كتب/ رئيس التحرير - لم يقدم منتدى اليمن الدولي في نسخته الثانية -والذي عُقد في مدينة لاهاي ونظمه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية- أي رؤية جديدة وذات أهمية في عملية التشخيص الدقيق للوضع في اليمن بالرغم من الحضور الكبير الذي تجاوز الـ200 مشارك من فعاليات مختلفة يمنية ودولية.. ولعل أبرز ما يُؤخذ على هذا المتندى أن يصب كل جهوده التحليلية في بوتقة واحدة هدفها تحميل طرفٍ ما كافة المسئولية عن كل ما آلت إليه البلاد من تداعيات خطيرة في الوقت الذي كان ينتظر من هذا المنتدى في نسخته الثانية أن يقدم شيئاً جديداً من حيث الإعداد المهني لكافة الموضوعات التي تشغل اليمنيين وتزيد من معاناتهم وبالصورة التي تقف أمام مختلف المعطيات الراهنة خاصة ما يتصل منها بما يعتمل حالياً من جهود بهدف التخفيف من معاناة اليمنيين وضرورة حلحلة الملف الإنساني الذي يمثل مطلباً ملحاً..
ومن المعيب أن تتم المزايدة حوله باعتباره حقاً من حقوق اليمنيين التي تتطلب التعامل معه بحيادية تامة دون الاستغلال الرخيص لتحقيق مكاسب سياسية أو تفاوضية، وباعتبار أن أي تنازلات في الملف الإنساني هي للشعب اليمني وحده ولا تعني تنازلاً ما لأي طرف من الأطراف المتصارعة.
ولاريب أن خوض المنتدى في مناقشة الموقف الدولي إزاء اليمن قد عكس اعتماد المشاركين على هذا الموقف، في ايجاد المعالجات للأزمة اليمنية، في الوقت الذي يدرك المشاركون أن الحوار اليمني-اليمني هو الخيار الوحيد الذي من شأنه أن يحرك المياه الآسنة ويدفع بكل الطاقات نحو انجاز تسوية يمنية تتفق مع مطالب اليمنيين.. ولاشك أن ابداء المنتدى حنقه وامتعاضه مما وصفه بهشاشة الموقف الدولي إزاء الوضع في اليمن يقدم هو الآخر حالة من الإفلاس السياسي في النظرة الثاقبة لاحتياجات اليمن العاجلة، خاصةً وأن المواقف الدولية لا يمكن لها أن تعبر صراحةً عن آمال وتطلعات اليمنيين وإنما هي مواقف تهدف الى الاستغلال الرخيص للأوضاع باليمن، ويدلل على هذا أن الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وغيرهما تحاول بلوغ صيغ للحل في اليمن تتفق تماماً مع مصالحها الاستراتيجية التي تهدف الى تطويع اليمن وجعلها أداة دائمة لتنفيذ وبلورة هذه المصالح..
وهذا يعني أن الاعتماد على المواقف الدولية والشكوى المريرة من عدم قيامها بالواجب تعد شكوى زائفة لا تعكس الاستشعار بالمسئولية الوطنية التي تحتم ضرورة التركيز على عوامل الجذب بين اليمنيين والاستغلال الأمثل لكل ما من شأنه أن يجعلهم يجلسون على طاولة حوار لترجمة آمالهم وتطلعاتهم بعيداً عن الأجندة الدولية ورؤاها الضيقة التي لا ترى إلا مصالحها ولو أدت الى اتساع رقعة الكارثة في الحياة اليمنية.. كما أن استعانة المنتدى بفئات اجتماعية يمنية كالمرأة والشباب لم يحقق الهدف المنشود خاصة وأن الاطارات المعنية بهذه الفئات مازالت أسيرة لتأثيرات الأحزاب والتنظيمات السياسية ولا تمتلك في الوقت ذاته رؤية حقيقية وواقعية لمعالجة الأزمة اليمنية كونها تمثل ببغاء لهذه الأحزاب التي تنتمي إليها.
كما أن عملية التمثيل للمنتدى مازال يشوبه القصور عامة وأن فعاليات عدة حزبية ومدنية لم تُدعَ للحضور، ما يعني وجود حالة هشة لا تجعل المنتدى يتمتع بالتنوع في الآراء والافكار، الأمر الذي جعل من النسخة الثانية له تمثل امتداداً لنسخته السابقة دون جديد لافت يمكن أن يُشار إليه كتحول مهم على صعيد تحفيز مختلف القوى اليمنية باتجاه تحقيق التسوية المنشودة.
|