الميثاق نت-جميل الجعدبي -
حذر المشاركون في ندوة (الإسلاميون والديمقراطية في اليمن ) من مخاطر عديدة وظواهر مخيفة تواجه مستقبل الديمقراطية والمجتمع اليمني جراء خطاب متطرف لتيارات إسلامية تحتكر الحقيقة وتهدد بتمزيق الوطن. وأثارت مشاركة الباحث عصام القيسي المعنونة بـ(الإسلاميون وثقافة العنف في ظل الديمقراطية) جدل وانقسام الحاضرين في القاعة ليجسدوا بذلك مثالاً حياً لعدم القبول بالآخر. وتحدث في الندوة التي أقامتها منظمة (صحفيات بلا حدود) عبدالملك المخلافي عن الديمقراطية والآخر في الخطاب الثقافي والسياسي للجماعات الإسلامية، في حين أبلغ محمد قحطان-الذي كان من المقرر أن يشارك في الندوة عن الإسلاميين- أبلغ منظمي الندوة اعتذاره عن المشاركة قبل ساعة من بدءها. وشدد المخلافي عند الحديث عن الجماعات الإسلامية على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بالزمان والمكان؛ حيث لا يوجد حالة واحدة متشابهة في الوطن العربي وكذلك التفريق بين تقييم ظاهرة الأحزاب الإسلامية وبين أن تكون ضمن حملة عالمية تستهدف هذا التيار. وقال: في اليمن تجارب لتيارات إسلامية متعددة تربطها مصالح سياسية اجتماعية معينة. منوهاً بهذا الخصوص إلى أحزاب: الحق والقوى الشعبية وتجمع الإصلاح. مشيراً إلى أن هناك من لا يزال يعتبر الديمقراطية كفراً عند بعض الرموز السياسية بين الإسلاميين. وقال المخلافي: الإشكالية في خطاب تلك الأحزاب هي حينما يأتي احتكار الحقيقة مترافق مع الدين يصبح الآخر كافراً وهي أخطر الأطروحات التي يقابلها الوطن، وحين يستخدم الدين في الصراع السياسي. منوهاً إلى أن الخطاب الديني إذا لم يقدم برؤية وطنية يتحول إلى خطاب طائفي، وإذا لم يكن متعدداً يتحول إلى مذهبي وهو خطاب تمزيقي. وأضاف الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الناصري: الإشكالية في الطرح المتطرف تتمثل في عدم قبوله بالآخر وانطلاقهم من فكرة الفرقة الناجية، ولهذا الخطاب دور كبير في التمزق الذي تعيشه الأمة اليوم. مستبعداً إمكانية إحداث أي تطور ديمقراطي بدون الاعتراف بالآخر والتخَّلي عن احتكار الدين، وقال: إذا استمر احتكار مثل هذه القيم الكبرى فلا أتوقع حدوث تحول ديمقراطي حقيقي). ودعا المخلافي الأحزاب السياسية بما فيها الإصلاح لخلق خطاب تنويري لمواجهة الفكر المتطرف الذي أوضح أنه يولد قناعات البغض للآخر وعدم التعامل مع هذا الفكر باستهانة. وقال: أعتقد أن مثل هذا الفكر هو الذي اغتال الشهيد جار الله عمر. وأضاف: هناك من لا يزال ينظر للمرأة بأنها عورة بالمطلق ويجب أن لا نهمله لأننا لا نراه، فله خطاب أيدلوجي خاص مع بعضه. واعتبر المخلافي تحالف اللقاء المشترك إنجازاً وطنياً وقومياً وأمراً إيجابياً ضم الأحزاب ذات الأيديولوجيات التي تصارعت. وأضاف: هذا العمل المشترك بدأ يعترف بالآخر ويفتح قضايا مشتركة من ضمنها قضية المرأة في هيئات الأحزاب. من جانبه قال أحمد الصوفي رئيس الحركة الشعبية للدفاع عن الوحدة اليمنية إن التيارات الإسلامية تقوقعت داخل إرثها الإخواني وعجزت عن تقديم البديل. مستشهداً بتجمع الإصلاح في اليمن حينما شارك في الحكومة. منوهاً إلى مرونة الإصلاح عند حديثه عن قواعد الانتخابات، لكنه عندما يتحالف مع الآخرين نرى حصصاً لقيادات (وكأن أوزانهم تختزل في حجم الوريقات). وفي حين أشار الصوفي إلى تمترس الإصلاح وراء منظمات مدنية لا تقبل الآخر وقليلاً ما تكون منفتحة، لفت كذلك إلى قبوله ببقايا الاشتراكية والتيارات القومية الناصرية. وفي ورقته المعنونة بـ(الإسلاميون والمشاركة في الحكم)، أوضح الصوفي أن الديمقراطية استطاعت اختراق بُنَى الإصلاح لكنها لم تغير في طبيعته، معتبراً قائمة شورى الإصلاح والصحيفة الناطقة باسمه لا تزال قلاعاً أيدلوجية حصينة متسائلاً بهذا الصدد: كم صورة لامرأة نشرت في صحيفة الصحوة خلال 18 عاماً؟! وأضاف متسائلاً: هل يستطيع الإصلاح أخذ ما في الديمقراطية والإسلام وتقديم نموذجاً. مشيراً إلى أنه لا يمكن أن يحرم الإنسان الكذب ويقبله في السياسة، ولا يمكن لإسلامي أن يجعل المساجد قلاعاً لإعادة تشكيل دماغ الإنسان. وأضاف معاتباً قحطان: (إذا استطاع الإصلاح الإسهام في نظافة شوارعنا فسيكون له إنجاز). وأقيمت الندوة بقاعة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وتضمنت محاورها (موقف الإسلاميين من حرية الصحافة كآلية من آليات الديمقراطية وموقف الإسلاميين من المشاركة السياسية للمرأة، وكذا موقفهم من الحريات العامة المكفولة في الدستور؛ بالإضافة إلى (الإسلاميون وثقافة العنف). هذا وكانت أروى عاطف رئيسة منظمة صحفيات بلا حدود افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية تطرقت خلالها إلى أهمية تكريس عمل مدني يبدأ وينتهي من وإلى الناس دون إسقاطات التراشق السياسي. وقالت: (نحن كمنظمات مدنية نحاول ترميم ما يتكسر خلال أشواط اللعبة السياسية ونسعى لتنقية أفق تُعفَّر بالأبخرة والضباب والغبار). وخاطبت السياسيين : أن مبرر وجودنا غير بعيد عن معاناة أخطاء السياسة لدعونا نمر .. دعوا أخطائكم تصغر .. ولتكبر قيمة الإنسان وتزهر قيمنا الجميلة " وفي رقته المعنونة بـ(الإسلاميون وحرية الصحافة) قدم الزميل رياض السامعي رصداً سريعاً لأبرز قضايا التكفير التي قال إن العقل الإيماني لبعض الجماعات الإسلامية استخدم ضد السياسيين والمفكرين والأدباء والصحفيين اليمنيين وضد الكثير من الصحف في اليمن. واستعرض نحو (20) فتوى تكفير حدد من خلالها شكل العلاقة القائمة بين الإسلاميين وحرية الصحافة في اليمن . منوهاً إلى أن دعاوى التكفير لا تقوم بغرض ديني؛ حيث تنتهي في غالبها بتسويات عديدة. وأضاف: (كما أظن أن الأحداث الأخيرة لإثارة القضايا المشابهة ليس أكثر من قياس للحضور بين العامة وتسويات صراع على سلطة داخل التيار الإسلامي نفسه).