الميثاق نت -

الأربعاء, 10-مايو-2023
عبدالجليل أحمد ناجي -
بدأ تدريس علم الاجتماع في بلادنا منذ وقت مبكر، لكن مخرجاته وأفكاره لم توظف بشكل إيجابي لخدمة المجتمع والدولة كما يجب وبقيت محصورة في جوانب محدودة ويعد الأستاذ الدكتور حمود العودي الأكاديمي والمفكر، وعالم الإجتماع والكاتب المعروف صاحب تجربة رائدة في دراسة وتحليل العديد من الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية في اليمن.. وأنا شخصيا أتابع كتاباته منذ وقت مبكر فعندما كنت في الثانوية قرأت كتابه »الثقافة والثورة« وهو بحث قيم رغم أنه ألفه في بداية مشواره العلمي ،قبل أن تحدث تحولات كثيرة في المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي المحلي والإقليمي والدولي، ثم بعد ذلك -عقب إعادة تحقيق الوحدة - قرأت له دراسات ومقالات كثيرة وقد أعجبني  توجه الدكتور العودي لدراسة الظواهر الاجتماعية والثقافية في اليمن وأعجبني أسلوبه كباحث كرس كل جهده لتطبيق كل ما تعلمه من نظريات اجتماعية على واقع المجتمع اليمني على الرغم من أن آراء وكتابات الدكتور العودي قبل الوحدة لم تكن محل قبول لدى بعض المتشددين وتعرض بسببها للمضايقة ضمن سيناريوهات الصراعات السياسية في حينه..

- انتقل إلى عدن مواصلاً جهوده العلمية كعالم إجتماع محافظاً على استقلاليته فقد علمت من بعض إخواننا في قيادات الحزب الاشتراكي أنه لم ينتمِ لعضوية الحزب وحتى عندما عاد إلى صنعاء بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م واعلان التعددية السياسية بموجب دستور دولة الوحدة فقد بقي محافظاً على استقلاليته فلم ينتمِ إلى أي تنظيم أو حزب سياسي رغم الإغراءات التي كانت متاحة لأي قامه وطنية وسياسية وعلمية مثل الدكتور حمود العودي ومع ما كان يحظى به من تقدير واحترام في أوساط المجتمع والنخب المتنورة ، ولكنه عاد إلى عمله الأكاديمي في قسم علم الاجتماع كلية الآداب جامعة صنعاء لمواصلة مشواره في البحث والتدريس والكتابة .. وكما قال لي احد الإخوه أن الدكتور العودي بفكره وثقافته وسعة  أفقه أكبر من أن يستوعبها حزب.. فمجال بحثه واهتمامه الإنسان والمجتمع اليمني بأسره.

- لم التق الاستاذ الدكتور حمود العودي حتى اللحظة رغم أنه ينتمي إلى منطقتي مخلاف العود ولكني أقرأ ما وقع في يدي من كتاباته المتناثرة في الصحف المحلية وعلى صفحته في الفيسبوك وكلها مقالات علمية وثقافية رصينة وناضجة تعالج كثيراً من القضايا الاجتماعية والسياسية بأسلوب علمي وموضوعي محايد.

- وقد يتساءل البعض لماذا كتابات الدكتور العودي بالذات هي التي أثارت اهتمامي رغم قراءاتي المتعددة؟

ولتوضيح ذلك فقد قرأت ذات مرة أنه عقب الحرب العالمية الثانية واثناء دراسة بعض الظواهر الإجتماعية اكتشف العلماء أن هنالك فجوة بين المجتمع والدولة، فعلم الاجتماع يدرس المجتمع وعلم السياسة يدرس الانظمة السياسية وبينهما فجوة، ومن هنا برزت أهمية ردم هذه الفجوة المعرفية من خلال ابتكار علم وسيط اطلق عليه اسم علم الاجتماع السياسي ، أما نحن في اليمن فلدينا فجوات ومغارات علي بابا كثيرة بين الاجتماعي والسياسي ولذلك فإن علينا في أي نشاط سياسي أو اجتماعي أو حوار وطني أن لانغفل دور علم الاجتماع السياسي ويجب أن نستحضر في اجندتنا واذهاننا كتابات وآراء البرفيسور حمود العودي وغيره من علماء الاجتماع و الأكاديميين المهتمين بدراسة الظواهر الاجتماعية في اليمن وعلاقتها بالجانب السياسي كمرجعية علمية ووطنية إذا اغفلناها قد نترك فجوات كثيرة.. وعلينا أن نتعلم من مدرسته وأفكاره وتحليلاته العلمية النيّرة ..

ولقد سررت كثيراً بظهور عموده المنشور في العدد السابق من صحيفة »الميثاق« وأرجو ان يستمر في كتاباته العلمية والتنويرة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64194.htm