محمد صالح حاتم - مع بداية فصل الربيع من كل عام نسمع عن موسم التشجير والاستعدادات له والاعلان عن غرس مئات الآلاف من الشتلات سنوياً..
اصبحت حالة مألوفة لدينا في اليمن، بل واصبحت حالة تقليدية منذ أن سنّها وشرعها باني اليمن الجديد الشهيد إبراهيم الحمدي الذي بدأ في عهده اعلان الأول من مارس يوماً وطنياً للشجرة (عيد الشجرة) والذي بالفعل خلال فترة حكمة وهي فترة قصيرة انتشرت الحدائق وزادت المساحات الخضراء، وتم غرس الاشجار في الجزر الوسطية بالشوارع، والمتنزهات ومداخل المدن ولايستطيع أحد انكارها.
فكم أعوام مرت منذ اغتيال الشهيد الحمدي، وكم دُشّنت مواسم التشجير، وكم ملايين الشتلات سمعنا عن توزيعها وغرسها . . لكن مامصيرها بعد التدشين؟
حدائقنا مساحات قاحلة وإن وُجدت فيها اشجار فمعظمها خاوية على أعجازها، والبعض اصبحت اغضانها يابسة،والشوارع وجزرها مكبات للقمامة، واشجارها مرتعاً للاغنام، وعرضة للاحتطاب والتكسير، أما الوزارات والمؤسسات فحدّث ولاحرج . . فساحاتها مواقف للسيارات الفارهة ليس أكثر...!
وامام كل ذلك.. ما المطلوب عمله في مواسم التشجير؟
قبل أن نفكر كم عدد الشتلات التي سنغرسها وأين سنغرسها ومانوعها يجب علينا اولا ًخلق وعي مجتمعي بأهمية الشجرة،والحفاظ عليها، وايجاد خطة ما بعد غرس الشتلة..
فالشجرة إذا لم تكن مقدسة عندنا وعند ابنائنا والحفاظ عليها وحمايتها واجب ديني ووطني، والتعرض لها واتلافها جريمة يعاقب عليها القانون، فلا داعي لغرسها..
وهذا واجب الجميع حكومة ومجتمعاً، ومنظمات مجتمع مدني وقطاعاً خاصاً، فالأسرة تقع عليها مسؤولية تربية ابنائها على حب الشجرة، بل وغرس الاشجار والاهتمام بها، والمدرسة تقع على عاتقها مسؤولية غرس اهمية الشجرة في عقول طلابها، وإنشاء المشتل المدرسي، وخطباء الجوامع عليهم توعية وارشاد المجتمع عن الشجرة واهميتها، وعلى وزارة الاعلام بث البرامج التوعوية والحلقات الارشادية عن الشجرة، ووزارة الزراعة والري هي المسؤلة عن توفير الشتلات واختيار الانواع والاصناف المناسبة مع بيئة كل محافظة ومدينة ومتابعة الشتلات بعد توزيعها والعناية بها، وتقديم الارشادات للمواطنين واصحاب الحدائق وغيرهم، وعلى وزارة الشؤون القانونية سن التشريعات الخاصة بالحدائق والمتنزهات والاشجار، وتحديد العقوبات والغرامات بحق من يعتدي على الاشجار سواء في الشوارع او الحدائق او المتنزهات او الجبال وفي كل مكان..
بل يجب إلزام اصحاب المحلات والمنازل والمؤسسات غرس شتلات امام محلاتهم ومنازلهم في الشوارع الرئيسية والفرعية واحواش المنازل والمدارس والجامعات والمعاهد والوزارات والمؤسسات، والحفاظ عليها، وأن يكون هناك رقابة ومتابعة لها، وكذا متابعة مايتم توزيعه من شتلات زراعية مثمرة (بن ولوز، وعنب، ورمان، وتفاح.. وبقية انواع الفاكهة) وتقييم نموها شهريا ً، وان توزع استمارة مع كل شتلة يتم عبرها متابعتها وتقديم الارشادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالكل مسؤول دون استثناء..
وهذا ما نرجوه مع موسم التشجير الحالي أن يتم التفاعل معه بشكل صحيح وجدي، وأن لا يكون عملية اسقاط واجب فقط، ونعلن عن توزيع شتلات وندشن في القنوات والاذاعات والصحف والمواقع، وبعدها لانعرف مامصير تلك الشتلات..
فاليمن عرفت باليمن الخضراء ، نرجو أن تعود خضراء كما كانت.. وبدايتها ستكون شتلة.
|