الميثاق نت -

الأربعاء, 10-مايو-2023
راسل عمر القرشي -
* كيف لا تكون الحرب قاسية وآثارها التدميرية والحياتية عمَّت كل الأمكنة والأرجاء؟!، كيف لا تكون مؤلمة وقد أذلت عزيز النفس وألقت به إلى القاع بوجع ليس له شبيه.

هي الحرب لها بداية، فيما نهايتها تبقى مفتوحة إلى أن يشاء المتحاربون التوقف ..  لا شيء يأتي منها سوى الموت من كل اتجاه.

تحرق سنابل القمح وتقود للجوع وتفشّي الأمراض والأوبئة .. ولا تفتح سوى الغرف المظلمة التي لا نور فيها ولا حياة.

لم يكن الصحفيون والإعلاميون اليمنيون أقل حظاً من مئات آلاف اليمنيين الذين دمرت الحرب أحلامهم وآمالهم ، ودفعت الكثير منهم لتجشّم الشدائد وتحمّل ما هو شاقٍ وقاسٍ، والبحث عن أعمال أخرى - بعد أن توقف قطار الحياة بهم بتوقف مرتباتهم وأعمالهم - يعتاشون من ورائها.

صحفيون وإعلاميون يمنيون دارت عليهم الأيام بسبب الحرب الملعونة ؛ وساقتهم إلى بحر متلاطم الأمواج .. على أمل الحصول على جزء يشع من أحد أركانه بصيص أمل ولقمة تقيهم الموت تحت "بيادات" المتحاربين.

* إن الحديث عن هذا اليوم العالمي بالنسبة لنا كصحفيين يمنيين يقودنا إلى مأساة وخاصة خلال السنوات التسع الماضية وما شابها من أحداث ووقائع لازمتنا ووضعنا خلالها تحت مجهر وأعين المتصارعين..

إنه الوجع والألم المعجون بالقلق عاشه الصحفيون اليمنيون وما زالوا- بسبب الحرب المشتعلة، تسببت بفقدان واستهداف وإخفاء بعض زملاء الحرف والمهنة، فيما ترك البعض مهنته ولجأ للبحث عن مصدر عيش آخر يوفر من خلاله لقمة مغموسة بالدم -كنايةً عن العمل الشاق الذي قد يُدمي اليدين والقدمين من شدته وقسوته، وليس دم الحروب وما تخلفه من قتل ودم.  

صحفيون يعيشون على طريق الموت، يترقبون الغد بكل خوف، يموتون يومياً بسكِّينة القلق ورصاصة الهم والوجع.

صحفيون توفوا وهم يعيشون حالة من الفاقة والعوز ويفتقدون قيمة العلاج، وبعضهم اُستهدفوا بعبوات ناسفة؛ وآخرون طُردوا من منازلهم نتيجة عدم قدرتهم على دفع الإيجارات..

ماذا نقول وماذا نحكي عنا كصحفيين يمنيين .. هل نحكي عن القلق الدائم الذي لا يزال يسكننا .. أم نحكي عن الصحفي المتهم من كل الأطراف إن لم تنل رسالته وما يكتبه رضا هذا الطرف أو ذاك، أم نحكي عن الحالة المعيشية المتردية التي نعيشها في الداخل الوطني، حُوّلنا خلالها إلى متسولين وشُقاة نعمل بالأجر اليومي.!!

ترهيب وتخويف على بلاط الوجع الدامي عشناه ومانزال في وطن أصبحت الحقيقة فيه مذبوحة على شفرات المقاصل، فيما أصبح الصحفي لا يلوي على شيء سوى الابتعاد والبحث عن عمل آخر ليقتات وأسرته لقيمات مملوءة بالهم والقلق والوجع.!

في اليوم العالمي للصحفيين.. ليس لدينا ما نقوله أكثر مما قلناه..

 

لسنا بخير.. ولسنا على ما يرام.. والحمدلله.

* المهم والأهم من أوجاعنا وآلامنا نحن الصحفيين، التي لن تجد من يسمعها أو يلتفت إليها سأبتعد قليلاً لأقول إن حرية الصحافة تعني مسئولية تجاه الناس في أي بلد من هذا العالم وتنسحب هذه المسئولية على القضايا العالمية وخاصة قضايا الإنسان وحقوقه، مع تأكيدنا أن الحرية ليست مطلقة لكنها نسبية ولكن حتى هذه الحرية النسبية غير موجودة في زماننا هذا!

غالبية الإعلام يدّعي أنه حر ومستقل وهو ادعاء كاذب في عالمنا اليوم ، وفي ظل تسيُّد القطب الواحد ليس هناك إلا إعلام موجَّه يخدم سياسة هذا القطب، وحتى إن تعددت الأقطاب وأصبح عالمنا متعدد القطبية، فسنظل في بلداننا العربية نجر الآلام والأوجاع خلفنا إلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى.!

نحن نعيش في زمن الرأسمالية والليبرالية المتوحشة، وهنا نطرح سؤالاً : كم حروب اشتعلت في منطقتنا والعالم، وكم مسميات لها وتحت أي يافطات وشعارات قامت، وماهي النهايات.. وتجاه هذا كله هل كان هناك في الغالب والأعم إعلام حر أو مستقل؟!

الإجابة عن هذا السؤال يضع مسألة حرية الصحافة والإعلام أمام علامات استفهام وتعجب كبرى؟!!

* وأخيراً أقول لكل زملائي المتعبين على بلاط الوجع الصحفي :

لا تحزنوا إذا آلمتكم الحياة.. استمروا وتألموا أكثر وأكثر ..  فهذا هو حالنا بالأمس واليوم و.. ربما الغد.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 03:09 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64197.htm