يحيى علي نوري - أي اصطفاف لأي قوى لا يضع في الاعتبار التشخيص الموضوعي والواقعي للمشهد اليمني ويحدد بالتالي أولوياته العاجلة وفي إطار من الرؤية الثاقبة المتجردة تماماً من الانفعالات والمزايدات السياسية فإن مصيره حتماً الفشل الذريع وسيُنظر له كإضافة عبثية جديدة لإطالة أمد المعاناة الشعبية، علاوة على كونه خدمة للأجندة الأجنبية التي يهمها إطالة أمد الصراع والتطاحن حتى تطمئن على تحقيق مصالحها الاستراتيجية..
ما دفعنا إلى هذه الاشارة هو ما يعتمل حالياً في عدن في إطار ما يسمى مؤتمر حوار الجنوبيين، والذي يشهد منذ التهيئة والإعداد له تباينات كبيرة في أوساط المكونات اليمنية الجنوبية، ناهيكم عن حجم المقاطعة لأعماله من قبل إطارات عدة وشخصيات سياسية واجتماعية فضَّلت عدم المشاركة فيه، وفقاً لقراءتها للأهداف التي يسعى لها هذا المؤتمر ومن يقف وراءه من المخططين والممولين، الأمر الذي جعل منه مناسبة لإبراز تفاعلات كل هذه الإطارات على الصعيدين السياسي والإعلامي، وبالصورة التي أكدت وبما لا يدع مجالا للشك أن أي خطوة نحو تحقيق الاصطفاف في إطار مكون لا يمكن أن تتم بسهولة، وأن التنوع في الرؤى والمواقف اكبر من أن يتم حصره في إطار مكون ما زال منذ تأسيسه أسيراً لبضعة قرى تدَّعي تمثيلها للجنوب، متجاوزةً وبصورة مبكرة كل هذا التنوع الكبير الذي تزخر به الساحة الجنوبية من وطننا الحبيب، علاوة على ما يمثله هذا التنوع من ارتباط وثيق باليمن الكبير وآمال وتطلعات شعبه في بلوغ مستقبل أفضل يتخلص فيه من كل مآسي الماضي وآلامه..
وبما أن هذه التفاعلات المبكرة قد افشلت هذا المؤتمر وأهدافه وإن حاول القائمون عليه اظهار عكس هذه الحقيقة فإن ادعاء النجاح له لن يمثل هو الآخر إلا عقبة كؤدة أمام راسمي أهدافه ومموليه، وأن كل ما سيخرج به من مقررات وتوصيات لا ريب أنها ستحصرهم في زاوية ضيقة وتجعلهم أكثر عجزاً عن التحرك الوطني والسياسي، ليس على مستوى المحافظات الجنوبية فحسب وإنما على مستوى اليمن، وكذا المواقف الدولية المؤكدة على وحدة وسيادة اليمن..
وهذا ما سوف تؤكده ردود الأفعال لمخرجاته وهي ردود ستدين وبشدة كل محاولة بائسة هدفها الاستحواذ على إرادة اليمنيين وحقهم المشروع في حوار وطني جامع يتمكنون من خلاله وبإرادتهم الحرة من بلوغ المعالجات الناجعة لأزمتهم دون شطط ولهث وراء الأجندة الاقليمية والدولية على حساب مصلحة اليمنيين وحاضرهم ومستقبلهم..
وخلاصة أن وجود هذه النتوءات التي تسيئ لشعبنا شمالاً وجنوباً .. شرقاً وغرباً ستكون إن شاء الله بمثابة الدافع الأكبر لكل قوى الشعب الحية والفاعلة في ترجمة حوار مسئول يضع حداً لكل الاعتوارات ولكل الممارسات الطائشة التي تتم تحت عناوين وقضايا تؤكد أنها خارج السرب الوطني والذي ما زال شعبنا يدفع ثمنها غالياً من دماء ابنائه وإمكاناته.
|