الإثنين, 28-أغسطس-2023
أحمد‮ ‬العشاري -
يوم 24غسطس 1982م لم يكن يومًا عابرًا كسائر أيام التاريخ اليمني، ولم يكن مجرَّد يوم شهد إشهار وإعلان تأسيس حزب سياسي تمثيلي لمجموعة سياسية يعبر عنها ومصالحها، وتناضل من خلاله للوصول إلى السلطة "لا"؛ إنه يوم استثنائي وغير عادي؛ فقد حدث فيه حدث عظيم شكَّل فارقًا‮ ‬في‮ ‬حياة‮ ‬اليمنيين‮ ‬وحدًّا‮ ‬فاصلاً‮ ‬بين‮ ‬عهود‮ ‬مظلمة‮ ‬سابقة‮ ‬وعهد‮ ‬جديد‮ ‬مضيئ‮ ‬زاهٍ‮ ‬مشرق‮ ‬زاهر‮ ‬يانع‮ ‬مثمر‮ ‬بكل‮ ‬أطاييب‮ ‬الحياة‮.‬
ماذا‮ ‬حدث‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬اليوم‮ ‬؟
في‮ ‬هذا‮ ‬اليوم‮ ‬حدث‮ ‬مايلي‮ :‬
1-التأم (1000) قائد وشيخ وعالم وخبير وشخصية سياسية وركيزة اجتماعية يمنية منتخبة من الشعب بنسبة 70٪، ومعينة من القيادة العليا للبلاد بنسبة 30٪ كمفوضين من الشعب والقيادة؛ لتدارس أوضاع البلاد ومشاكلها، وبحث سبل تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ومناقشة وإقرار مشروع الميثاق الوطني الجامع لكل أبناء (الجمهورية العربية اليمنية -آنذاك) ، ومن كان متواجدًا من أبناء (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) في شمال اليمن، والذي يمثل حصيلة جهود كل القوى السياسية والاجتماعية والدينية المتصارعة والمتقاتلة حينذاك لسنوات عديدة من‮ ‬الحوارات‮ ‬والنقاشات‮ ‬وصياغة‮ ‬الأفكار‮ ‬واخضاعها‮ ‬للاستبيان‮ ‬والاستفتاء‮ ‬الشعبي‮ ‬والمراجعات‮ ‬النهائية‮ ‬للمشروع‮.‬
2-تم في هذا اليوم إقرار الصيغة النهائية للميثاق الوطني، الوثيقة الوطنية الجامعة لليمنيين، المعبرة عن قناعاتهم المشتركة والهوية الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتنظيمية اليمنية، التي من خلالها استعاد اليمنيون هويتهم وشخصيتهم الوطنية المستلبة منذ الغزو الحبشي لليمن وحتى هذا اليوم المفصلي في حياتهم؛ حيث كانوا قبله عرضةً للاستقطابات الخارجية مذهبيًا وحزبيًا وسياسيًا، وكان لكل مجموعة وفريق منهم نُصبه وأزلامه وارتباطاته الخارجية، وكلٌّ يستمد من خارج الوطن أفكاره ومعتقداته ومناهجه وثقافته وتقاليده الحزبية‮ ‬ومواقفه‮ ‬وتوجهاته‮ ‬السياسية‮.‬
3‮- ‬ملء‮ ‬الفراغ‮ ‬السياسي‮ ‬الفكري‮ ‬النظري‮ ‬والتنظيمي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬قائما‮.‬
4- إقرار وإشهار المؤتمر الشعبي العام كإطار تنظيمي وطني يضم في إطاره كلَّ القوى السياسية والشرائح الاجتماعية التي تمثلت فيه جميعًا على نحوٍ تشاركيٍّ كاملٍ في إدارة وحكم البلاد؛ تقريرًا وتنفيذ، من خلال هذا التنظيم الحامل للميثاق الوطني المستمَدِّ من دين وعقيدة‮ ‬وثقافة‮ ‬وخلاصة‮ ‬تجارب‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬ومبادئ‮ ‬وأهداف‮ ‬الثورة‮ ‬اليمنية،‮ ‬والمعبر‮ ‬عن‮ ‬آمال‮ ‬وتطلعات‮ ‬وأحلام‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬وحقوقه‮ ‬في‮ ‬الحرية‮ ‬والحياة‮ ‬الكريمة‮ ‬كآليةٍ‮ ‬تنفيذيةٍ‮ ‬لذلك‮ ‬وترجمته‮ ‬على‮ ‬الواقع‮.‬
‮ ‬4‮- ‬إسكات‮ ‬أفواه‮ ‬البنادق‮ ‬وأصوات‮ ‬الرصاص‮ ‬والقذائف‮ ‬في‮ ‬جميع‮ ‬مناطق‮ ‬البلاد‮ ‬الملتهبة‮ ‬حينذاك‮.‬
5‮- ‬إشاعة‮ ‬الحريات‮ ‬العامة‮ ‬وحقوق‮ ‬الإنسان‮ ‬في‮ ‬ربوع‮ ‬البلاد‮ ‬ابتداءً‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬اليوم‮ ‬العظيم‮.‬
6‮- ‬تدشين‮ ‬العمل‮ ‬في‮ ‬مشروع‮ ‬بناء‮ ‬الدولة‮ ‬اليمنية‮ ‬وتحقيق‮ ‬أهداف‮ ‬الثورة‮ ‬اليمنية‮.‬
7‮- ‬تحريك‮ ‬عجلة‮ ‬التنمية‮ ‬والبناء‮ ‬والإعمار‮ ‬في‮ ‬ربوع‮ ‬البلاد‮.‬
8‮- ‬فتح‮ ‬باب‮ ‬المشاركة‮ ‬الشعبية‮ ‬على‮ ‬أوسع‮ ‬نطاق‮ ‬في‮ ‬اتخاذ‮ ‬القرار‮ ‬والإدارة‮ ‬والحكم‮ ‬والتنمية‮.‬
9‮- ‬تحويل‮ ‬البلاد‮ ‬إلى‮ ‬مدرسة‮ ‬فكرية‮ ‬وثقافية‮ ‬وديمقراطية‮ ‬وإدارية‮ ‬عامة‮ ‬لتأهيل‮ ‬الشعب،‮ ‬والقضاء‮ ‬على‮ ‬حالة‮ ‬الجهل‮ ‬والتخلف‮ ‬الموروثة‮ ‬من‮ ‬عهود‮ ‬ما‮ ‬قبل‮ ‬الثورة‮.‬
10‮- ‬ترسيخ‮ ‬النظام‮ ‬الجمهوري‮ ‬وأهداف‮ ‬الثورة‮ ‬والقضاء‮ ‬على‮ ‬حالة‮ ‬الاحتراب‮ ‬والصراعات‮ ‬والاستهداف‮ ‬للثورة‮ ‬اليمنية،‮ ‬وعدم‮ ‬تمكينها‮ ‬من‮ ‬الاستقرار‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬الدول‮ ‬الخارجية‮ ‬والجماعات‮ ‬الداخلية‮ ‬المناوئة‮ ‬لها‮.‬
11- الانتقال من حالة الاحتراب والصراع إلى حالة الأمن والتضامن والإنتاج والخلق والإبداع.. وأمكن من خلال ما تم إقراره وإنجازه في هذا اليوم العظيم الأغر بناءُ المؤسسات على أسسٍ ديمقراطيةٍ حرة، وتحقيق النهضة الوطنية الشاملة، وتحقيق أهداف الثورة كاملة، وفي مقدمتها الوحدة اليمنية، وبناء مؤسسة الجيش والأمن، وبناء علاقات دولية واسعة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع جميع الدول، واستخراج الثروات، ونشر التعليم، وإقامة المشاريع الخدمية والإنتاجية، وكسر العزلة بين مناطق اليمن عبر شبكة واسعة من الطرق والاتصالات والمواصلات والموانئ والمطارات والبنية التحتية والإنتاج الزراعي والصناعي، وسد نسبة كبيرة من الاحتياج الداخلي من المنتجات الزراعية، وتنظيم الانتخابات العامة محليَا ونيابيَا ورئاسيًا؛ تجسيدًا لمبدأ التداول السلمي للسلط، وحماية وصيانة سيادة وحرية واستقلال‮ ‬البلاد‮.. ‬ولهذا‮ ‬ومن‮ ‬أجله‮ ‬نحتفي‮ ‬ونحتفل‮ ‬بهذا‮ ‬اليوم‮ ‬العظيم‮ ‬كمناسبة‮ ‬وطنية‮ ‬لاينكر‮ ‬خيرها‮ ‬وفضلها‮ ‬وأهميتها‮ ‬وقيمتها‮ ‬وإنجازاتها‮ ‬إلا‮ ‬جاحد‮ ‬أو‮ ‬أعمى‮ ‬البصر‮ ‬والبصيرة‮.‬
ويؤسفنا أننا اليوم نحتفي بهذه الذكرى في أوضاع شبيهة بما كانت عليه أحوال البلاد قبل عام 1978م.. تجاوز اليمنيون ميثاقهم ومؤتمرهم وخرجوا عن قيادتهم الشرعية بدون وجه حق؛ فانتكسوا وارتكسوا وعادوا إلى حياة الضياع.
وبهذه المناسبة ندعو الجميع للعودة إلى ما تم به صلاح الأحوال من قبل ليصلح واقع الحال اليوم، وفي إطارٍ من التعدد والتنوع المنضبط الرشيد. ونترحم على أرواح القادة المؤسسين جميعًا، وشهداء وفقداء الثورة اليمنية، لهم جميعًا المجد والخلود، وفي مقدمتهم الشهيد المؤسس‮ ‬الزعيم‮ ‬علي‮ ‬عبدالله‮ ‬صالح‮ ‬ورفيقه‮ ‬الأمين‮ ‬حبر‮ ‬الميثاق‮ ‬الأعظم‮ ‬الدكتور‮ ‬أحمد‮ ‬محمد‮ ‬الأصبحي‮ ‬وجميع‮ ‬القادة‮ ‬الكبار‮ ‬الراحلين‮..‬
‮ ‬والتحية‮ ‬والإجلال‮ ‬والتهاني‮ ‬والتبريكات‮ ‬بهذه‮ ‬المناسبة‮ ‬لقيادة‮ ‬المؤتمر‮ ‬وجميع‮ ‬قواعده‮ ‬وأعضائه‮ ‬وأنصاره‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتهم‮ ‬الرئيس‮ ‬الصادق‮ ‬الأمين‮ ‬وجميع‮ ‬رفاقه‮ ‬في‮ ‬الهيئات‮ ‬القيادية‮ ‬العليا‮.‬
‮ ‬ونسأل‮ ‬الله‮ ‬للجميع‮ ‬التوفيق‮ ‬والسداد‮ ‬لما‮ ‬يرضيه‮ ‬وينفع‮ ‬ويخدم‮ ‬اليمن‮ ‬واليمنيين‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:19 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64695.htm