عبدالله الصعفاني - فضلاً.. اصرفوا "المعاشات" وأوقفوا أوجاع الموظفين..!
بين الوقت والآخر يأتي من يسألني نفس السؤال:
تقول با يصرفوا المرتبات المتأخرة.. أنت صحفي، وتفهم في "الأمور"..؟
ولعلكم سمعتم هذا السؤال يتردد باستمرار وسط فرجة يمنية وخارجية لا تلقي بالاً لمعاناة وأوجاع صارت مجرد أنين في فراغ لا أحد يلتفت إليه..!
* وآخر مرة، تجنَّبتُ ألّا أحبط أحد جيراني بالإجابة، وكأنني فقيه مشغول بكيفية الاستنجاء، فإذا اختلف السؤال كان الرد "ليس المسؤول بأعلم من السائل".
والمشكلة الإضافية عند بعض المهمومين بحياة بلا مرتبات هي عدم إدراكهم بأن معظم من يزعمون وصلاً بالمعرفة والثقافة والفضول الصحفي في هذا الزمن صاروا أشبه بمعلم وضع أسئلة امتحان، وبعد رسوب جماعي ظهر أن المعلم الذي وضع الاختبار لا يعرف الإجابة ولا حتى السؤال..!
* وأما وقد تزايدت الأوجاع المصلوبة على هامش الحرب الخارجية والاحتراب الداخلي بين الإخوة، فلا بد من إعادة تذكير أصحاب القرار في حكومتي صنعاء وعدن وقيادات صناعة البؤس، سواء أكانوا أغرابًا ضالين أو يمنيين مغضوبًا عليهم بأن ما تتعرض له شريحة الموظفين من قهر لا يرضي الله ولا رسوله، ولا ما تبقى من شظايا إنسانية، وأن الفرجة على أوجاع الناس صارت فاضحة لكل فرقاء السياسة اليمنيين، وعار في جبين هذا العالم المنافق.
* وأسوأ ما يخشاه من تبقى من عقلاء اليمن وحتى مجانينه ألّا يكون هناك نهاية للمواجهات بين الإخوة، وأن يستمر قطع أرزاق الناس بإصرار وكيد لا نهائي، ليس بسبب ظروف قاهرة، وإنما عن قناعة مطابخ الأطراف المتصارعة بأن المعاشات ينبغي أن تبقى مثل صلاة الجنازة إذا قام بها البعض سقطت عن البقية، وأن معاشات الموظفين مجرد زائدة دودية، استحقت البتر وانتهى الأمر.
* ولأنه المعاش، لا غنى عن واجب التذكير به وبأوجاع ضحايا تعلَّموا ليتوظفوا بخلفية قديمة كرَّست أن الوظيفة الحكومية العامة هي المستقبل لكل مؤهل أو حتى غير مؤهل، وأن شِبرًا مع الدولة أفضل من ذراع مع القبيلي.
* الاحتراب بين أبناء البيت اليمني الواحد وانقطاع المرتبات على النحو الذي يعرفه القاصي والداني صار خنجرًا في خاصرة كل موظف بنى أحلامه على معاشات طال الحديث عن عودتها، ثم تحولت إلى خيبة أمل وسحابة صيف لا تمطر.
* عام بعد عام والموظفون يكتشفون أن مرتبات سنين كثيرة من أعمارهم مجرد فحمة غير قابلة للاشتعال، وأن الانتظار نفسه صار كالديون، ذُلٌّ في النهار وهموم في الليل..!
* هل تُصرف المعاشات..؟
يبدو السؤال في حاجة للتصويب على نحو: هل تتوافر نوايا طيبة لصرف معاشات الموظفين بانتظام، بعيدًا عن المقلي والسامج من مبررات تستعصي على الهضم..؟
هل من يتقاسمون حكم الجهات الأصلية والفرعية من اليمن الطبيعي يعترفون بأن للناس نصيبًا في بلادهم، وأنهم يستحقون أن يعملوا ويقبضوا ويعيشوا، شأن كل البشر في هذا العالم؟، وهل عند فرقاء السياسة والاحتراب والكيد وصانعي الأزمات قناعة بأهمية أن تحتل المرتبات أولوية في تفكير أصحاب القرار، وفي حوارات إقليمية وأممية لم يطل منها الموظفون على شيء..؟
لقد تحولت الحرب على اليمن إلى فتنة متجددة الاشتعال وعذاب لا يتوقف، ومصنع لإنتاج الفقر والتسول وتردي الاخلاق.
* أقسم بالله أنني شاهدت بعد صلاة ظهر الرابع من رمضان رجلاً يشبهني ويشبهكم في لحظة حيرة أمام برميل القمامة، ويقول بصوت مرتفع أنه يبحث عن روتي في البرميل، ولكن السيارة رفعت القمامة.
وسواء أكان صادقًا أو ممثلاً، فإن ما قام به وغيره يشير إلى أزمة معيشية أفضت إلى مشكلة أخلاقية تندرج تحت قول حكيم بأن الجوع كافر..؟
* أوضاع صعبة وسَّعت من خارطة الفقراء، وعكست نفسها على صحة الناس واستقرار الأسرة وستقود إلى المزيد من حالات التشتت الأسري ودعاوى الطلاق..
ثم ماذا بعد يا بلدًا يشكو أبناؤه إحساسهم بغياب المواطنة..؟
ليس من رد غير إغلاق الكلام ببرقيتين ليس مهمًّا أن يختفي منهما حرف الدال:
* الإخوة حكومة معين عبدالملك.. أين ما كنتم تتنطعون به في مؤتمر الحوار الوطني وأمام الشاشات التليفزيونية من ضرورة الهدم بهدف البناء.
وأي شرعية لا تعمل شيئًا من أجل انتظام مرتبات اليمنيين في جميع المحافظات..؟
ويا حكومة عبدالعزيز بن حبتور.. عندي سؤال لكم: ماذا تعملون عندما لا تعملون..؟
ودائمًا.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.. |