راسل القرشي - * لم يعد هناك شيء آخر نقرأه في هذا الوطن الجريح غير الحزن .. كل كلمات الحب والفرح والابتسامة صمتت أو ربما ماتت وبقيت كلمات الحزن تجوب كل الأمكنة.
بالأمس فُجعنا برحيل قيادي مؤتمري بارز من الطراز الفريد، ورمز من رموز الوطنية المخلصين ممن تركوا بصمات واضحة في سفر الوطن والمؤتمر، واسهموا في بنائهما بالأقوال والأفعال معاً..
إنه واحد من القيادات الاستثنائية الذين عملوا بصمت ورحلوا عنا بصمت لتبقى اعمالهم تتحدث عنهم، كما هي اخلاقهم الرفيعة وتعاملاتهم الإنسانية مع كل من عرفهم.
كان مثالاً وقدوة في كل ما جسده من سلوك انساني رفيع وصفات قيادية فريدة خلال مسيرة حياته الحافلة بالنضال والعمل والإنجاز.
* إنه القيادي المؤتمري الدكتور أحمد محمد الأصبحي الذي ارتبط اسمه بتأسيس المؤتمر الشعبي العام، حيث كان من أبرز المؤسسين الذين اسهموا في نشأة تنظيمنا الجماهيري، وتحديثه وتجديده طيلة السنوات الماضية بأفكارهم ومبادئهم الوطنية التي عززت من العمل التنظيمي والوطني وكان لهم الدور الكبير في جعل المؤتمر الحزب الرائد على الساحة الوطنية، كما ارتبط اسمه بالعديد من مؤسسات الدولة التي أُسندت مهامها ومسئولياتها إليه، كوزارات الصحة والتربية والتعليم والخارجية والشئون الاجتماعية والعمل وجامعة صنعاء، فكان نعم المسئول الذي عمل بكل الصدق والمسئولية لخدمة بلده وأبناء شعبه، كما عكس حقيقة أن المسئولية تشريف وخطاب تكليف، بكل ما يحمله هذا المفهوم الكبير والواسع من معنى.
بقي طيلة سنوات عمره الماضية على عهده ووفائه لحزبه ومبادئه كونه أحد مؤسسي مدرسة المؤتمر .. مدرسة الوطنية والوفاء ونبل الأهداف والقيم السياسية والإنسانية الصادقة المعبرة عن عشق الحرية والشراكة والتعايش والسلام.
لم يكن يسعى للوصول إلى منصب زائل، أو أن يكون قيادياً يشار إليه بالبنان، بل كان همه مع بقية زملائه المؤسسين للمؤتمر إيجاد تنظيم وطني جامع يكون مظلة لكل القوى السياسية آنذاك، تنتهي بتأسيسه صراعات الأمس بأحداثها ومآسيها، والتوجه الصادق والمسئول صوب صناعة التغيير الوطني الذي كان حلم كل أبناء الشعب.
* اليوم وبعد سنوات من النضال والعطاء الوطني الذي لا يمكن أن يُنسى.. نودعه بقلوب موجوعة ونفوس مكلومة وأفئدة مصابة بلوعة الفراق.
نودع هذا القائد الإنسان والمعلم الحكيم الذي كانت له أدوار لا يمكن نسيانها في مسيرة النضال الوطني وترسيخ أسس الدولة اليمنية الحديثة بعناوين البناء والتنمية والديمقراطية.
يفارقنا اليوم القائد والمفكر الأصبحي جسداً إلاّ أن افكاره ومفاهيمه وإرثه السياسي والثقافي والفكري ستظل تشاركنا في كل هذه المسارات التي يمر بها الوطن والمؤتمر الشعبي العام.
* وختاماً أقولها بكل الصدق والمسئولية : مهما كتبنا عن الدكتور أحمد فلم ولن نفيه حقه .. فالأصبحي الطبيب والأديب والإنسان والمسئول الحكيم هو ومعه القليل ممن عرفناهم وعشنا معهم من أصدق وأنقى أبناء هذا الوطن ومناضليها الأحرار الذين رفعوا راية اليمن عالياً في مختلف الميادين..
هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تغييبها أو القفز عليها.
سيبقى الدكتور أحمد الأصبحي خالداً في ذاكرة المؤتمر الشعبي العام وذاكرة كل الوطنيين الشرفاء، كما سيبقى المعلّم الحي في قلوبنا الذي نهلنا منه مضامين ومبادئ الحياة السياسية، والمعنى الكبير للمسئولية الوطنية.
فسلام الله عليك دكتور أحمد ورحمته وبركاته في كل وقت وحين.
|