د. أشرف الكبسي - خذوا واحداً من الشارع.. اعطوه وهماً باذخاً.. سيارة مدرعة أو اثنتين.. مرافقين ملثمين.. وعدسة إعلام تصاحبه كظله..
ثم انظروا ماذا سيحدث!؟
ألن يصبح لحضوره هيبة، ولكلامه في العيون قيمة!؟ وإن ألقى أسخف نكات الوجود.. ألن يضحك المتحملقون حوله بسخاء مع هز هاماتهم اعجاباً بفطنته وحكمته وخفة دمه!؟
وقد تتعالى الهتافات: الله يحفظك.. يخليك للشعب.. بحجم وطن!
ولربما هز رأسه تصديقاً ولوح بيده امتناناً.. يا لي من رجل!؟
من يخدع من!؟
والآن.. أعيدوا "معاليه" إلى ذات الشارع، واتركوه هناك وحيداً ومجرداً كما كان إلا منه..
ثم انظروا ماذا سيحدث!؟
لاشيء!
لن ينضم إليه في مقام شخصه تحت الشمس إلا بقعة ظله!
ولو أنه صرخ بعلو صوته، بكل حكمة وأتحف نكته، لرمقه بعض المارة، بازدراء مألوف للشارع لا للعدسة: ياله من تراكم كتلة غباء وتكثيف ثقالة دم!؟
كم شخصا مهماً، ومسؤولاً رفيعاً، بحاجة للذهاب أحياناً، منفرداً ومجرداً، للوقوف على تلك النقطة وفي ذات الشارع!؟
والأهم.. هل يدرك هو، ونحن جميعاً، أن هناك نقطة حتمية تنتظر ذهابنا إليها قسراً.. وقريباً، لا لنقف عليها عابرين وإنما لنستلقي تحتها مقيمين، فرادى وبصمت مطبق وتجريد مطلق!؟
|