د. عبدالوهاب الروحاني - بعيداً عن العواطف والانتماءات السياسية والمذهبية، والشد والجذب الذي تعوَّدنا نحن اليمنيين على لوكه؛ أجدني هنا، جدُ معجبٌاً بما يجري في تركيا، وتراكم تجربة الحكم في هذا البلد، رغم حداثة الدولة فيه، وعمرها الذي لا يتجاوز المائة عام .. دولة تحكمها مؤسسات؛ دولة علمانية تحكمها مؤسسات، لكنها ليست كافرة و"العياذ بالله".
مؤخرا تابعت الانتخابات التركية، وتابعت برنامج اردوغان بالذات، وقرأت الوعود التي اطلقها في حملته للفوز برئاسة ثانية، وتابعت ايضا ما ترتب على النتائج وفوزه .
عندهم وعندنا:
اردوغان المرشح كان قد حدد برنامجه الانتخابي في نقاط واضحة، لها صلة مباشرة بحياة المواطن التركي ومعيشته، فقال إنه في حالة الفوز سيعمل على:
إعفاء المواطنين من دفع فواتير الغاز الطبيعي والمستخدم لفترة زمنية محددة، وبدأ فعلا بتنفيذ وعده .. وفي بلادنا يفرضون على المواطنين بالقوة دفع فراتير كهرباء، ومياه، وغاز، ولا تصلهم قطرة ماء أو نقطة ضوء.
وعد اردوغان بإعفاء المواطنين الاتراك من ضريبة الاستهلاك الخاص للمركبات التجارية.. والمسئولون في بلادنا يخلسون جلود اصحاب المركبات في كل نقطة، وكل مركز وكل مدينة، ثم اذا تيسر لهم نهب المركبة نهبوها.
الإعفاء الضريبي لطلبة الجامعات التركية لبعض الوسائل والخدمات التعليمية.. وعندنا يتسابقون على اغلاق الجامعات، وسرق المنح الدراسية والمالية لأولادهم واحفادهم وحرمان المستحقين، وفي أحسن الاحوال ينشغلون بقضايا صغيرة من نوع منع الاختلاط، واحتفالات التخرج.
وعد اردوغان شعبه بترتيب جديد للمكافآت والحوافز .. والمسئولون عندنا حصروا الوظائف والمرتبات والحوافز وبدلات المظهر، والسفر، والاكراميات فيهم، وفي اولادهم ونسائهم والمقربين منهم.
وعودهم ونافذتنا:
وعد اردوغان بتبسيط الإجراءات القضائية وتسهيل الوصول إلى العدالة وتوفير نظام المحاماة المجاني للعائلات الفقيرة.. وعندنا يسرقون معونات الفقراء الغذائية، ويستخدمون القضاء لشرعنة مصادرة حقوق وممتلكات الناس بالباطل، وبمخالفة للشرع والقوانين النافذة.
المسئولون في بلادنا يلاحقون الاسر الفقيرة في لقمة عيشها، وينهبون حقوق المواطنين ويضاعفون عليهم فرض الاتاوات والضرائب والمكوس غير القانونية وغير الشرعية، والتي لا يقول بها دين ولا شرع ولا شريعة ولا انسانية ولا قيم ولا اخلاق.
وفي تركيا، الرئيس اردوغان بدأ - كما وعد- العمل بنظام دعم الأسرة على عدد الأفراد، وتعزيز نظام الرعاية الاجتماعية، وضمان وجود موظف واحد على الأقل من كل أسرة .. وعندنا يطردون الموظفين ويأكلون مرتباتهم، ويصادرون درجاتهم، ويتلذوون بتجويعهم ومعاناتهم.
اردوغان أطلق برنامج درع حماية وتقوية الأسرة، ومنح ربات البيوت تأميناً يشبه الراتب التقاعدي لقاء عملهن في منازلهن .. وفي اليمن يداهمون بيوت الاسر ويشتتون افرادها وينكلون بالامهات وربات البيوت، و"رئيس الصدفة" يوجه بإنشاء نافذة الكترونية ليعرض المواطنون على "فخامته" مشاكلهم ومطالبهم..!! ويا رعاة ضحكت من جهلها الغنم.
في تركيا وعدوا بتعزيز مكانة بلدهم على الساحة الدولية، ويعملون لذلك بهمة عالية، واصبحت تركيات عامل توازن في المنطقة، وقوة يحسب لها في الناتو .. ورؤساؤنا يواصلون السمسرة والبيع والشراء، ويفرطون بالوطن والسيادة بعد ان فرطوا في الدولة والمواطن.
رئيس يحترم نفسه:
الرئيس التركي طيب أردوغان رئيس مسئول، ونموذج ناجح في بلد ليس عنا ببعيد، نقل بلده من مصاف الدول الاقل نمواً إلى مصاف الدول الناهضة اقتصادياً وصناعياً .. فمنحه شعبه الثقة واستحقها بجدارة..
تمنيت ان يفوز أردوغان وفاز لانه نهض ببلده، ويعيش مع هموم شعبه ويرمم مشاكله، ولا يستثمر ويتاجر في اوجاعه وجراحاته كما يفعل المسئولون عندنا .
عندما يحترم المسئول وظيفته هو يحترم شعبه، وهو بالضرورة يحترم نفسه.. فهلاَّ فهمتم .. وهلاَّ عقلتم ؟!
|