استطلاع/نادية صالح - سكينة زيد حسن: الموظفة اليمنية تتميز بعدم تورطها في الفساد والرشاوي
أسمهان: المرأة اليمنية سجلت بصمودها نصراً عظيماً
اليافعي: المرأة حافظت على النسيج المجتمعي
الجرموزي: الموظفة كانت أكثر حضرواً من الرجل
امتدادا لأدوارها التاريخية والحضارية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لم تقف المرأة اليمنية مكتوفة اليدين تجاه المشاركة في مواجهة تبعات العدوان والحصار على مجتمعها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التركيبة السكانية وعملية التنمية التي تظل ناقصة بدون مشاركتها، وتعد المرأة شريكا أساسيا في الصمود الأسطوري للشعب اليمني طيلة السنوات الثمان الماضية، وقدمت الكثير من التضحيات في سبيل الدفاع عن الوطن واستمرار العمل في مختلف المؤسسات الحكومية..
وساهمت القطاعات النسوية في المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية بدور أكبر في الإبقاء على دورة العمل المؤسسي وافشال استهداف المجتمع اليمني من قبل العدوان وأدواته بعد أن فشل في هزيمة اليمن بقوة السلاح.
ورغم الدور الكبير الذي تقوم به المرأة اليمنية إلا أن بلادنا وفقاً للتقارير الدولية تحتل المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الرجال والنساء الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث ظلت النساء يعانين من عدم المساواة المترسخ بشدة في مجتمع موغل في النزعة الذكورية. وبالرغم من أن النزاع في اليمن خلَّف تأثيرا رهيبا على كل المدنيين بصفة عامة، فإن النساء والفتيات تأثرن بهذا الوضع بشكل غير متناسب. وأدت الصور النمطية السلبية، وانعدام المساواة الاقتصادية، إلى مفاقمة الوضع الهش لهن خصوصاً الساعيات للحصول على حقوقهن المكفولة في الدستور من ناحية التعليم والعمل..
"الميثاق" استطلعت آراء عدد من الناشطات والقيادات النسوية حول دور المرأة اليمنية في الصمود والحفاظ على استمرار المؤسسة الحكومية من خلال الالتزام الوظيفي والكفاءة العملية، حيث قالت الأستاذة سكينة حسن زيد - مدير عام المرأة في احدى دوائر الأمانة العامة لرئاسة الوزراء:
بالنسبة لي انا مازلت أداوم في عملي مع زملائي وبكل احترام وتقدير منهم ومن رؤسائي في العمل، وكل شيء طبيعي ولكن نسمع بعض الأخوات يشتكين من بعض الممارسات والتغييرات.. وبالنسبة لتقيمي لدور المرأة فلقد صمدت الموظفات في المؤسسات الحكومية وتحملن المسئولية وقمن بكافة المسئوليات المناطة بهن بكل جدارة حتى في ظل القصف والمخاطر وغياب المرتب.. وتتميز الموظفة اليمنية بعدم تورطها في الفساد والرشاوى وطلب(حق القات)ومحاولة التلاعب في الحضور والغياب.
من جانبها تقول أسمهان الارياني - مستشارة رئيس هيئة مكافحة الفساد : " عانت المرأة لأكثر من ثمان سنوات من العدوان الواقع على اليمن وتحملت الكثير من مآسي الحرب والنزوح وسوء الأوضاع الإنسانية والاقتصادية ، ولكنها وبالرغم من هذا كله انتفضت من رماد هذا العدوان كعملاق يحاول أن يرمم ما دمرته تلك الحرب اللعينة فنهضت تساعد من حولها بكل كفاح وإصرار أملا في الاستقرار والنجاة، وكان لها دورها الكبير في المجال الإنساني حيث قادت النساء العمل الإنساني في الفترة الأخيرة ، عبر البرامج الاغاثية والإنسانية وبادرت الكثير منهن في ريادة الأعمال الصغيرة كصرخة في وجه انعدام الرواتب وغلاء الأسعار لتحافظ على أسرتها من كل ما سببه سوء الأوضاع الاقتصادية من انعدام سبل الحياة وبالتالي فإن المرأة اليمنية القيادية في المؤسسات الحكومية قاومت أيضا انهيار المؤسسات والهيئات الحكومية وليس غريبا على المرأة اليمنية ان تبث دائما الحياة والأمل أينما ذهبت، وقدمت الغالي والرخيص واستنهضت تحث الآخرين على الصمود في تلك المؤسسات والأجهزة التي تقدم خدمات مهمة للمواطنين فتراها في الصفوف الأولى المبادرة في تقديم تلك الخدمات وفي ظل شحة من موارد الدولة بسبب ما خلفه العدوان من انعدام الرواتب وحصار الشعب اليمني وهي بذلك الموقف تسجل نصرا فريدا وعظيما للمرأة اليمنية على مر التاريخ الذي سيسجل أدوارها البطولية .
الأستاذة أحلام عفيف اليافعي - رئيسة دائرة المرأة العاملة في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن- تحدثت قائلة: "بالنسبة لدور المرأة العاملة والموظفة في الصمود والحفاظ على استمرار العمل المؤسسي في القطاعات الحكومية فإنها تسعى جاهده للحفاظ على موقعها الوظيفي والصمود أمام كل الصعوبات والمعوقات التي تعرضت لها واهمها انقطاع المرتبات وما لذلك من اثر سلبي عليها التي تعمل أساساً لتحسين مستواها المعيشي ومستوى الأسرة .
وأضافت: قدمت المرأة اليمنية خلال فترة العدوان نموذجاً رائعاً في تعزيز الصمود كون استهداف العدوان لها كان واضحاً من خلال المجازر التي ارتكبها بحق النساء والأطفال وكذا الحصار وإغلاقه للمنافذ ولا سيما الآثار الاقتصادية مما زاد من معدلات الفقر في أوساط النساء وتدني مستوى الصحة على المرأة والطفل ..رغم ذلك استطاعت المرأة أن تحقق نتائج إيجابية في الحفاظ على النسيج الاجتماعي والتمسك بموقعها الوظيفي وبأقل الإمكانات لما تتمتع به من قوة إرادة وكفاءة عالية في تنفيذ ما يوكل إليها من أعمال فهناك نساء يتميزن بخبرات وقدرات مهاراتية عالية وكوادر علمية في شتى المجالات.. وفي كل الظروف تعمل المرأة اليمنية للنهوض شامخة بالأسرة والمجتمع وبناء الوطن وستظل صامدة شامخة شموخ الجبال ".
من جهتها تقول الأستاذة نورية حسن الجرموزي - ناشطة حقوقية وسياسية مستقلة: "أنا وغيري في اليمن في ظل حرب الثمان سنوات على اليمن أرى وبوضوح دور النساء عموما والموظفات في القطاع الحكومي خصوصا في الوقوف بجدارة والعمل لاستمرار تقديم الخدمات للمجتمع حتى في ظل انقطاع الراتب الحكومي فقد استمرت موظفات المؤسسات الخدمية حتى اليوم في العمل بدون اي حافز مالي تلبية لنداء الضمير الإنساني فالتربويات لم يتركن مدارسهن والممرضات لم يتركن المراكز الصحية والمستشفيات بل ان هناك من قامت بالتعاقد مع القطاع الخاص في فترات الفراغ ونظمت وقتها بحيث تؤدي عملين في اليوم فالمعلمة في الفترة المسائية تشتغل مع مدرسة أهلية في الصباح لتسطيع الاستمرار في عملها الحكومي والممرضة والطبيبة تعمل أيضاً دواماً مضاعفاً لتستمر في تقديم الخدمات المجانية في عملها في القطاع العام..
ان الموظفة اليمنية أكثر نزاهة في العمل من بعض زملائها الذكور ويشهد بذلك المواطن البسيط والاداري الشريف، استمرت قطاعات مؤسسية كثيرة في الدولة في العمل بدون رواتب كمكاتب التربية والصحة والشباب والتدريب المهني والشئون الاجتماعية والإدارة المحلية والمياه والاتصالات والبريد وغيرها
وأضافت: وكانت النساء أكثر تواجدا وأكثر حرصا على الحضور وفق الدوام الرسمي واقل امكانية للتهرب أو المغالطة أو التسول من المراجعين بحجة حق القات، يشهد المواطنون وكثير من القائمين على ادارة العمل في المؤسسات الحكومية وخاصة الخدمية منها أن النساء اقل فسادا من اخوتهن الذكور ربما يعود ذلك لخجلهن أو خوفهن من التبعات لكن يظل هذا الأمر تاج شرف على رؤوس النساء اليمنيات اللاتي أثبتت الحرب انهن اقل فسادا من حمران العيون".
وتحدثت للصحيفة احدى موظفات القطاع الحكومي حول دور المرأة اليمنية في صمود المؤسسات الحكومية بقولها:" قامت المرأة بدور فعال في استدامة صمود عمل المؤسسات الحكومية وذلك عبر حضورها الدائم ومحاولة أداء مهامها رغم عدم توافر الموارد اللازمة لذلك.. فكانت المرأة رائدة في دورها الوظيفي بشكل كبير فكانت تحضر للمؤسسات كالمدارس والوزارات رغم انقطاع الراتب وعدم توافر مشتقات نفطية مما ترتب عليه ارتفاع في قيمة المواصلات التي كانت تغطيها أحيانا على نفقتها الشخصية.
معوقات
تقول الأستاذة سكينة حسن زيد- مدير عام المرأة في احدى دوائر الأمانة العامة لرئاسة الوزراء، ان ابرز الممارسات التي تعيق المرأة اليمنية في هذه الفترة هي: غياب المرتب بالطبع والحافز المادي المناسب، وغياب التمويل الحكومي بسبب العجز في الميزانية نتيجة الحصار والعدوان ، فتوقفت بالتالي أنشطة بعض إدارات المرأة مثل تنمية المرأة الساحلية وغيرها التي كانت تحصل على تمويل لتنفيذ برامج وأنشطة وتدريب..
وأضافت: " من المعوقات برأيي أيضاً التحريض المؤسف الذي يمارسه بعض المؤثرين في مواقع التواصل وكذا كثير من خطباء الجوامع ضد المرأة وخروجها من المنزل حتى للتعليم في الجامعة أو المعاهد أو العمل، والجداريات التي بدأت في الانتشار تصب في نفس التوجه ويتم عليها كتابة الآية القرآنية(وقرن في بيوتكن)بينما هي موجهة خصيصاً لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو كان يمثل رأس الدولة والمجتمع دينياً وسياسياً واجتماعياً ومن الطبيعي ان تكون هناك خصوصية أمنية لنسائه في ظل ما يتعرض له من محاولات إيذاء على كل الأصعدة وبالتالي لا يصح أن تتحول هذه الآية إلى (منهج حياة).
الأستاذة أسمهان الارياني - مستشارة رئيس هيئة مكافحة الفساد- ترى انه لا توجد أي معوقات تعيق المرأة للقيام بدورها كشريك حقيقي وفاعل في الحياة العامة حيث نص دستور الجمهورية اليمنية على إعطاء المرأة جميع حقوقها كأخيها الرجل وبما تكفله الشريعة الإسلامية السمحاء ولكن للأسف هناك بعض الممارسات التي تعيق مشاركة المرأة وبعض الإجراءات التي تريد ان تنتزع حق المرأة في تلك المشاركة، والتي هي في الأصل حق إنساني وحق ديني.
وتوجز الأستاذة أحلام اليافعي أبرز المعوقات التي تواجه المرأة اليمنية في عدد من النقاط أهمها: تجاهل النساء من حضور الاجتماعات واللقاءات الخاصة بصنع القرار وحكرها على الرجال، وحرمان النساء من التدريب والتأهيل في اغلب القطاعات وحصرها على الرجال خاصة القادمات من المحافظات الأخرى بحجة ضرورة وجود محرم. بالإضافة لوضع الخطط والبرامج دون الرجوع لقضايا النساء في اغلب القطاعات وعدم توفير الإمكانات الخاصة بتسيير الأعمال للنساء من أجهزة ومعدات مما يجعلها في موقع العاجز عن ممارسة العمل، وكذلك عدم تحرير عقود عمل للعاملات في القطاعات الخاصة ومن هم بالأجر اليومي أو الموسمي مما يعرضها للظلم والاجحاف في تنفيذ القوانين الخاصة بالعمل والعمال ومراعاة خصوصية المرأة يعرضها للفصل التعسفي.
وتقول الناشطة الحقوقية نورية الجرموزي في هذا الصدد، إن اهم الممارسات التي نلمسها ونراها واضحة أمام اعيننا هي التحريض الممنهج ضد نساء اليمن عبر الشارع والمسجد والإذاعة وحتى في بعض مجالس ساسة الدسائس المتلونين بحسب المصالح الشخصية، ان أولئك اليوم يسعون لإيقاف عجلة التنمية في اليمن ويصدرون فرديا تعاميم لا نعلم مصدرها ولا ندري من راعيها مضمونها الأساسي (وقرن في بيوتكن) كما نشاهد ذلك ملطخا على جدران بعض الشوارع..
ملامح الإقصاء والفصل بين الموظفين
طرحت صحيفة الميثاق سؤالاً على المشاركات في الاستطلاع " هل هناك توجه بإقصائها أو عرقلتها في اداء مهامها الوظيفية والحد من المكاسب التي كانت حصلت عليها"؟
اجابت الأستاذة سكينة حسن زيد - مدير عام المرأة في احدى دوائر الأمانة العامة لرئاسة الوزراء، بقولها: " إضافة إلى مساعي البعض إلى اقصائها وتهميشها التدريجي بحجة(منع الاختلاط) فقد نقلت بعض النساء فعلا في بعض الجهات إلى البدرومات، أو إلى غرفة الحارس أو إعفائهن من أعمالهن مثل النزول الميداني والمشاركة في بعض اللجان كما تنقل لنا بعض الأخوات، بينما يفترض ان المؤسسات العامة هي أماكن عامة ليست أماكن خلوة خاصة وبالتالي من غير المفيد الفصل على أساس(النوع)بين الموظفين.
وأضافت : " المهم أن هذا التوجه برأيي سيقصي المرأة بالتدريج ويعيدها إلى الوراء عقودا، وفي ظل قناعتنا هذه تم إرسال رسالة عن هذا الموضوع لفخامة رئيس الجمهورية ونسخة لدولة رئيس الوزراء وتم اللقاء بدولته، والرسالة كانت بمثابة(رمي حجر في المياه الراكدة)وكان لها صدى جيد، ووجدنا دعما وتشجيعا وتفاعلا من عدد غير قليل من الأخوة من مختلف التيارات لأن هذا ليس توجه الدولة الرسمي ولأن من يقفون خلف هذا التوجه يستغلون الصمت في تمرير توجههم لانهم يعتمدون على توجيهات شفهية لا توجيهات أو قرارات خطية رسمية ويساعدهم عدم اعتراض النساء وصمتهن..
وترى أحلام اليافعي -رئيسة دائرة المرأة العاملة في الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، ان الإقصاء أو التهميش يتمثل في نقل بعض القياديات من مناصبها ذات الصلة بتخصصها والعمل في إدارات بعيدة عن اختصاصهن، بحجة انقطاع المرتبات يتم إقناع النساء بالبقاء في المنزل لعدم توافر الإمكانات لدى القطاعات بدفع الحوافز والمواصلات لهن في المقابل يتم استيعاب الرجال وتوفير الحوافز والبدلات والمواصلات لهم لممارسة أعمالهم الوظيفية.
واضافت: "للأسف في الآونة الأخيرة بعض القطاعات تسعى لفصل النساء عن الرجال في مواقع العمل وجمع النساء في مكتب أو مكان واحد فلا تستطيع النساء عرض خبراتهن وإمكاناتهن في الوظيفة العامة واكتساب المهارات والخبرة الوظيفية والمهنية من زملائهن الرجال وحرمانهن من استيعاب مهامهن الوظيفية حسب اللوائح والانظمة" .
|