استطلاع / عبدالرحمن الشيباني - الحرب القائمة منذ سنوات دمَّرت الفئات المجتمعية محدودة الدخل
التحويلات مصدر رئيسي للنقد الأجنبي والدخل القومي وحجزها يحد من القدرة الشرائية للمجتمع
مطالبات شعبية بتحرُّك الجهات المختصة ضد المتورطين في جرائم أموال عامة
شبهات غسيل أموال ومضاربات وفساد يهدد الأمن القومي للبلاد
أثارت الحوالات المنسية لدى شركات الصرافة في الآونة الأخيرة جدلا واسعا في الشارع اليمنى ، بعد أن كشف الخبير في الأمن السيبراني المهندس أحمد العليمي الغطاء عن سرقة المليارات من تحويلات المواطنين والتجار على حد سواء من قبل احدى شركات الصرافة المعروفة اثر خلاف نشب بينهما وهو ما أدى بها للمسارعة في الكشف عن حوالات منسية متأخرة لمواطنين..
هذه الحوالات ظلت لسنوات مخفية لم يستلمها أصحابها ولم يتم اشعارهم بها من قبل القائمين على شركات الصرافة دون معرفة الأسباب التي دفعتهم إلى هذا الفعل ، وبعد ان تم الكشف عن هذه الاموال المهولة والتي تقدر بالمليارات ، تعالت الأصوات تطالب شركات الصرافة بالكشف عن الاموال لديها.. تساقطت حينها قطع الدومينو ، وقالت هذه الشركات إنها ستنشر تباعا أسماء المستفيدين من الحوالات والتواصل مع أصحابها وإبلاغهم، مع نشر أرقام هواتف للاستعلام عنها، وهو ما اعتبره ناشطون بأنه تحايل آخر وهروب من الإفصاح عن حجم الحوالات وإعطاء المواطنين حقوقهم خصوصا وأن هناك من يشترط اسم المرسل والمبلغ المحول وغيرها من التعقيدات..
وفوق كل هذا يعتمد الصرافون عدم إبلاغ المستفيدين بحوالاتهم، ولا يبلغون المرسل بأن حوالته لم تُستلم.
إحدى الشركات اخترعت لها نظاما معقدا في وجه المستفيدين من الحوالات المتروكة غير ما هو عند الصرافات والمصارف الأخرى؛ توقع على طلب، ثم توقع على استلام وتبصم، وبعد انتظار يقولون لك هذه ليست حوالتك !! فلماذا إذاً يطلبون من المستفيد التوقيع والبصم وما الغرض من ذلك ؟! ...ما الذي يجري ؟ ومن يحمي هؤلاء؟!
هذا الأمر زاد الطين بلة ويهدف إلى عدم تمكين المواطن من أمواله والذين يتساءلون أين دور البنك المركزي اليمني من كل هذا وما هي اجراءاته في هذا الشأن؟!.
الأمر العجيب والمريب في نفس الوقت أن تستولي هذه الشركات على المليارات، وتسكت عنها الأجهزة الرقابية والمحاسبية.!! ويضع أكثر من علامة استفهام..
أموال مسروقة
اقتصاديون وصفوا لـ"الميثاق" ان ما حدث هو كارثة اقتصادية كبرى خسرت فيها البلد الكثير مما كان سيحدث من استثمار هذه الأموال.
كما حرم الناس من الاستفادة من أموالهم، وإفادة الوطن منها، معتبرين إياها بأنها "حرب لا تقل عن الحرب العسكرية التي يشنها العدوان على الوطن..
وقالوا: طالما البلد في حالة حرب يجب أن يقوم البنك المركزي بالتفتيش على هذه الصرافات والمصارف لمعرفة كيف تضخمت أموال هذه المصارف والصرافات خلال سنوات ؟! معتبرين أن هذه الأموال "مسروقة عمداً من أصحابها الذين حُرموا من الانتفاع بها طوال سنوات ،وحُرم الاقتصاد الوطني الذي كان سيُرفد بها، كما نبهوا من خطورة هذه الشركات وتحكمها بالسوق المصرفي (المالي) بعد أن تم تعطيل دور البنوك..
»الميثاق« سألت بعض مالكي الصرافة عن مصير هذه الاموال إلا أنها لم تتلقَ رداً حتى كتابة هذه المادة واكتفى أحد الموظفين بالقول إن هناك شركات قد انزلت أسماء المستفيدين وهواتفهم لكي يتم إعادتها، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن تكون هناك حوالات خاملة..
إدارة المضاربات
حمّل أحد المحللين الاقتصاديين -طلب عدم ذكر اسمه- السلطات في صنعاء وعدن مسؤولية ما يحصل معتبرا انهما مقصران بشكل كبير جدا إزاء هذه المسألة كونهما تنظران لحقوق الناس بنظرة واحدة فيما يخص تغييب حوالاتهم..
وأردف قائلاً " هذه الشراكة بطبيعتها المتجاوزة لجغرافيا الحرب تجمع بين سياسيي ما يسمى بالشرعية وسلطة صنعاء وإلا لما قبل مركزي عدن التعامل مع صيارفة ترتبط بمنشئها وسلطتها مع صيارفة مستحدثة وتعود بشراكاتها مع سلطة صنعاء،والعكس صحيح ايضا وان كانت متأسسة من سنوات سابقة..
وأضاف: أن الحرب القائمة منذ سنوات إنما هي حرب تدميرية للفئات المجتمعية محدودة الدخل وضاربة للاقتصاد الوطني والعملة، ولا تتأثر فيها المؤسسات المالية باعتبارها مؤسسات افراد تجمعهم السياسة والتجارة وهذه الآلية المتحالفة عند منابت الاقتصاد والاوعية المالية وخطوط التجارة تحيد تماما من عمليات التقطع او فرض العقوبات لاطراف الصراع ضد بعضها كعلامة حقيقية تناقض الشراكة والتربح المشترك..
ثقة مفقودة
د.أحمد حجر قال : إن هذا الأمر يؤدي إلى تضخيم المشكلة أكبر ويمنع من إجراءات اقتصادية صارمة لوقف هذا التحايل.. مشيرا إلى أن هذا يؤدي إلى زعزعة الثقة بالجهاز المصرفي فيحاول المجتمع الحد من التعامل مع الجهاز المصرفي سواء من حيث ايداع امواله لدى البنوك وشركات الصرافه او الاقتراض او سداد قيمة الصفقات التجارية او المعاملات المالية ونحوها وهذا مايحد من نشاطها وبالتالي مستوى ارباحها".
وتابع حجر بالقول :" كما ان ذلك يحد من ثقة مراسليها في الخارج ما يزيد من قيود نشاطها في المعاملات الخارجية وبالتالي التأثير ليس على نشاطها فحسب بل وعلى الاقتصاد القومي خاصة والتحويلات تمثل مصدراً رئيسياً للنقد الاجنبي والدخل القومي كما ان حجز هذه الموارد يحد من القدرة الشرائية للمجتمع وبالتالي على حوافز المنتجين لزيادة انتاجهم ،كما ان الصرافين يمكن أن يستثمروا هذه الموارد وتحقيق ارباح بدون وجه حق، والجهة المختصة بموجب القوانين النافذة البنك المركزي بدرجة اساسية وجمعية الصرافين والمحاسبين القانونيين الذين يتسترون على هذه الاخطاء عند مراجعة موازنات شركات الصرافة..
تعميم دوري
خالد العراسي دافع عن البنك المركزي اليمني بصنعاء وقال إن البنك قام بإصدار قرار وتم تعميمه على شبكات الصرافة في العام 2021م بشأن الحولات الميتة وأصبح دورياً يتم إرسال تقرير سنوي اليه بشأن هذه الحوالات بضرورة تنبيه العملاء..
في عام ٢٠٢١م التفت البنك المركزي اليمني لموضوع الحوالات الميتة وتم اتخاذ قرارات بالرفع باسم المرسل والمستلم للحوالات بشكل اسبوعي وكذلك رفع تقرير وما يثبت المتابعة كما أن البنك في العام نفسه اتخذ قرارات ممتازة ومنها على سبيل المثال التعميم الذي اصبح دورياً ويتم ارساله سنوياً الى كل شركات الصرافة بضرورة متابعة وتنبيه العملاء (المرسل والمستلم للحوالات) بشكل اسبوعي وكذلك رفع تقرير وما يثبت المتابعة وما إلى ذلك..
تغطية الفضيحة
وفي العام ٢٠٢٢م اتخذ البنك المركزي قراراً بتوريد الحوالات الميتة الى حسابات بنكية خاصة وكان هذا القرار بمثابة صاعقة بالنسبة لشركات الصرافة وبالذات الشركات التي تملك شبكات تحويل ،ولكم ان تتخيلوا ان الكثير من هذه الشركات اشترت عقارات بالمليارات وها هم اليوم يعرضونها للبيع لتغطية صرف حقوق الناس وتغطية الفضيحة..
واضاف العراسي : انه في نوفمبر ٢٠٢٢م تم تنفيذ القرار وتوردت الحوالات الميتة الى حسابات بنكية لكن كان هناك قصور فلم يلتزم الجميع بالتنفيذ..
واردف قائلاً: " قبل وبعد هذا التاريخ كانت ولا تزال متابعة البنك سارية وجارية إلا ان هناك شيئاً من التراخي والتهاون في قطاع الرقابة على البنوك ولم يكن نائب محافظ البنك المركزي على قدر عالٍ من المسؤولية الملقاة على عاتقه رغم انه كان ولا يزال قائماً بأعمال المحافظ وسيادة المحافظ في قمة انشغاله بالملف المالي والمفاوضات والمرتبات وامور مهمة جداً لا يجب ان ينشغل بغيرها..
استحواذ وتلاعب
كل ذلك حذا بأوساط حقوقية وقانونية ومحاسبية وصحفية ومجتمعية وشعبية واسعة بمطالبة قيادة الدولة والحكومة والقضاء في صنعاء وعدن بالتحرك السريع والعاجل وفقاً لما خول لهم الدستور والقوانين النافذة من إجراءات حجز ووضع يد على أموال وممتلكات شركات الصرافة والخدمات والحوالات المصرفية التي انكشف تورطها في الاستحواذ والتلاعب ونهب المليارات من الريالات اليمنية والعملات الاجنبية من الحوالات التابعة لمئات الآلاف من المواطنين وعلى مدار سنوات وبالتحقيق والمحاكمة العاجلة مع مالكي واصحاب تلك الشركات المتورطين في جرائم اموال عامة وشبهات غسيل اموال ومضاربات وفساد يهدد الامن الوطني للدولة والامن القومي للشعب اليمني..
|