يحيى نوري - الحديث المنفوخ عن الخلاف السعودي - الإماراتي حول اليمن لم يكن مفاجئاً خاصة وأن البلدين وكقطبين للتحالف العدواني ينهمكان حالياً في اقتسام كعكة جنوب الوطن..
اقتسام تفرضه تأكيداتهما على ان عدوانهما في الفصل الاخير، وهي مناسبة ليعرف كل طرف حجم تواجده وسيطرته على المناطق التي تمثل بُعداً استراتيجياً تؤمّن مصالحه ومصالح القوى الكبرى التي يعمل لصالح اجندتها الاستراتيجية..
لذا كان طبيعياً وجود هذا الخلاف بينهما لكن ليس بالصورة التي يصورها محللون كحدثٍ كبير ولافت من شأنه ان يؤدي بهما الى التصادم العسكري..
ذلك ان القطبين يدركان اهمية التوزيع العادل بينهما دون أي إثارات سياسية واعلامية قد تنعكس عليهما سلباً في كونها تكشف على الملأ طبيعة الاهداف والمآرب التي دفعتهما الى قيادة عدوانهما على اليمن..
ولكي ندرك ان هذا الخلاف يجد تفهماً بينهما بضرورة الاسراع في معالجته وبصورة سريعة هو ما نراه ونشاهده ونلمسه من تطورات متسارعة في ما يقومان به من إعادة انتشار للميليشيات التابعة لهما، وهو انتشار يهيئ لهما السيطرة على العديد من المواقع، حيث سارعت السعودية الى تشكيل ميليشيات خاصة بها بنفس الاسلوب والطريقة التي شكلت بها الامارات ميليشياتها وبما يحقق لهما توازن القوة ويمنع الاستئثار لأحدهما بالكعكة كاملة ،وتلك عملية تتواصل بنجاح في ظل دعم امريكي وبريطاني يشعر الداعمون له بالطمأنينة كون الامور ستكون بأيادٍ أمينة..
وبذلك تكون السعودية قد حققت هدفها في وضع حد للانتشار الاماراتي وهو انتشار تراه أكبر من حجم الدور الاماراتي باليمن وأنه ليس من المعقول ان تخرج السعودية خاوية الوفاض وهي التي مُنيت بخسائر كبيرة جراء تدخلها باليمن، فيما الامارات اعلنت انسحابها مبكرا حسب زعمها موكلة مهامها التدميرية لميليشياتها، وهذا امر يتطلب ضرورة عدم ترك ابوظبي تستحوذ على مختلف المناطق الاستراتيجية ومنها الشواطئ اليمنية وعلى العديد من المناطق الحيوية الاخرى فكان لابد من تواجد الطرفين جنباً الى جنب وعلى مستوى كل المناطق المحتلة باعتبار ذلك مخرجاً لهما من شبح الاستمرار كثيرا بدائرة الخلاف حول التقاسم بينهما..
ولاريب ان الطرفين اليوم يدركان أن خير وسيلة للحفاظ على تقاسمهما هو العمل المتسارع لتهيئة مناخات مواتية قد تشجع اليمنيين على خوض غمار عملية تفاوضية تحافظ في نتائجها على مصالحهما وتقاسمهما في اطار معالجات عرجاء تضمن استمرار عبثهما بإمكانات ومقدرات اليمن من خلال ترسيخ وتجذير دور ميليشياتهم في المزيد من السيطرة على الواقع ومنع أي توجه مخلص يعبّر عن آمال وتطلعات اليمنيين في بلوغ هدفهم الاسمى المتمثل بالانعتاق من الاحتلال والتخلص من كل آثاره المدمرة على صعيد النسيج الاجتماعي والاضرار الفادح بكل قيم ومُثُل الوحدة اليمنية والتي سيظل قطبا العدوان ينظران لها كشبح يهدد مصالحهم ومآربهم الدنيئة باليمن..
وإزاء هذا التطور في سلوك العدوان فإن على اليمنيين اليوم ان يضعوا خلافاتهم وتبايناتهم جانبا وان يمارسوا كل ما من شأنه ان يعمل على احباط وافشال هذا المخطط التقسيمي الذي يهدد كيانهم ووجودهم..
وذلك ليس بالأمر الصعب اذا ما توافرت النوايا الصادقة والمخلصة التي يحتاج أليها وطنهم في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها وهي الأخطر على الاطلاق عبر تاريخه، وهو موقف وطني مبدئي سيقف الكثير من القوى بالعالم الى جانبه وفي الانتصار لمظلومية اليمنيين..
وهذا الدور المأمول من القوى اليمنية الحية البعيدة عن اية انتماءات قطرية ودولية هو ما سيلتقطه شعبنا ويصطف حوله كونه يمثل الخلاص الوحيد ،والذي بدونه لايمكن لنا النظر إلى يمن جديد ديمقراطي موحد وإنما لنظام يمني اعرج تشوبه كل المصائب والكوارث التي ستزيد من تشتيت وتمزيق الوطن.
|