كتب/رئيس التحرير -
الحديث الراهن عن اعتزام مجلس الأمن الدولي إصدار قرار بشأن اليمن، يتبنى خطة شاملة لعملية التسوية السياسية، وكافة المتطلبات الأساسية للملف الانساني والاقتصادي والعسكري يُعد مبشراً بتحقيق انفراجة للأزمة اليمنية.
لكن يظل طموحاً مازال أمامه العديد من العوائق والمصاعب التي يتطلب العمل بها قبل إصدار هـذا القرار وأهمها توافق اليمنيين أولاً على خطة التسوية الشاملة بحيث يأتي القرار الدولي مكملاً لهذا التوافق وقاعدة لانطلاق مختلف المسارات على طريق تحقيق التسوية.
ولعل أبرز ما يخيف اليمنيين هو ما يعتمل اليوم من ممارسات فظيعة تضر بالوحدة اليمنية وتدخل اليمن واقعاً أكثر تشتتاً وتمزقاً يستحيل معه النظر الى أي تسوية إذا لم تضع في الاعتبار هذا التخوف المشروع للشعب اليمني والذي يؤكد إرادته الصلبة المنتصرة للوحدة اليمنية، ووضع حدٍ لكل الممارسات غير المسئولة والتي تتم في إطار ممنهج خطط له دول العدوان وعملت خلال السنوات الثمان الماضية من عدوانها الغاشم على خلق واقع لا يتفق مع متطلبات ترسيخ وتجذير الوحدة اليمنية من خلال ما أبدته من دعم غير محدود للكيانات الانفصالية واطلاق العنان لها ببث الكراهية بين أبناء الشعب وبصورة مقيتة عرضت النسيج الاجتماعي للخطر وجعلته يخوض معتركات لا هدف لها سوى المزيد من هدم وتدمير كل ما من شأنه أن يحقق لليمنيين حالة من الأمن والسلم الاجتماعي.
ممارسات لا ريب أن تأثيراتها اليوم بالغة الخطورة والتدمير، وينبغي على الأمم المتحدة أن تثبت مصداقية توجهها بشأن الأزمة اليمنية من خلال إعادة الأمور أولاً الى نصابها وأن يتعاظم مع هذا التوجه جوانب الجذب بين مختلف القوى اليمنية نحو تحقيق اصطفاف يقوم على الحوار المسئول الباحث عن المعالجات الناجعة ومنها تصحيح مسار الوحدة اليمنية باعتبارها ليست المسئولة عن كل الاخطاء والكوارث التي حدثت خلال مسيرتها وهو أمر يمكن لليمنيين أن يحققوا درجة عالية من التوافق حول الوحدة وبناء دولتها المدنية القائمة على المشاركة الشعبية والتقسيم الاداري الذي يستوعب التنوع الكبير الذي تزخر به الحياة والأرض اليمنية.
كما أن على الأمم المتحدة أن تضع في اعتبارها كل التداعيات التي أحدثها العدوان وما خلفه من واقع اقتصادي واجتماعي صعب للغاية وأن تضمن حقوق الشعب اليمني وتأخذ حقه من الذين شنوا عليه العدوان وقرروا في مؤامرة مكتملة الأركان الاطاحة بكل مقومات الحياة في اليمن.. وأن تدرك الأمم المتحدة في الوقت ذاته محاولات قوى العدوان التملص والتخلي عن أبسط حقوق الشعب اليمني جراء عدوانهم ويحاولون عبثاً اليوم القيام بدور الوسيط في مشهد عبثي لا يقره عقل ولا منطق، متناسين أن حقوق اليمنيين لا تسقط بالتقادم مهما كانت المبررات والمسوغات التي يروجون لها.
وإزاء ما تقدم فإن ما يبديه المجتمع الدولي وبالذات القوى الكبرى من حراكات باتجاه معالجة الأزمة اليمنية لابد له أن يتعامل مع كل هذه المتطلبات بصورة واضحة وجلية إن كانت ترغب فعلاً في تحقيق سلام شامل تنعم به اليمن والمنطقة عموماً، بل وكذا المصالح الدولية.. وبعيداً عن المعالجات الركيكة والترقيعية باعتبار ذلك لا يخدم اليمن وشعبه، بل ويترك واقعاً كارثياً قد لا يؤتمن من خلاله دخول اليمن والمنطقة في أتون صراع أكثر ضراوة.
|