عبد السلام الدباء - شهدت منطقة الشرق الأوسط في الآونة الاخيرة، تطورات سياسية مهمة تمثلت بخطوات المصالحة الجارية بين بعض الدول العربية وايران، وهي الخطوات التي قوبلت بعدم الارتياح من قبل الحكومة الاسرائيلية التي كانت تعول كثيراً على التوسع في انشطة التطبيع مع بعض الدول العربية والتحالف معها في مواجة ايران بهدف إفشال انشطتها النووية.
وعلى الرغم من الدور الحاسم الذي تلعبه بعض الدول الكبرى في ما يجري في هذه المنطقة، فإن الخطوات الاخيرة التي سارت عليها بعض الدول العربية في علاقاتها مع ايران وعلى رأسها السعودية والامارات، قد شكلت عنصر المفاجئة للعديد من الدول ومن ابرزها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، وخصوصاً بعد ما شهدته هذه العلاقات من تطور سريع تمثل في تبادل الزيارات وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الامنية المشتركة الجديدة.
وبينما تستمر الولايات المتحدة في موقفها المتشدد تجاه إيران، فإن من الواضح ان الصين وروسيا يعملان على تطوير علاقاتهما مع إيران بشكل ملحوظ، وهو الامر الذي جعل الصين تلعب دوراً بارزاً في تقريب وجهات النظر مابين الايرانيين وجيرانهم العرب، وهذا ماجعل التطورات الحالية في العلاقة ما بين الدول العربية وإيران تشهد زخمًا في الفترة الأخيرة بعد سنوات من التوتر والصراع، وهو ما يعكس توازن القوى الجديد في المنطقة.
ويرى العديد من المتابعين ان هذه التطورات الاخيرة في العلاقة ما بين ايران والدول العربية، يمكن ان تتجه نحو توفير بيئة مناسبة لتحقيق السلام، على الرغم من وجود العديد من العراقيل والتحديات ومن ابرزها طبيعة علاقات دول المنطقة مع الولايات المتحدة واسرائيل كلاً على حدة، ومع ذلك فإنهم يرون ان هذه الاتجاهات التصالحية يمكن أن تؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص بعد ان شهد عدواناً منذ ثمانية سنوات انخرطت فيه كل من ايران والسعودية والامارات، إما بشكل مباشر او غير مباشر من خلال الحلفاء لهم على الساحة اليمنية.
من ناحية أخرى، وعلى صعيد اليمن والذي يشهد حربًا دائرة منذ العام 2015م ولم تبذل فيه ايه مساعٍ حقيقية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، ولم تظهر فيه أية تحركات قوية وفاعلة لإنهاء حالة الصراع الذي تسبب في تدمير الاقتصاد وغياب الخدمات الضرورية وتفاقم الاوضاع الانسانية بصورة كبيره، الا ان مجمل التطورات السياسية الاخيرة بالمنطقة وجهود المصالحة والتفاهم مابين ايران والسعودية، يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات إيجابية تنعكس على واقع الصراع الجاري في اليمن.
ومن المتوقع في ظل كل هذه التطورات الاخيرة بالمنطقة، ان العلاقة ما بين الدول العربية وإيران، قد تفضى الى تعزيز الجهود المبذولة لوقف الحرب وإحلال السلام والاستقرار باليمن، حيث يأمل الكثيرون بأن تسهم هذه التطورات في خفض حالة الاحتقان والتقريب مابين اطراف الصراع المحلية من اجل الدخول في مفاوضات وتفاهمات سياسية بهدف ايجاد الحلول المناسبة التي تخرج اليمن من محنتها وتحافظ على وحدة البلد واستقلاله وسلامة أراضيه، ومنع أي اطماع خارجية في ثروات البلد وفي مختلف الجزر والموانئ والسواحل اليمنية.
وعلى الرغم من أن العلم بالمستقبل ليس في أيدينا، الا ان الحديث عن تطورات العلاقات العربية الإيرانية يشير بنوع من التفاؤل والامل إلى فتح صفحة جديدة في الواقع السياسي للمنطقة، ولكن، يبقى السؤال الأبرز هو إذا ما كانت هذه التحولات السياسية وحالات المصالحة الاخيرة سوف يُكتب لها النجاح في وقف الحرب وتحقيق السلام في اليمن وبما يحافظ على وحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.. أم لا.
|