أحمد عبدالرحمن - في الذكرى الـ 13 لرحيله الأليم نستذكر الأستاذ أحمد جابر عفيف 1928-2010م باستعادة سيرة حافلة من المثابرة والعمل والنضال والعطاء لرجل استثنائي في عصاميته ودأبه بدءاً من لحظة مولده أو "إطلالته على الحياة في بيت الفقيه بالحديدة العام 1928م وهو تاريخ تقديري كما قال في مذكراته "شاهد على اليمن" من دون اطمئنان أو قطع وجزم في ذلك والسبب "أنني ولدت في بيئة لا يعرف أغلبُ أبنائها ما تُسمى بشهادة الميلاد" فقد "كانت الوطنية هي الطاغية في اليمن، ونادرٌ جداً من تجده يقرأ ويكتب، ونادرٌ جداً جداً من تعلَّم الفقه، كنا في معزلٍ وعزلة عن العالم لا نعرف شيئاً، حتى أن العزلة كانت موجودة بين القرية والقرية وبين المدينة والمدينة، بسبب الجهل السافر والفقر المدقع، وانعدام المواصلات...الخ"..
فدراسته الأولى في الكُتَّاب أو المعلامة في بيت الفقيه، وانتقاله للدراسة بعد ذلك في الحديدة، فقدومه منها مطلع أربعينيات القرن الماضي إلى صنعاء عقب اختياره للدراسة في المدرسة المتوسطة والثانوية، إلى العودة للتدريس في الحديدة، فتعييه مديراً للمعارف فيها، قبل أن يشد الرحال مجدداً إلى صنعاء منتصف الخمسينيات ولكن هذه المرة كمفتش بوزارة المعارف...
مرحلة أخرى بدأها الأستاذ العفيف بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م بتعيينه نائباً لوزير الصحة، ومن ثم سفيرا لليمن في لبنان وسوريا، فوزيراً للتربية والتعليم والعمل على إنشاء وتأسيس جامعة صنعاء مطلع السبعينيات، فرئيساً لمركز الدراسات والبحوث اليمني، الذي أشرف على تأسيسه أيضاً، واختياره بعد ذلك عضواً في مجلس الشعب التأسيسي، فرئيساً لمجلس إدارة بنك التسليف للإسكان، ومنه قام على الإشراف ورعاية إنشاء وإنجاز وبناء المدينة السكنية للبنك في صنعاء، قبل أن يقرر لاحقاً إنشاء "مؤسسة العفيف الثقافية" منتصف ثمانينيات القرن الماضي بعد تجربته غير الموفقة في مشروع "دار مأرب للطباعة والنشر"، "تبلورت في ذهنه فكرة المؤسسة الثقافية الرائدة كمشروع دائم أو "رسالة ثقافية تستطيع التعبير عن اليمن وإبراز قيمه العظيمة، انطلاقاً من اشتغاله الطويل في الأعمال التربوية والوطنية والسياسية" وبحكم ارتباطه الوثيق بقضايا التنوير والثقافة" ولدت المؤسسة..وتمثلت أولى مهام المؤسسة الوليدة في "إصدار الموسوعة اليمنية" التي رأت النور في طبعتها الأولى عقب إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، لتصدر بعد ذلك في طبعة ثانية منها بعد التعديل عليها والإضافة إليها، كما كان من المقرر إصدار طبعة ثالثة منها، لكن وياللأسف والحزن معاً كان الموت أسرع إلى الأستاذ العفيف..
ورغم انشغالاته الكثيرة والمتشعبة للأستاذ العفيف وهو أحد الأعضاء المؤسسين لمؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب العرب في الكويت، قام على تأليف مجموعة من المؤلفات التاريخية والوطنية المهمة منها "الحركة الوطنية في اليمن" والذي صدر في مجلد أرخ فيه للحركة الوطنية منذ بدايتها، إضافة إلى مؤلفه "البيضاني يرد على البيضاني" رداً على مذكرات عبدالرحمن البيضاني، فمذكراته "شاهد على اليمن" و "أشياء من الذاكرة".
الرحمة والخلود للأستاذ العفيف صاحب هذه المؤلفات والإنجازات الوطنية العظيمة والخالدة على كافة المستويات...
|