علي محمد المنعي ❊ - من المعلوم للعالم بأسره ان الجمهورية اليمنية ترزح تحت عدوان بدأ بأكثر من 18 دولة بمختلف أسلحتها المحرمة وغير المحرمة وأقمارها الصناعية وطائراتها الحربية منذ اكثر من 8 سنوات، وها نحن على وشك الولوج في السنة التاسعة بتاريخ 26 مارس 2023م ذلك العدوان الجائر المحرم شرعاً في كافة الأديان والشرائع السماوية وكافة القوانين الدولية والدساتير.
عدوان غاشم دمر ومازال يدمر البنية التحتية ولم يترك شيئاً إلا وتم قصفه بشكل غير مبرر واستهدف الشجر والحجر والأسواق الشعبية والتجمعات البشرية المدنية وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين، أمام صمت دولي وعربي واسلامي مريب وبصورة مخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية بل وبدون قرار دولي صادر من مجلس الامن، ولكي لا نسهب في هذه الجزئية مع ان الحديث عنها مهم إلا اننا ارتأينا ان نؤجل الخوض في مشروعية العدوان من عدمه من ناحية القانون الدولي الى مقال آخر مستقبلاً ان شاء الله غير ان ما يهمنا هنا هو ابراز أهم المعطيات التي دفعت بسلطنة عمان الى تقديم المبادرة تلو الأخرى والوساطة تلو الوساطة وصولاً الى المبادرة العمانية الإنسانية الأخيرة التي هدفت الى الجانب الإنساني في الجمهورية اليمنية وتسليم الرواتب ورفع الحصار، من هذه المعطيات بدأت المبادرة العمانية ومساعي الوساطة بهدف تحقيق السلام الفعلي ووقف الاقتتال الداخلي بدافع ذاتي وانساني من منطلقات تتلخص في الآتي :
أولاً / ترى عمان ان دورها الإقليمي والعربي والعالمي يحتم عليها تقديم الوساطة لتحقيق السلام وحقن دماء الشعب اليمني.
ثانياً / تقدمت عمان بوساطتها بناء على دافع ذاتي وتلبية لدعوات إقليمية مشاركة في العدوان على اليمن واهمها السعودية والامارات واطراف دولية أمثال أمريكا وبريطانيا وغيرها وجميع تلك الأطراف مشاركة في العدوان على اليمن بصورة مبادرة علنية وبصورة مخفية غير معلنة بغرض الخروج من المأزق اليمني والمستنقع التي وقعت فيه تلك الأطراف في شتى عدوانها الغاشم على اليمن، كما ان تلكم الحرب قد يمتد تأثيرها الى سلطنة عمان نفسها.
ثالثاً / كما ان المنظمات الإقليمية والدولية لها دور في تحريك المبادرة العمانية ودفع عمان الى تقديم الوساطة لتحقيق السلم الدولي وتأمين طرق الملاحة الدولية، ولاشك ان عمان بصورة خاصة تحركت بدافع الحفاظ على أمنها القومي.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا :
لماذا الوساطة العمانية بالذات هي المطلوبة للتدخل في الشأن اليمني؟!
لاشك أن الإجابة تنحصر في كون سلطنة عمان تتبع سياسة خارجية مرئية ولها علاقات ودية مع جميع الأطراف والأهم من هذا وذاك ان عمان لم تشارك في العدوان على اليمن بأي حال من الأحوال ومازالت تؤكد تحفُّظها بل وتظهر أحياناً تعاطفها مع الشعب اليمني في إقرار ضمني برفضها العدوان على اليمن.
كما ذُكر لسلطنة عمان مواقف سابقة ومبادرات ووساطات سابقة كللت بتحقيق نتائج إيجابية سواء على المستوى الدولي او الإقليمي لذا فإن عمان تجد قبولاً لوقوفها في الوسط بين جميع اطراف الصراع.
ولقد تمحورت المبادرة العمانية الأخيرة بشأن اليمن حول عدة نقاط لتوطئة الوصول الى حل سياسي جذري للأزمة اليمنية وأهم ما ركزت عليه هو الحالة الإنسانية فقدمت رؤية لتسليم مرتبات الموظفين اليمنيين لأكثر من مليون وسبعمائة الف موظف وسبل وصولها اليهم بصورة مباشرة ومحايدة تماماً.
وكذلك رفع الحصار وإدخال الدواء والغذاء للشعب اليمني في هذا الصدد ووافقت سلطة صنعاء شريطة ان تكون المرتبات من عائدات النفط والغاز اليمني الذي تستغله دول العدوان ومرتزقتها فقط.
غير ان هذه الوساطة أصبحت مغلقة بل أوشكت على ان تكون شبه جامدة، وهنا يتساءل المحللون والمطلعون بل والشعب اليمني برمته عن أسباب عرقلة هذه المبادرة ومن المستفيد من عرقلتها؟!
فلا يخفى أن الازمة اليمنية تم تدويلها بدلاً من كونها حرباً أهلية طورها العدوان لتصبح حرباً عالمية على اليمن من اكثر من 18 دولة على رأسها أمريكا والصهاينة وبريطانيا وكل الدول المصنعة للأسلحة، فضلاً عن السعودية والامارات ومن على شاكلتهما من اذناب السياسة الامريكية الصهيونية التي لا هدف لها سوى استحلاب أموال النفط الخليجي ونهب ثروات الشعوب العربية البترودولار وإبقاء الانظمة العربية السياسية تابعة طيّعة ذليلة، وإلا من أين سترفد الخزائن الامريكية والبريطانية والصهيونية من غير الاعتماد على البترودولار الخليجي، ومن أين ستفرض السيطرة على الشعوب العربية من غير تطويع وتركيع قادتها وانظمتها السياسية المهلهلة والتي اغلبها أنظمة ملكية ومشيخات وامارات تحكم بتوارث العرش خلفاً عن سلف من اطار محصور للأسرة الحاكمة المالكة فقط بين الشعوب منزوعة الإرادة والمشاركة السياسية ومنعدمة الديمقراطية؟!
ومن هنا حققت أمريكا والصهاينة الهدف بوصول الأنظمة العربية الى الأنظمة الفاشلة ولكم المثل باليمن والعراق وسوريا والسودان وليبيا.. الخ.
لا يخفى أن السياسة الامريكية في منطقة الخليج والشرق الأوسط ظاهرها حصانة حقوق الانسان، وباطنها تصدير وبيع الأسلحة ونهب ثروات الشعوب واثارة الحروب والنزاعات المسلحة بهدف استحلاب الخزائن الخليجية بحجة الحماية من إيران كما كانت تزعم سابقاً حماية الخليج من العراق وصدام حسين وهلم جر.
هذه هي يد الغرب والصهاينة في المنطقة العربية حتى وان أظهرت أمريكا سعيها لتحقيق الامن والسلام فإن ذلك مهَّد باب التضليل للرأي العام العالمي بينما في الحقيقة انه كلما زادت الحروب والصراعات المسلحة زادت إيرادات الخزائن الامريكية ببيع الأسلحة والتدمير اللوجيستي العسكري بل وأجور الحماية.. الخ.
خلاصة القول : (إنها أمريكا) إن الفاعل واحد في استمرار العدوان على اليمن وان الفاعل هو نفسه في استمرار الحصار وعدم الاستقرار.
والفاعل نفسه هو نفسه هو الآمر والناهي انها (أمريكا) ومن ثم الصهاينة وكذلك صهاينة العرب التابعين للإدارة الامريكية الخاضعين لأوامرها وإلا لسقطت عروشهم وسلطاتهم المهلهلة.
لكن صمود الشعب اليمني المستمر سيوصله الى النصر.. »ولينصرن الله من ينصره«.
الرحمة والخلود للشهداء.. والشفاء العاجل للجرحى..
ولا نامت أعين الجبناء..
والحرية للأسرى..
والصبر والصمود للشعب اليمني العظيم
❊ محام وناشط حقوقي
عضو المؤتمر الشعبي العام
|