الميثاق نت -

السبت, 25-مارس-2023
عبدالجليل‮ ‬أحمد‮ ‬ناجي -
يحل علينا شهر رمضان المبارك لهذا العام 1444هـ ونحن نتلقى بشائر تبدو جادة عن إحلال السلام في اليمن ، بعد أن عشنا ثمان سنوات فيها ثمانية شهور رمضانات متتالية في معمعة حروب دامية وأزمات اقتصادية خانقة وأسعار الأساسيات من نار إلى نار إلى ندرة إلى انعدام وضعف في الجودة ، والصلاحية خصوصاً المواد الغذائية والأدوية، وفقر وقلة دخل بعد قطع الرواتب والركود في القطاعات الاقتصادية والأعمال ، ناهيك عما حل في البلد من دمار وخراب وقتل وتدهور خدمي وتمزق ، لقد صرنا نشتاق إلى أيام الأمن والسلام اشتياق العطشان إلى الماء، مهما‮ ‬كانت‮ ‬مبررات‮ ‬الحرب‮ ‬فلا‮ ‬أسوأ‮ ‬من‮ ‬الحرب‮ ‬إلا‮ ‬الحرب‮ ‬ذاتها‮. ‬
‮- ‬نريد‮ ‬أن‮ ‬نغادر‮ ‬سنين‮ ‬الحرب‮ ‬إلى‮ ‬سلام‮ ‬لاعودة‮ ‬فيه‮ ‬للحروب‮ .‬
‮-- ‬نريد‮ ‬أن‮ ‬نمحو‮ ‬من‮ ‬ذاكرتنا‮ ‬ثقافة‮ ‬الحروب،‮ ‬لانريد‮ ‬حروباً‮ ‬ولاعقولاً‮ ‬مسكونة‮ ‬بالحروب‮ ‬،‮ ‬فلن‮ ‬نعيش‮ ‬سلاماً‮ ‬حقيقياً‮ ‬ودائماً‮ ‬طالماً‮ ‬أن‮ ‬ثقافة‮ ‬الحروب‮ - ‬تحت‮ ‬أي‮ ‬مسمى‮- ‬لاتزال‮ ‬تعشعش‮ ‬في‮ ‬رؤوسنا‮ .‬
- نريد أجيالاً تعشق السلام، وتقدس العلم والإبداع والتقدم، أجيالاً لا تحمل السلاح في غير ذي صفة رسميه ووطنية ، فرجال الأمن والجيش مهمتهم حماية الأمن والدفاع عن الوطن ، أما أن يحمل المدنيون السلاح في الشوارع والأماكن العامة والمناسبات والأسواق والمقايل والمؤسسات ، ووسائل النقل، فهذه فوضى وثقافة جوفاء وفيها مخاطر على حياة الناس وضياع لمصالح الوطن، وفعل غير حضاري يجعل الآخرين ينفرون منا، فلن يأتي إلينا زائر ولاسائح ولا صاحب علم أو خبرة، ولن يأمن مستثمر محلي أو أجنبي أن يستثمر أمواله في بيئة مفخخة بالفوضى والسلاح‮. ‬
- نحتاج أن نراجع المناهج والبرامج الثقافية التي تلقن لأولادنا والتي تمجد القتل والعنف والحروب وإن كانت جزءاً من التأريخ إلا أنها حدثت في زمن غير زماننا وواقع غير واقعنا وكذلك سير البطولات الزائفة التي نسجت قصصها من مخيلات كُتَّاب لا علاقة لهم بواقع الحال،‮ ‬فقد‮ ‬كنا‮ ‬نسمع‮ ‬ونقرأ‮ ‬سير‮ ‬البطولات‮ ‬فتشرئب‮ ‬اعناقنا‮ ‬إلى‮ ‬السماء‮ ‬معتقدين‮ ‬أن‮ ‬السيف‮ ‬والرمح‮ ‬والبندقية‮ ‬فقط‮ ‬من‮ ‬يصنعن‮ ‬الرجال‮ ‬والأوطان‮ .‬
- فقد تأصل في وعينا مثلاً ونحن نقرأ أونسمع قصائد عنترة العبسي وسيرته البطولية وهو يحز الرؤوس ويطعن الأكباد ويجندل الفرسان، أنه لاحياة في الدنيا إلا أن تكون مثل عنترة.. فكانت اذهاننا في بداية تشكل الوعي تستحضر وتتقمص بطولات عنترة فقط ، ويغيب عنها بفعل التأثير العاطفي كل مشاهد العنف والدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق وحال الثكالى من الأمهات والآباء والأرامل والأيتام وخراب الديار ، ويستقر في وعينا فقط أن البطل عنترة العبسي وجيشه قد سحقا بني تميم عن بكرة أبيهم وخلَّفهم للسباع ..

من‮ ‬أجل‮ ‬ماذا‮ ‬؟
من‮ ‬أجل‮ ‬عيون‮ ‬عبلة‮..‬؟‮!‬
أنا‮ ‬الآن‮ ‬وبعد‮ ‬أن‮ ‬عشت‮ ‬ثمان‮ ‬سنوات‮ ‬حرب‮ ‬أدركت‮ ‬حجم‮ ‬الخلل‮ ‬الذهني‮ ‬الذي‮ ‬كنت‮ ‬أعيشه‮ ‬ويعيشه‮ ‬جيل‮ ‬مثلي‮ ‬تسكن‮ ‬اذهانهم‮ ‬ثقافة‮ ‬القتل‮ ‬والحروب‮ ‬والدمار‮ ‬ونزق‮ ‬البطولات‮ ‬الزائفة‮ .. ‬
وصرت‮ ‬أكره‮ ‬عنترة‮ ‬وسيرة‮ ‬عنترة‮ ‬وأكره‮ ‬الحروب‮ ‬وسير‮ ‬البطولات‮ ‬الزائفة‮ ‬وأمقت‮ ‬العادات‮ ‬السيئة‮ ‬التي‮ ‬أنهكت‮ ‬المجتمع‮ ‬بسفك‮ ‬الدماء‮ ‬والثأرات‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬تحترم‮ ‬عقلاً‮ ‬ولامنطقاً‮ ‬ولاقانوناً‮.‬
نحن‮ ‬في‮ ‬عصر‮ ‬انتقلت‮ ‬فيه‮ ‬معادلة‮ ‬القوة‮ ‬من‮ ‬الجسم‮ ‬إلى‮ ‬العقل‮.. ‬لديك‮ ‬عقل‮ ‬متعلم‮ ‬متنور‮ ‬متدرب‮ ‬تستطيع‮ ‬أن‮ ‬تحرك‮ ‬أكبر‮ ‬قوة‮ ‬وتحقق‮ ‬معجزات‮ ‬وانجازات‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬ميدان‮ ..‬
نحن‮ ‬في‮ ‬عصر‮ ‬آخر‮ ‬له‮ ‬ميادينه‮ ‬وادواته‮ ‬وإنجازاته‮.. ‬ولم‮ ‬نعد‮ ‬أسرى‮ ‬زمان‮ ‬وعادات‮ ‬مضارب‮ ‬بني‮ ‬عبس‮ .‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63986.htm