الميثاق نت -

الثلاثاء, 18-أبريل-2023
د. طه حسين الهمداني -
قليلون هم الذين يتركون أثرًا طيباً في حياتهم الشخصية واثرًا ملهِمًا في مجال عملهم، يبنون مداميك حياتهم بصدق وإخلاص ووفاء ليس له نظير.

أحد هؤلاء سعادة السفير الراحل الأستاذ يحيى محمد السياغي، الذي جمعتني به صداقة متينة وعلاقة وارفة مليئة بالمحبة والألفة، امتدت لعقود من الزمن.

العزيز يحيى رجل نبيل ينحدر من أسرة كريمة مناضلة، قدمت الكثير طيلة العقود الماضية للوطن وللثورة والجمهورية والحرية والعدالة.

الحديث عن مقام الرجل ومشوار حياته الحافل بالعطاء والعمل لخدمة اليمن وسجله في المجال الدبلوماسي والعلاقات الدولية طويل وليس له منتهى، فقد تدرج في السلك الدبلوماسي ومثَّل اليمن خير تمثيل لدى الدول التي عمل فيها، اكتسب خبرات وتجارب ثرية زادت من ثراء وتنوع عطاءاته، ومسيرة نضاله الطويلة، حتى تم تعيينه سفيراً لبلادنا في عدة بلدان.

في حقيقة الأمر تعرفت على الراحل يحيى عن قرب نهاية عقد الثمانينيات، حين كان مستشاراً لسفارة بلادنا في دمشق وكان وقتها أخي الأكبر د. عبدالهادي سفيرا لليمن لدى قلب العروبة النابض سوريا كما سماها الزعيم العروبي الخالد جمال عبدالناصر.

الصديق السياغي شخصية لطيفة المعشر فائق التهذيب رقيق يمتاز بالحيوية والنشاط، خلوق ومهذب، نشيط وحريص على مد الجسور مع الآخرين، يندمج في العلاقات الاجتماعية ليس لأن حرفته الدبلوماسية تتطلب ذلك ولكن لأنه اصلا تشرَّب قيم وتقاليد المجتمع اليمني الأصيل.

عندما تلتقيه لأول وهلة تشعر بأنك وجدت ضالتك التي كنت تفتقدها، وجدت الإنسان والصديق الذي يأسرك بأريحيته وابتسامة تكاد لا تفارق محياه، توطدت صداقتنا عميقًا عندما كنت أعمل في مكتب الرئاسة كان هو رئيس دائرة المراسم والتشريفات بوزارة الخارجية، وتعمقت أكثر عند عملنا معًا بعد العام 2011، كنت مهتمًا بعمل المنظمات وكان مسؤولاً عن دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية بوزارة الخارجية، مع وجود ترابط وثيق بين عمل منظمات المجتمع المدني داخل الوطن وعلاقتها بالمنظمات الدولية كان بيننا التواصل وتبادل الرأي والمشورة.

كما عملنا سوية في إطار الأمانة العامة للمؤتمر حين تم تعيينه رئيسا لدائرة العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي العام، كانت حينها مهمةً صعبة وفي غاية التعقيد والدقة؛ لشغل هذا المنصب، لكنه تمكن من تعزيز علاقات المؤتمر بالدول والمنظمات الدولية بحكم خبرته وتجربته.

الحديث عن الراحل الأستاذ يحيى كصديق ورجل دولة تقلد العديد من المناصب، حديث متشعب ولا يمكن الاقتراب من كل حياته، فقط نحاول هنا مجاراة الوقت ومسابقة الزمن، واستعادة ما يمكن استعادته؛ للإدلاء ببعض ما كان عليه الرجل، وما وجدناه في سريرته وسيرته التي كانت دفترًا مفتوحاً تعلم منه جيل كامل ممن يسعون للأمام بكل طموح ومثابرة.

جمعتنا كثير من اللقاءات واللجان المشتركة، وقد اسهم الأخ السفير بفاعلية في تأسيس عدد من المنظمات، أهمها "أصدقاء الأمم المتحدة في اليمن"، وهي منظمة غير حكومية، تجمع عدداً من الأصدقاء المهتمين بتفعيل انعكاسات منظمات الأمم المتحدة ايجاباً على الواقع اليمني في نطاق الأمن والسلم الدوليين، وتعزيز التفاعل مع المنظمات الأممية التخصصية في إطار الأمم المتحدة، ونجحت المنظمة في إقامة علاقات طيبة مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة.

كان فيها الراحل نعم السند والعون والمستشار في تسهيل أعمال المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، استطاع خدمة بلاده بكل الوسائل الممكنة والأدوات المتاحة.

كما كان دومًا حريصًا على إعلاء مصالح الوطن وخدمة أبنائه في مختلف المواقع الرسمية والشعبية دون كلل.

ذلك جزء من سيرة الرجل وما عرفته عنه أثناء الصداقة والعمل المؤسسي والحزبي، إضافة إلى ذلك فإن سيرته العملية وتحديدًا في السلك الدبلوماسي كسفير غير مفوض في أكثر من خمس دول في أمريكا اللاتينية وغيرها من الدول العربية يعكس ملمحًا خاصًا عن هذه الشخصية الاستثنائية المتميزة وكان رحيله خسارة فادحة على كافة المستويات.

سيظل زملاؤه واخوانه يتذكرونه بالخير دائمًا ويدعون له بالرحمة والمغفرة، فرحيله المبكر مثَّل خسارة للوطن وللمؤتمر الشعبي العام وللعمل الدبلوماسي والشعبي في مجال المنظمات المحلية والدولية.

لروحك أيها الصديق المخلص والسفير النبيه يحيى الرحمة والغفران.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64127.htm