الميثاق نت -

الأربعاء, 15-مارس-2023
توفيق‮ ‬الشرعبي‬ -
أدرك المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه أهمية العدل الاجتماعي المبني على مبادئ الإسلام الحقة وتعاليمه الإنسانية لبناء الدولة الحديثة التي نشدها اليمنيون من خلال قيامهم بالثورة سبتمبر وأكتوبر للتخلص من الظلم الاجتماعي الذي كان سمة لعهود ما قبل الثورة..

لقد جعل المؤتمر الشعبي العام العدل الاجتماعي أولوية في نهجه السياسي وضمنه أدبياته وبرامجه، فالعدل الاجتماعي كما ورد تعريفه في الميثاق الوطني » هو التطبيق الواقعي للقيم المنبثقة عن الإسلام بحيث يسود بين أبناء مجتمعنا اليمني جو من الحب والتعاون والإيثار بما يحمله من معانٍ إنسانية شاملة لكل جوانب الحياة الإنسانية ومقوماتها، يتناول جميع مظاهر الحياة وجوانب النشاط فيها، كما يتناول الشعور والسلوك والضمير والوجدان، فتمتزج فيه القيم المادية بالقيم الروحية وتغدو القيم الاقتصادية والاجتماعية حلقة من حلقاته في تعادلية‮ ‬تحقق‮ ‬تكافؤ‮ ‬الفرص‮ ‬والعدل‮ ‬بين‮ ‬الجميع،‮ ‬وإطلاق‮ ‬الطاقات‮ ‬الفردية‮ ‬والعامة‮ ‬في‮ ‬حدود‮ ‬منهج‮ ‬الله‮ ‬وشرعه‮«.. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

هذا التعريف للعدل الاجتماعي يؤكد إدراك المؤتمر الشعبي العام للمطالب الشعبية التي تأتي قضية العدل الاجتماعي في صدارتها، كإشارة إلى أنه بدون العدل الاجتماعي لايمكن إجراء اصلاحات مؤسسية وسياسية واجتماعية واقتصادية، ولهذا تبنى المؤتمر هذا المطلب الشعبي كأساس حتمي لبناء دولة المؤسسات وضمَّنه برامجه بشكل واضح ليسهل تطبيقة على الواقع وحتى لايظل مجرد شعار غير مفهوم.. مستوعباً أن الحرية هي خطوة مهمة لتحقيق العدل الاجتماعي لأن الحرية كمبدأ في المؤتمر »هي فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأي اعتداء عليها او إحتكار لها، لايعتبر مجرد اعتداء على حق من حقوق الانسان والمجتمع فحسب، بل أنه تحدٍّ لإرادات الله«.. والعدل الاجتماعي من وجهة نظر المؤتمر لايتوقف عند منح الفرد حريته في التعبير عن رأيه وميوله وتوجهه، بل إن من العدل الاجتماعي »أن تفتح ابواب العمل ليختار المواطن منها ما تؤهله‮ ‬له‮ ‬كفاءته‮ ‬وميوله،‮ ‬ولا‮ ‬يُفرض‮ ‬عليه‮ ‬عمل‮ ‬معين‮ ‬إلا‮ ‬إذا‮ ‬تعين‮ ‬لمصلحة‮ ‬المجتمع،‮ ‬كما‮ ‬لاتسد‮ ‬في‮ ‬وجهه‮ ‬ابواب‮ ‬العمل‮ ‬إلا‮ ‬إذا‮ ‬كان‮ ‬مخالفاً‮ ‬لأحكام‮ ‬الشرعية‮ ‬الإسلامية‮« ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

إن اهتمام المؤتمر بالعدل الاجتماعي يأتي ايماناً منه بأنه استحقاق أساسي للإنسان للتمتع بمجموعة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأنه لايمكن للإنسان أن يحقق كرامته مالم يكفل العدل الاجتماعي له التحرر من العوز والتحرر من الاستعباد والاستغلال وإيجاد الظروف‮ ‬الملائمة‮ ‬التي‮ ‬يمكن‮ ‬له‮ ‬فيها‮ ‬استغلال‮ ‬مؤهلاته‮ ‬وامكاناته‮ ‬أحسن‮ ‬استغلال‮.. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

عندما تبنَّى المؤتمر فكرة العدل الاجتماعي كحتمية لبناء الفرد و المجتمع وحاجة ملحة للإصلاحات كان يدرك جيداً أنه لايمكن بدون العدل الاجتماعي »إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات« كهدف من أهداف الثورة اليمنية، فمفهوم المؤتمر لقضية تذويب الفوارق بين الطبقات »إنما يقوم على أساس من إيماننا بمبدأ المساواة المطلقة بين كل أفراد مجتمعنا من حيث القيمة الاجتماعية والكرامة الإنسانية علاوة على الحقوق والوجبات« .. فالحياة الاجتماعية تعاون وتكافل وإطلاق للطاقات الفردية والعامة وليست صراعاً طبقياً ولا حقداً وخصاماً.

لم يكن »العدل الاجتماعي« في فكر المؤتمر الشعبي العام للاستهلاك السياسي والاعلامي أو للتنظير الفكري بل خطط وبرامج عمل طيلة مسيرته التاريخية الممتدة لأربعة عقود على تحقيقها على الواقع والانتصار لها في المواقف..

وهو اليوم أكثر إيماناً بأهمية »العدل الاجتماعي« للتعامل مع الأزمة الخانقة التي يمر بها الوطن والشعب، خصوصاً أن البعض من ضعاف النفوس من المتنفذين يستغل الظروف التي تمر بها البلاد واستغلال سلطته في ممارسة التمييز والتهميش والإقصاء والحرمان من الحقوق والعبث في ظل ظروف صعبة تستدعي من الجميع سلطة ومجتمع بث روح التكافل الاجتماعي كأهم السمات في »العدل الاجتماعي« ليتحقق لكل فرد ما يكفل له حياة إنسانية كريمة تتوافر له فيها على أقل تقدير حاجات الحياة الضرورية.

مقصد القول: بما أن المؤتمر الشعبي العام بذل الجهود وقدم البرامج ووضع السياسات والخطط لتحقيق العدل الاجتماعي خلال مسيرته فإنه مطالب اليوم ببذل أقصى الجهود لوقف التصرفات والممارسات السلبية التي يقوم بها بعض المأزومين حتى لا تؤدي للإطاحة بما تحقق من العدل الاجتماعي‮ ‬فبدون‮ ‬العدل‮ ‬الاجتماعي‮ ‬لايمكن‮ ‬لأي‮ ‬سلطة‮ ‬أن‮ ‬تضمن‮ ‬الاستقرار‮ ‬المجتمعي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 01:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63931.htm