استطلاع/ نادية صالح - د. البريهي: المجتمع يشعر بقيمة المرأة ككيان فاعل داخل الأسرة وفي ميدان العمل
القاسمي: المرأة انتزعت حقوقها في سوق العمل وألغت النظرة الدونية لها
سعيد: المرأة مازلت بحاجة الى المعرفة والتعليم الجيد
ظلّت كثير من الأعمال في اليمن خاصة بالرجل لا تستطع المرأة الاقتراب منها أو ممارستها لعقود كثيرة، وذلك لأسباب عائدة للعُرف والعادات والتقاليد، لكن الوضع تغيّر منذ بداية العدوان على اليمن في مارس 2015م فقد دفعت الظروف بكثير من النساء إلى سوق العمل دون اكتراث لأي من العادات المحدِّدة للصورة النمطية لأدوار المرأة في المجتمع.
وتحملت المرأة اليمنية كثيراً من الأعباء والمسؤوليات نتيجة الاوضاع المأساوية التي افرزها العدوان والحصار، واستطاعت المرأة اليمنية اقتحام كثير من المجالات، وتغيرت لدى البعض -لدرجةٍ ما- النظرة المجتمعية للمرأة، والبعض الآخر لا زال يتعامل بتلك الصورة النمطية الدونية التي تعترف بقدرات المرأة وكفاءتها.
»الميثاق« استطلعت آراء عدداً من القيادات والصحفيات والناشطات، حيث تحدثت د. أحلام البريهي- وكيل وزارة الشباب والرياضة لقطاع التخطيط -قائلة: منذ بدء العدوان وما انتهجه من سياسة التجويع من خلال فرض الحصار ومنع صرف الرواتب وما نتج عن ذلك من إضعاف للمنظومة الاقتصادية في الدولة وفي القطاع الخاص وادى الى تسريح الكثير من الموظفين وادى أيضاً لغياب رب الاسرة وذهابه للجهاد في جبهات الشرف، ففرض الواقع على المرأة ان تتحمل مسئولية اعالة الاسرة او المساهمة في ذلك، وتحسين المستوى الاقتصادي للاسرة لتستطيع القيام بواجباتها في تلبية متطلبات العيش وتوفير العلاج لكبار الاسرة غير القادرين على العمل وكذا توفير متطلبات التعليم للابناء معلنةً التحدي لكافة الصعاب والعراقيل فالتحقت بأعمال اخرى بالاضافة لوظيفتها الاساسية في البيت والاهتمام بشؤن الاسرة.
واضافت: عملت المرأة اليمنية خارج المنزل كموظفة في الدولة كان واجباً عليها اسناد بقاء رمزية الدولة والمؤسسات وعملت ذلك دون راتب. واضطرت لايجاد اعمال اخرى تدر الدخل لتلبي احتياجات اسرتها و سواءً أكانت المرآة موظفة من سابق او كانت ربة بيت فأغلب النساء اضطررن للعمل لاجل الاسرة فالبعض عملن مشاريع صغيرة. كالمخابز وصناعة الحلويات والخياطة والتطريز وصناعة البخور والعطور والاكسسوارات والمشغولات اليدوية ومراكز التجميل وفي الحقول وفي الزراعة وكذا العمل في التسويق الالكتروني وفي كل ما من شانه ان يكون عملاً شريفاً تستطيع من خلاله ان تعيل اسرتها وتوفر متطلبات الحياة، فأثبتت غالبية النساء ايجابية دورهن ونجاحهن في تحسين دخل الاسرة والمساهمة الفاعلة في اعالة اهاليهن.. فيما البعض اصبحن رائدات في مشاريعهن الصغيرة ، ورغم نقص الدعم المادي وعدم امتلاكهن المال الكافي لتطوير مشاريعهن الصغيرة وبعضهن عدم امتلاك رأس مال من الاساس ليجعلها تقيم مشروعاً بسيطاً تعيل منه اسرتها لكن ذلك لم يمنعها لتعمل سواءً بالمشاركة مع رفيقاتها او لدى من تستطيع وحيثما يتوفر العمل وتمارس ذلك بفخر وابدع في اعمالها ،، وفيما يعتبر هذا الدور امتداداً متطوراً لما كان عليه دور المرأة في الاسرة الريفية اليمنية التي غالباً ماكانت تشارك الرجل في الزراعة وتربية الحيوانات وصناعة الجبن والالبان والحصاد وطحن الحبوب وفي حفظ الطعام والادخار وادارة استهلاك الطعام والحبوب من مواسم الامطار والاحتفاظ به طول فترة الشتاء وعدم نزول الامطار حتى موسم الزراعة والحصاد القادم..
واشارت البريهي الى ماقامت به المرأة من دعم واسناد للاسرة وتحسين الدخل والمساهمة الحقيقية في توفير متطلبات العيش خلال هذة المرحلة القاسية التي مر بها الوطن والتي انعكست نتائجها على الاسرة جعل المجتمع يشعر بقيمتها ككيان فاعل داخل الاسرة ويشعر بعظمة دورها في التخفيف من معاناة الاسرة وبعد ان كان الرجل والمجتمع اجمالاً ينظرون ان اعالة الاسرة هو واجب الرجل اصبحوا يؤمنون ايضا بأن المرآة قادرة على وضع المفارقات وتحسين الوضع المعيشي لاسرتها وأنه يمكن الاعتماد عليها، وباتت جزءاً من التنمية المجتمعية وشريكاً فاعلاً في رفع الاقتصاد على مستوى الاسرة او المجتمع. وانه يمكن الاستفادة من جهودها اكثر من ذلك. حيث ان جهودها تثمر فعلياً في نقل مستوى الاسرة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وفكرياً وان جهودها في العمل سيسهم في اخراج مجمتع منتج. ومتثقف بثقافة الانتاج والعمل والعطاء والبناء والاستقرار، وايضا يعطي الدولة والقطاع الخاص انطباعاً جديداً عن المرأة ودورها الفاعل في بناء المجتمع وبالتالي رسم سياسات جديدة لتفعيل دورها اكثر وتوفير الجمعيات والتعاونيات والقطاعات المتعددة التي تستوعبها للعمل وتعتبرها ركيزة اساسية من ركائز الاقتصاد وركائز النمو المجتمعي والتمنية المستديمة.
ولفتت د. احلام البريهي الى ان المرأة اليمنية انتصرت لحقها في الحصول على المهنة والعمل والتمكين الاقتصادي والشراكة الحقيقية في البناء المجتمعي وفي عملية التمنية الشاملة وارساء البناء والاستقرار والازدهار لنفسها واسرتها وللوطن عموما وتحصلت على القيمة المجتمعية والفخر بالذات.
من جهتها قالت الأديبة والصحفية اليمنية ابتسام القاسمي إن اقتحام المرأة اليمنية سوق العمل يخضع لعاملين.. الأول المرأة نفسها، فهناك من النساء من ساعدها هذا في الثقة بنفسها ورفع شعورها بالاستحقاق وساعدها على فرض احترامها وانتزاع حقوقها بكونها هي من يعيل لا من يعال.. وأنها لم تعد تكترث بمن يحاول فرض رأيه عليها من منطلق المثل الشعبي القائل »ما عيقطعش الصرفة«.
وهناك - للأسف - من نشأت على إحساسها بالدونية وزادها هذا ضغطاً على ضغط وجعل ممن حولها يبتزونها عاطفياً ومادياً تحت تهديد (أو بدأتي تشوفي نفسك علينا أو: احترمينا أكثر وإلا ممنوع العمل وموتي جوع معانا!)..
وهي بهذا تضطر للخنوع أكثر من غيرها والمسايرة وتحميل نفسها فوق طاقتها فقط لتثبت لهم أنها لم تتكبر ولم تتغير ولم تخرج عن طاعتها لهم.. وكي لا تُمنع من العمل وتعيش الحاجة والذل..!
أما العامل الثاني فهو البيئة التي نشأت فيها، فالمرأة التي تنشأ في مجتمع يحترمها ويقدر نجاحاتها كلما نجحت أكثر وتحملت مسؤولية أكثر تكون قادرة على أخذ حقوقها بل ومساعدة النساء الأخريات على أخذ حقوقهن أيضا..
أما التي بيئتها ذكورية فسنجد النساء قبل الرجال يبذلن أقصى جهدهن لكسرها والتقليل من شأنها كي لا تفكر أنها بهذا صارت تكافئ الرجال .. وتكرار فكرة (انتي إلا مرة) لتعزيز النظرة الدونية داخلها بل ربما يهزون ثقتها بنفسها بعبارات مثل (ماعد بش فيش انوثة من كثر مزاحمة الرجال. ماعد بش فيش قبلة من كثر العلم! لو تطلعي كما طلعتي مابش لش قيمة إلا برجَّال يشكمش!)، وغيرها من العبارات والأمثال الذكورية المنحطة التي يتم بها تكسير النساء من الداخل.
الناشطة النسوية ابتهال سعيد ترى أن دخول المرأة اليمنية سوق العمل ليس وليد هذه اللحظة بل كان دخولها سوق العمل في السابق اختيارياً والوضع الراهن اجبرها على اقتحام سوق العمل والمنافسة فيه.
واضافت: باعتقادي أن الحديث عن تغيير النظرة السلبية تجاه عمل المرأة مبكر إذ علينا انتظار انتهاء الحرب وصرف رواتب الموظفين حتى نعرف هل فعلاً تغيرت هذه النظرة السلبية أم أن بزوال هذه الاسباب يصبح عمل المرأة مجرماً..
ولفتت الناشطة ابتهال سعيد، الى ان المرأة اليمنية بحاجة الى المعرفة حتى تنتزع حقها، فهي بحاجة إلى تعليم جيد حتى تستطيع الاستقلال المالي عن الآخرين وتعيش حياة كريمة بذاتها..
وتؤكد ناشطة حقوقية أخرى للصحيفة، أن هناك عدة عوامل ادت الى تغيير هذه النظرة منها:
الوضع الحالي الذي تمر به الكثير من الأسر وأجبر المجتمع على تقبل فكرة أن المرأة تكون حاضرة بقوة في سوق العمل هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اثبات المرأة قدرتها وتمكنها وتفانيها في عملها شجع الكثير من رؤوس الأموال على الاعتماد على الإناث في الوظائف وهذا يعتبر وجهاً من أوجه تقبل المرأة في سوق العمل.
وتضيف : إن إرادة المرأة نفسها ورغبتها في المشاركة في سوق العمل ايضاً اقنع الرجل أنها منافسة قوية له.. فتوقف الرواتب وتسريح الكثير من العمال من أعمالهم ترك أثراً على الأسرة وذلك في تدهور الحالة المادية، وبالتالي العائلات التي كانت تمنع المرأة من العلم أو الخروج للعمل تغيرت نظرتها وباتت تشجع الفتيات على التعليم والعمل.
|