إبراهيم ناصر الجرفي - مع بزوغ فجر الثاني والعشرين من مايو 1990م كانت اليمن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا على موعد مع حدث تاريخي عظيم غير مجرى التاريخ اليمني نحو آفاق جديدة في كل مناحي الحياة ، إنها الوحدة اليمنية المباركة التي وحدت القلوب ولمت الشمل ، ومنحت أبناء الشعب اليمني الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية ، ليتنفس الجميع الصعداء ، وليعيشوا مرحلة تاريخية جديدة من حياتهم ، مرحلة مفعمة بالتفاعل السياسي والمشاركة السياسية وحرية الرأي والرأي الآخر وحرية الإنتماء إلى أي تنظيم سياسي ، وبذلك فإن الوحدة اليمنية مقترنة ومرتبطة بالديمقراطية والحرية والتعددية السياسية ، فلا ديمقراطية ولا حرية ولا تعددية بدون الوحدة ، ولا وحدة بدون ديمقراطية وحرية وتعددية ، فالعلاقة بينهما علاقة إرتباطية وثيقة ، فكل منهما وجد بوجود الآخر فهو متلازم معه ومرتبط.به ارتباط وجودي ، وبزوال أحدهما يزول الآخر ..!!
فلا وجود للوحدة اليمنية في ظل أنظمة حكم استبدادية وقمعية ، ولا وجود للوحدة في ظل انظمة حكم لا تحترم حريات وحقوق الشعب اليمني ، ولا وجود للوحدة في ظل أنظمة حكم لا تعترف بالديمقراطية والتعددية السياسية ، وفي نفس الوقت لن يكون هناك تواجد للديمقراطية والحرية والتعددية السياسية في حال تم تقسيم اليمن إلى دويلات وأقاليم ومشاريع صغيرة ، ومن يتبنى ويدعم ويؤيد مشاريع حزبية أو طائفية أو مذهبية أو مناطقية أو استبدادية أو وراثية ليس جديراً بالحديث عن الوحدة أو الدفاع عنها ، لأن تلك المشاريع والدعوات تتعارض مع مشروع الوحدة اليمنية الكبير والعظيم والمدني والحضاري القائم على الديمقراطية والحرية والتعددية والشراكة ..!!
ولذلك يظل الحديث عن الوحدة اليمنية من حق العظماء والأحرار الذين يحترمون دستورها ويلتزمون به في كل سلوكياتهم وممارساتهم ، فمن يحرص على الوحدة بحق عليه أن يحرص على الديمقراطية والحرية والتعددية ، ومن يقول إنه على استعداد للدفاع عن الوحدة عليه أن يدافع عن الديمقراطية والحرية والتعددية ، فالوحدة اليمنية لن يكتب لها البقاء إلا بوجود الديمقراطية والحرية والتعددية ، ومن لا يلتزم بتطبيق الديمقراطية ولا يحترم حقوق وحريات أبناء اليمن ومن يعادي التعددية السياسية ، فإنه العدو الأول للوحدة اليمنية وإن حاول الظهور بمظهر الحريص عليها ، ومن يظن أنه يستطيع فرض الوحدة اليمنية بالقوة والإكراه وخارج أسوار الديمقراطية والحرية والتعددية فهو واهم ، فلا وحدة بلا ديمقراطية وحرية وتعددية ، ولا ديمقراطية وحرية وتعددية بدون وحدة ، معادلة سياسية فرضتها الأحداث والوقاثع وخيارات الشعب اليمني ..!!
وبحسب المعادلة السابقة من يريد الوحدة ويعمل من أجلها وبقائها واستمراريتها يجب عليه أن يكون من رواد ودعاة الديمقراطية والحرية والتعددية ، ومن.يعادي تلك المبادئ فهو ليس من رواد الوحدة ولا من محبيها ، لذلك من الملاحظ عدم اهتمام اصحاب المشاريع الصغيرة بالوحدة ، لأنها ترتبط بمبادئ سياسية مدنية وحضارية وتقدمية ، لا وجود لها في مشاريعهم الضيقة والصغيرة ذات النزعة المذهبية أو الطائفية أو المناطقية التي لا مكان فيها للديمقراطية والحرية والتعددية ، والقائمة على تمجيد الاستبداد والقمع والاستفراد بالسلطة ، أخيراً لا ينتظر أحد من أصحاب المشاريع الصغيرة أن يحموا الوحدة أو يدافعوا عنها أو يحافظوا عليها ، بل العكس هو الصحيح فليس من مصلحتهم بقاء الوحدة واستمراريتها ، فبقاؤها هو بقاء للديمقراطية والحرية والتعددية ، والتي تتناقض وتتعارض مع مشاريعهم الصغيرة . نقطة آخر السطر ..!!
|