الميثاق نت -

الأربعاء, 21-يونيو-2023
الميثاق نت - قسم‮ ‬التحقيقات‮ ‬: -
تفاوت‮ ‬أسعار‮ ‬الدواء‮ ‬يضاعف‮ ‬معاناة‮ ‬الفقراء‮!‬

القانون‮ ‬اليمني‮ ‬يحظر‮ ‬الاتجار‮ ‬بالأدوية‮ ‬المهربة‮ ‬أو‮ ‬المزوَّرة

السوق‮ ‬الدوائية‮ ‬غارقة‮ ‬بأصناف‮ ‬شتى‮ ‬من‮ ‬الأدوية‮ ‬المهربة‮ ‬

‮ ‬ارتفاع‮ ‬أسعار‮ ‬أدوية‮ ‬الأمراض‮ ‬المزمنة‮ ‬تزيد‮ ‬من‮ ‬معاناة‮ ‬مستخدميها

الهيئة‮ ‬تقول‮ ‬إنها‮ ‬تتخذ‮ ‬الإجراءات‮ ‬القانونية‮ ‬تجاه‮ ‬المخالفين‮.. ‬والمواطنون‮ ‬يشكّكون‮ ‬


»الدواء خدمة لا سلعة« عبارة طالما سمعناها وظلت تلازمنا كلما اتجهنا لمشفى أو صيدلية نطلب الشفاء لاسقامنا وعللنا وما أكثرها، هذه العبارة الفضفاضة لانجد لها معنى ، وهى حقيقة مُرة طالما كنا نحاول تجنبها ، تتعق معناها بشكل مغاير وهذا ما نلمسه عندما تصيبنا الأوجاع والاسقام وذهابنا لمداوتها وما أكثرها.. إن جحيم الحرب وويلاتها افقدت الحياة بريقها ،وانطفأ الامل في أن تتحسن متطلبات العيش الكريم للناس خصوصا البسطاء والمعوزين منهم الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من اليمنيين دون أن يكون هناك أمل في نهاية النفق ، ومع كل ذلك‮ ‬يجب‮ ‬ان‮ ‬لا‮ ‬نفقد‮ ‬الأمل‮.‬
إن كان ما نراه لا يسر وحتى وان كان لا جدوى من الحديث كما يقال، غير أننا لابد أن ننحاز ان لتلك الآهات الخافتة والانين المتواصل صداه حتى وإن لم تعد الأذان تسمع ولا الضمائر تهتز، إنها معادلة غير عادلة البتة في الوضع الذي نعيشه فأمام غول الأسعار لم تعد المسكنات تنفع، خصوصاً فيما يخص الدواء كحاجة إنسانية ملحة للمواطن الذي يتحول الى أشبه بالكرة تتقاذفه الأهواء والنفوس المريضة المتجردة من معانى الانسانية لتحول آلامه الى استثمار مادى وللكسب ولتحقيق الارباح ، ويتحول الدواء إلى سلعة رائجة تُدر المليارات ، قد يدفع المواطن حياته إما لصعوبة الحصول عليه لعدم قدرته المالية فيموت، أو لتجرعه دواء مغشوشاً ينهي حياته لعدم خضوعه لاختبارات ومراجعات طبية تثبت مطابقته للمواصفات ولصلاحياته للاستخدام الآدمي وفى كلتا الحالتين يكون المصير واحداً هو الموت، شيء مخيف أن يفتح الموت وفاهُ‮ ‬في‮ ‬وجوهنا‮ ‬لافتراس‮ ‬ما‮ ‬بقي‮ ‬لنا‮ ‬من‮ ‬عناد‮ ‬في‮ ‬العيش‮ ‬هكذا‮ ‬تبدو‮ ‬الصورة‮.‬

رقابة‮ ‬رسمية‮ ‬
وزارة الصحة والسكان ممثلة بالهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية يبدو أنها استشعرت الأمر ودشنت حملة ميدانية للرقابة على سوق الدواء ، من تجار ومستوردي الادوية "تجار جملة " للتأكد من مدى التزام بالتسعيرة الرسمية للأدوية والمقرة من الهيئة وإشهار الأسعار على الأدوية.. نائب وزير الصحة العامة والسكان، الدكتور مطهر المروني، أكد فى هذا الصدد " أن الحملة تأتي في إطار توجه الوزارة الى ضبط السوق الدوائية وتوفير الدواء ذي الجودة وبأسعار مناسبة، وكذا لمعرفة مدى التزام تجار ومستوردي الأدوية بالتسعيرة الرسمية المقرة من الهيئة من جانبه اشار رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، أثناء حملة التدشين الدكتور علي عباس الى أن لجان الرقابة الميدانية التابعة للهيئة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه المخالفين وإحالتهم إلى الجهات المختصة وكذا مصادرة أي أدوية مهربة ومجهولة أو مزورة أو منتهية.. منظمة الصحة العالمية في تقرير لها قالت إن الدول الواقعة في مناطق النزاعات والأزمات تعاني بصورة أكبر من غيرها لعدة أسباب، منها أنها تقع ضحية ما يُعرف بسموم الصناعات الدوائية، وأشار التقرير إلى أن واحدًا على الأقل من كل عشرة عقاقير‮ ‬تباع‮ ‬في‮ ‬الدول‮ ‬النامية،‮ ‬ومنها‮ ‬اليمن،‮ ‬وهو‮ ‬لا‮ ‬يتمتع‮ ‬بمواصفات‮ ‬الجودة‮ ‬المطلوبة‮ ‬ما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى‮ ‬وفاة‮ ‬عشرات‮ ‬الآلاف‮ ‬بينهم‮ ‬العديد‮ ‬من‮ ‬الأطفال‮. ‬

التهريب‮ ‬مستمر
الحقيقة أن الفوضى تضرب أطنابها فيما يخص تجارة واستيراد الأدوية في بلادنا واصبحت ماثلة للعيان ولعل ما حدث في الـ14 أكتوبر 2022، بوفاة عشرة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 12 سنة في مستشفى الكويت في العاصمة صنعاء نتيجة حقنهم بدواء منتهي الصلاحية خير دليل على أن مافيا التهريب مستمرة فى إزهاق أرواح اليمنيين ، وحتى هذه اللحظة ما زالت القضية ماثلة أمام المحكمة دون أن تجد الإنصاف ومعاقبة المتسببين بهذه الجريمة البشعة.. الجميع يدرك ان منافذ التهريب مفتوحة على مصراعيها لإدخال هذه السموم إلى بلادنا وعبر منافذ يُفترض أن تكون خاضعة لرقابة مشددة، لكن للأسف وعلى ما يبدو ان هناك تواصلاً واضحاً بين المهربين ومتنفذين كبار يسهلون عملية التهريب ، وإذا ما نظرنا إلى هذه الأدوية فإنها فى الغالب ما تكون رخيصة الثمن مقارنة بالأدوية الرسمية والمستوردة من الشركة الأم ،مما يسمح لأصحاب الصيدليات وشركات الأدوية بتحقيق أرباح كبيرة نظراً للفارق الكبير بين شرائها بثمن بخس وبيعها بأضعاف مضاعفة ليكون المريض هو الضحية في كل ما يجرى ، وليت الأمر يتوقف هنا فأسعار هذه الأدوية في تصاعد مخيف تتجاوز احياناً 300٪، وتتفاوت فى اسعارها من صيدلية لأخرى‮ ‬بمعنى‮ ‬أن‮ ‬الصيدلي‮ ‬هو‮ ‬من‮ ‬يحدد‮ ‬السعر‮ ‬الذي‮ ‬يناسبه‮ ‬في‮ ‬الغالب‮ ‬ولن‮ ‬يكون‮ ‬الأمر‮ ‬هنا‮ ‬في‮ ‬مصلحة‮ ‬المواطن‮ ‬البسيط‮ ‬والمغلوب‮ ‬على‮ ‬امره‮ ‬خصوصاً‮ ‬مع‮ ‬ضعف‮ ‬الرقابة‮.‬

أتاوات‮ ‬وجبايات
يقول ( س غ ) صيدلي ان كل ما يروج حول رفع الصيدليات أسعار الدواء غير صحيح وان التجار الكبار هم السبب في ذلك، مشيراً إلى أن اسعار الادوية غير ثابتة بسبب المبالغ المهولة وغير المنطقية التي يتم فرضها على المستوردين (الجملة)، منوهاً إلى ان ذلك ينعكس على الأسعار مباشرة وعرض على المحرر فواتير الشراء قائلاً: هذه اوراق الشراء وبموجبها نحن نبيع للجمهور.. "وأضاف متسائلاً كيف يمكننا البيع بخسارة ؟ ونحن نشترى بسعر مرتفع.. وعن النزول الميداني من قبل هيئة الأدوية اشار إلى أن الهدف منها الابتزاز وتصيد الأخطاء لفرض المزيد من الاتاوات بدون وجهة حق ، لافتاً إلى أن القطاع الدوائي يعانى الكثير من الاختلالات وتحتاج لكل الأطراف والمعنيين وذوى الاختصاص والكفاءة فيما يخص أي قرارات تتعلق بالأدوية لأنها تمس حياة الناس
الا ان المواطن عبدالحميد هزاع يشكو من واقع الحال ويحمل الجميع مسؤولية ارتفاع أسعار الدواء وتفاوتها من صيدلية لأخرى ويقول ان الأطباء يشتركون في هذه المأساة أيضا كونهم يكتبون علاجات لا علاقة للمريض بها وعندما يتم عرضها على طبيب آخر يستغرب من كميتها لذلك يلجأ المريض احياناً لبيع البعض منها وبأقل سعر خصوصاً اذا مر عليها وقت طويل.. واختتم حديثه بالقول " حتى المناطق والاحياء التي تقع فيها الصيدليات يتفاوت السعر فيها فحدة مثلاً سعر، وشارع الزبيرى سعر آخر وهكذا.. وعن الحملة التي تقوم بها وزارة الصحة في ضبط أسعار الدواء‮ ‬قال‮ ‬هزاع‮ ‬إن‮ ‬المواطن‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬يعبأ‮ ‬بذلك‮ ‬كون‮ ‬الواقع‮ ‬يظل‮ ‬كما‮ ‬هو‮ ‬فالأسعار‮ ‬باقية‮ ‬بل‮ ‬ويعدم‮ ‬بعضها‮ ‬وعند‮ ‬انتهاء‮ ‬أي‮ ‬إجراءات‮ ‬بهذا‮ ‬الشأن‮ ‬يعود‮ ‬الأمر‮ ‬كما‮ ‬هو‮ ‬عليه‮.‬

أرقام‮ ‬مخيفة‮ ‬
يعتبر (ع . ش ) صيدلي، ان غلاء الأدوية مأساة كبرى مازالت مستمرة تقض مضاجع المواطنين البسطاء وتهدد حياة الملايين منهم فهناك من يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة ويشكون من ارتفاع الأدوية ونحن نشعر بذلك فمثلاً سعر الأنسولين الذي يستخدمه باستمرار لمعاناته من مرض السكر "كان يباع بـ2000 ريال والآن أصبح سعره 4000 ريال".. وأضاف: "الأدوية بمختلف أنواعها في ارتفاع يومي متزايد وبشكل جنوني تجعل المواطن يشكو من الوضع ولا يستطيع شراءها".. "هناك ارتفاع في أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة التي يتعاطاها أغلب المواطنين مما يزيد من معاناتهم" ، ووصلت الزيادة في أسعار الدواء إلى 200٪ لبعض الأدوية مقارنة بأسعارها السابقة، مما أضاف عبئاً جديداً على المرضى، لا سيما المصابين بالأمراض المزمنة ، كعلاج مرضى الضغط والذي زاد سعره خلال فترة وجيزة من 2600 إلى 4000 ريال يمني، بالإضافة إلى‮ ‬علاج‮ ‬مرض‮ ‬السكر‮ ‬الذي‮ ‬ارتفع‮ ‬هو‮ ‬الآخر‮ ‬من‮ ‬7000‮ ‬إلى‮ ‬11000ريال‮ ‬يمني‮ ‬وعلى‮ ‬هذا‮ ‬المنوال‮!!‬
‮ ‬
فوضى‮ ‬الدواء‮ ‬
يوماً بعد آخر، تتسع آثار الحرب التي أوشكت على إنهاء عامها التاسع في اليمن، نتج عنها مزيد من الأزمات وتدهور الأوضاع الإنسانية منذ بدايتها حتى اليوم، لا سيما تلك الزيادات المتتالية في أسعار الدواء التي قصمت ظهر المواطن اليمني، وأجبرته على مواجهة أمراض معدية كانت‮ ‬البلاد‮ ‬خالية‮ ‬منها‮ ‬لعقود‮ ‬من‮ ‬الزمن‮.‬
ورغم الفوضى الحاصلة في سوق الدواء ما بين ارتفاع أسعار الأدوية وتهريبها وانعدام العديد من الأصناف منها، يظل توفير الدواء هو التحدي الأصعب بالنسبة للمواطنين الذين شردتهم الحرب على مدى أكثر من ثمانية أعوام مضت، وأتى ارتفاع سعر صرف الدولار وانقسام العملة بين كل من صنعاء وعدن ليضاعف معاناة الناس ويزيد من فاقتهم.. وبحسب القانون اليمني، فإنه يحظر الاتجار أو بيع الأدوية المهربة أو المزورة. كما تحدد القوانين مهام الجهات الحكومية في مكافحة تهريب الأدوية، لكن مع كل ذلك ما زال التهريب قائماً والمعاناة مستمرة.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64419.htm