يحيى علي نوري - استبقت مفاوضات صنعاء مع الوفدين العماني والسعودي تفاعلات إعلامية غير مسبوقة اتسمت في اغلبها بأخبار التسريبات عن طبيعة هذه المفاوضات والتصورات والرؤى المطروحة أمام المتفاوضين كمخارج عملية للأزمة في بلادنا..
وجاءت تصريحات رئيس الوفد الوطني إثر وصوله إلى صنعاء بمعية الوفد العماني لتضع حداً لهذا الكم الهائل من اخبار التسريبات بقوله : انه لا صحة لهذه التسريبات وبأنه سيتم التعامل مع معطيات الواقع..
تصريح لاريب شد انتباه الرأي العام المحلي والخارجي فالكل بات بانتظار ما سوف تسفر عنه مفاوضات صنعاء والتي استمرت ما يقارب الخمسة أيام، اتسمت هي الأخرى بالكثير من التصريحات السياسية والإعلامية من قبل العديد من الشخصيات القيادية بصنعاء وبصورة لا تعكس التناغم مع ايقاع المفاوضات الجارية، بل وزادت من المشهد قتامة اضافة إلى ما شكلته التسريبات السابقة على المفاوضات من قتامة تجعل من الصعوبة بمكان الوقوف أمام معطيات يعتمد عليها في الاقتراب على الاقل مما يعتمل داخل أروقة التفاوض..
ولاشك أن حالاً كهذا من الضوضاء الإعلامية كان يمكن تجاوزها لو تم الاعتماد على مصدر مخول بالحديث عما تتم مناقشته بدلاً من حالة الضوضاء الحاصلة..
وبما أن المفاوضات قد انتهت بالتأكيد من قبل المعنيين وحققت تفاهمات في قضايا معينة وبقيت قضايا أخرى عالقة تحتاج إلى جولة جديدة من التفاوض ودون ايضاح لطبيعة القضايا التي تم التوافق حولها فإن ذلك أيضاً جعل المشهد أكثر سوداوية، خاصة وان الرأي العام ينتظر بشغف كبير المعلومة التي تجعله أكثر اطمئناناً على حاضر ومستقبل وطنه في هذه المرحلة الحساسة والعصيبة التي يمر بها ،وهو ما يعني عودة المتابعين والمهتمين من جديد إلى التسريبات عما تمت مناقشته في صنعاء أو اطلاق العنان للمحللين السياسيين والذين سيحاولون الاقتراب مما حدث من خلال استنتاجات قد لا تخلو من الشطح والرؤى المتشائمة، التي قد تسهم في رفع منسوب الاحباط لدى الجمهور المتابع..
وإذا كانت السرية التي اتسمت بها مفاوضات صنعاء وما سبقها من مفاوضات تعد ضرورة تقتضيها المفاوضات لضمان نجاحها وتلك مسألة يُعمل بها في كثير من المفاوضات المماثلة التي تتم في بلدان تتسم بالصراعات الداخلية الملتهبة فإن ذلك لا يمنع أيضاً من إيصال رسالة للرأي العام بطرق وقوالب مختلفة تحمل في طياتها السياسية والإعلامية ما يجعل الرأي العام يشبع حاجته من المعلومة الشافية البعيدة عن الخطاب المتشنج، وكذا من خلال العمل على ضبط ايقاع الذين يندفعون إلى اطلاق تصريحات سياسية باعتبار ذلك من مهام مصدر مسئول مخول..
وهذا أمر دعا الكثير إلى زيارة حساب محمد عبدالسلام بتويتر باعتباره المصدر الأهم والذي ظل خلال ايام التفاوض غير ناشط، ما جعل المتابعين يشعرون بأن وراء هذا الصمت أموراً ايجابية سيعلن عنها لاحقاً، وقد تعفيهم من متابعة حالة الضوضاء السياسية والإعلامية، وبالرغم من هذا لا جديد عن طبيعة ما تم مناقشته، ما يعني أن مرحلة جديدة من التسريبات ستتواصل.
|