الميثاق نت -

الإثنين, 06-فبراير-2023
طه‮ ‬العامري -
كشفت الأحداث التي تفجرت عام 2011 م عن أزمة وجودية وأزمة هوية وانتماء كنا نعيشها ونحاول تغافلها على أمل أن نصل ذات يوم إلى مراسي الاستقرار، ولكن كما خابت أحلامنا بالتغير خاب أملنا بالوصول إلى مراسي الاستقرار، وادركنا من واقع الأزمة أننا كنا نعيش كسلطة وفعاليات ونخب ومجتمع في كنف الرعاية الوجاهية وتوافق الرموز السياسية الفاعلة، التي أدى خلافها وتنازعها على المصالح والسيطرة والنفوذ إلى انهيار كلي لمنظومة السلطة ومؤسساتها السيادية، ومعهم انهارت منظومة القيم الاجتماعية، لنتفاجأ على إثر ذلك بنضوح خطاب سياسي وثقافي واجتماعي حافل بالمفردات الدخيلة ويعبر عن نوازع طائفية ومناطقية ومذهبية وقبلية رافق صراع الترويكا النافذة التي شكلت بأحبارها أطياف المرحلة السابقة للأزمة، ثم وفي لحظة تيقنها أنها أمام أزمة جديدة وغير مسبوقة وأن من الصعب تداركها أو السيطرة على ظواهرها راح أطراف هذه الترويكا كلاً باتجاه وكلاً يبحث عن طوق النجاة لذاته بمعزل عن بقية شركائه، فيما آخرون كانوا في مواجهة تلك الترويكا راحوا بدورهم يبحثون بين غبار الأزمة عن مصالحهم بدوافع لا تخلو من الرغبة في الانتقام من رموز تلك الترويكا التي سيطرت على شئون السلطة‮ ‬والوطن‮ ‬لعقود‮..!! ‬
وعلى قاعدة (المقدمات تدل على النتائج) فقد برزت أزمة 2011م بمقدمات تجسد من ناحية حقيقة الاحتقانات السياسية المتراكمة في الوعي الجمعي، ومن الأخرى تعبر عن حالة (الانحطاط) التي حملها الخطاب السياسي لأطراف الصراع ومن ثم ذهاب كل طرف يرسخ في وجدان وذاكرة أتباعه مفردات‮ ‬الحقد‮ ‬والكراهية‮ ‬وثقافة‮ ‬إلغاء‮ ‬الآخر‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يغفل‮ ‬كل‮ ‬طرف‮ ‬فكرة‮ ‬إظهار‮ ‬نفسه‮ ‬بمظهر‮ (‬القديس‮ ‬المنقذ‮ ‬للوطن‮ ‬والشعب‮) ‬و‮(‬شيطنة‮) ‬كل‮ ‬ما‮ ‬دونه‮ ‬وتحميلهم‮ ‬وزر‮ ‬كل‮ ‬المؤبقات‮ ..‬؟‮! ‬
وفي مشهد سفسطائي لا يخلو من الدراما الكوميدية وفيما كان (الشباب) في الساحات يرفعون شعار (إسقاط النظام) هرولت النخب السياسية والحزبية لتلتحق بشباب الساحات ومن ثم السيطرة عليها، لترفع بدورها شعار إسقاط النظام مع انها هي كأحزاب معارضة تعد جزءاً من النظام لأن النظام يتكون من (السلطة والمعارضة) ولم يتوقف الأمر هنا بل تفاعلت الأزمة وأدت إلى (انشقاق النظام) فذهب الجناح المنشق والذي يعد أسوأ ما في النظام ليلتحق بدوره بالساحات بزعم حماية الشباب من بطش باقي مكونات السلطة أو النظام المفترض، لم يتوقف الأمر هنا بل أدى انشقاق‮ ‬رموز‮ ‬السلطة‮ ‬إلى‮ ‬انشقاق‮ (‬القبيلة‮) ‬بصورة‮ ‬غير‮ ‬مسبوقة‮ ‬في‮ ‬تاريخ‮ ‬الصراعات‮ ‬المتجددة‮ ‬على‮ ‬السلطة‮ ‬والثروة‮ ‬والنفوذ‮..‬؟‮! ‬
كانت (تعز) كما عهدها التاريخ الوطني دوماً هي أيقونة الثورة والتحولات والمبادرة في صناعة المتغيرات الوطنية والمساهم الأكبر في كل الأحداث الوطنية وكان شبابها ورجالها هم وقود هذه الأزمة ومن (صعدة إلى المهرة ومن كمران حتى سقطري) كان غالبية الشباب الذين تساقطوا‮ ‬خلال‮ ‬تلك‮ ‬الأزمة‮ ‬ينتمون‮ ‬لتعز‮.. ‬
ولم يكون أبناء (تعز) يحملون بخروجهم وحماسهم للتغيير نوازع طائفية أو مناطقية أو مذهبية بل كانوا يحلمون بالتغيير وبدولة المواطنة بعد عقود من القهر وغياب العدالة والإنصاف وانعدام مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، ولكن وكما تبخرت أحلامهم في الثورة والجمهورية تبخرت أيضاً أحلامهم بالتغيير السلمي الذي تطلعوا إليه من خلال أزمة 2011م التي انقلبت بؤساً وقهراً ورعباً على (تعز) وأبنائها الذين يدفعون اليوم ثمن رغبتهم في التغيير وإحداث التحولات لمصلحة كل الوطن دون استثناء..
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 09:45 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63717.htm