮ ‬القوميين‮ ‬العرب‮ ‬وكان‮ ‬ضمن‮ ‬المؤسسين‮ ‬لاتحاد‮ ‬الطلبة،‮ ‬وهو‮ ‬أول‮ ‬اتحاد‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬الجمهورية‮ ‬الوليدة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬في‮ ‬عام‮ ‬1963م‮ ‬التحق‮ ‬بكلية‮ ‬الشرطة،‮ ‬وعُيِّن‮ ‬مدرساً‮ ‬فيها‮ ‬عقب‮ ‬تخرجه‮ ‬وشارك‮ ‬في‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬الجمهورية‮ ‬أثناء‮ ‬حصار‮ ‬السبعين‮ ‬يوماً‮ .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬في‮ ‬عام‮ ‬1968م‮ ‬قام‮ ‬هو‮ ‬وبعض‮ ‬رفاقه‮ ‬بتأسيس‮ ‬الحزب‮ ‬الديمقراطي‮ ‬الثوري‮ ‬كتنظيم‮ ‬يجمع‮ ‬القوى‮ ‬الجديدة‮ ‬إبان‮ ‬الصراع‮ ‬مع‮ ‬القوى‮ ‬التقليدية‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬أعتقل‮ ‬جار‮ ‬الله‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬في‮ ‬أحداث‮ ‬23‮ ‬و24‮ ‬أغسطس‮ ‬1968م،‮ ‬حين‮ ‬تمكنت‮ ‬القوى‮ ‬التقليدية‮ ‬من‮ ‬حسم‮ ‬الصراع‮ ‬السياسي‮ ‬لصالحها‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬لجوئها‮ ‬إلى‮ ‬العنف‮ . ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬بعد‮ ‬خروجه‮ ‬من‮ ‬السجن‮ ‬غادر‮ ‬إلى‮ ‬عدن‮ ‬عام‮ ‬1971م‮ ‬نتيجة‮ ‬المطاردات‮ ‬التي‮ ‬تعرض‮ ‬لها‮ ‬واستقر‮ ‬فيها‮ ‬لفترة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬اُنتخب‮ ‬عضواً‮ ‬في‮ ‬المكتب‮ ‬السياسي‮ ‬للحزب‮ ‬الديمقراطي‮ ‬الثوري‮ ‬اليمني‮ ‬عام‮ ‬1972م‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



- كان عمر من مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمره التأسيسي الأول في 14 أكتوبر 1978م وعضواً في المكتب السياسي للحزب ومسئولاً أولاً عن نشاط الحزب في الشطر الشمالي آنذاك تحت مسمى (حزب الوحدة الشعبية).



- عاصر وشارك جار الله عمر في كل الفعاليات السياسية التي مهدت للوحدة، ويُعد من أبرز السياسيين الذين دعوا إلى انتهاج الخيار الديمقراطي في ظل الوحدة باعتبار هذا الخيار هو الضامن الأساسي لبقاء الوحدة وتجذُّرها، واعتبار ألا قيمة فعلية لمعنى الوحدة في غياب الديمقراطية‮ ‬والشراكة‮ ‬الحقيقية‮. ‬‬‬‬



‮- ‬عُين‮ ‬عضواً‮ ‬في‮ ‬المجلس‮ ‬الاستشاري‮ ‬الذي‮ ‬تلى‮ ‬قيام‮ ‬دولة‮ ‬الوحدة‮ ‬عام‮ ‬1990م‮ ‬،‮ ‬كما‮ ‬كان‮ ‬من‮ ‬أبرز‮ ‬الشخصيات‮ ‬السياسية‮ ‬التي‮ ‬شاركت‮ ‬في‮ ‬الحوارات‮ ‬السياسية‮ ‬خلال‮ ‬الفترة‮ ‬الانتقالية‮ ‬1990‮- ‬1993م‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬عُين‮ ‬وزيراً‮ ‬للثقافة‮ ‬والسياحة‮ ‬عام‮ ‬1993م‮ ‬ويُعد‮ ‬من‮ ‬أهم‮ ‬الشخصيات‮ ‬الحوارية‮ ‬التي‮ ‬حاولت‮ ‬منع‮ ‬حرب‮ ‬صيف‮ ‬1994م‮ ‬وكان‮ ‬من‮ ‬أكثر‮ ‬السياسيين‮ ‬رفضاً‮ ‬ومناهضة‮ ‬لخيار‮ ‬الحرب‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬ساهم‮ ‬في‮ ‬إعادة‮ ‬بناء‮ ‬الحزب‮ ‬الاشتراكي‮ ‬اليمني‮ ‬بعد‮ ‬الحرب‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬موقعه‮ ‬كعضو‮ ‬في‮ ‬المكتب‮ ‬السياسي‮ ‬ومسئول‮ ‬عن‮ ‬الدائرة‮ ‬السياسية‮ ‬للحزب‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬أقام‮ ‬حوارات‮ ‬عدة‮ ‬مع‮ ‬الأحزاب‮ ‬السياسية‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬ترسيخ‮ ‬العملية‮ ‬الديمقراطية‮ ‬وإزالة‮ ‬آثار‮ ‬الحرب‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



‮- ‬قادت‮ ‬حواراته‮ ‬إلى‮ ‬تأسيس‮ ‬مجلس‮ ‬التنسيق‮ ‬الأعلى‮ ‬للمعارضة‮ ‬وتالياً‮ ‬اللقاء‮ ‬المشترك‮ ‬كمكون‮ ‬يضم‮ ‬أحزاب‮ ‬المعارضة‮ ‬في‮ ‬البلد‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬



هذا هو الشهيد جار الله عمر رحمة الله عليه الذي سيظل برصيده الوطني مثالاً حياً لمعرفة المزيد من صفات الوفاء للوطن ونبل الأهداف والقيم السياسية والإنسانية الصادقة المعبرة عن عشق الحرية والشراكة والتعايش والسلام.







تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63540.htm