د. محمد عبدالجبار المعلمي ❊ - يظل المؤتمر الشعبي العام شامخاً على الدوام بمبادئه وحضوره في الساحة اليمنية منذ بدأ نشاطه السياسي ببلورة الميثاق الوطني وأدبياته كدليل نظري مهم، حيث تطل علينا ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام الـ»41« في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن وتنظيمنا الرائد الذي ولد ونشأ من وسط الأمواج المتلاطمة حيث الحرب والخوف والاقتتال في الشمال حينها والذي عملت قيادة المؤتمر مع كوكبة من رجال اليمن العظماء على تجميع الصفوف وجمع الشتات على قاعدة شعبية وطنية وفكر يمني صافي المنبع لا شرقي ولا غربي يكاد ميثاقه الوطني الدليل النظري والفكري للمؤتمر الشعبي العام يذهل العالم.
لقد ساعد المؤتمر في تثبيت قوامه التنظيمي الشعبي الذي يمثل شرائح المجتمع المختلفة قبوله بالآخر ومشاركته القوى السياسية في العمل الوطني وتوحيد التراب اليمني ارضاً وانساناً الامر الذي وضعه رقماً صعباً يصعب الاستغناء عن خدماته في معادلة ترسيخ الثوابت والحفاظ على الهوية والسيادة، وخبرات كفاءة كوادره المؤهلة في مجالات العمل المختلفة.
إن المؤتمر الشعبي العام يمني الفكر وطني الهوية جمع الناس على كلمة سواءً بمختلف قبائلهم ومناطقهم وافكارهم وتوجهاتهم وتخصصاتهم بعد ان كان الوطن ممزقاً والصراعات تعم أرجاءه، ذابت كل الخلافات وتوحدت الجماعات المختلفة سياسياً وعسكرياً واكاديمياً وقبلياً وأعلنوا للعالم بميثاق وطني يسيرون على نهجه.
واذا كان الميثاق الوطني قد ركز على الوحدة اليمنية بوصفها قضية محورية لكونها تمثل قدرنا ومصدر قوتنا كشعب واحد منذ الازل فمن هذا المنطلق حرص المؤتمر الشعبي العام الذي شكل منذ قيامة في 24 من أغسطس 1982م اطاراً تنظيمياً للوحدة الوطنية على ان يكون له شرف الاضطلاع بدور أساسي وفعال في الدفع قدماً وبخطى حثيثة نحو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ووضعها في صدارة اهتماماته الوطنية، باذلاً في سبيلها جهوداً كبيرة وصادقة حتى تأسست الجمهورية اليمنية الذي مثل الإعلان عن ميلادها يوم 22 من مايو 1990م بقيادة الشهيد الزعيم/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام السابق أروع تعبير عن إرادة شعبنا جيلاً إثر جيل، واعظم انجاز لأهم هدف من اهداف الثورة اليمنية، وتجسيداً لمطمح من اعظم مطامحنا اليمنية النبيلة التي تضمنها الميثاق الوطني ومكسباً قومياً للامة العربية جميعاً، ذلك لان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بقدر ما يشكل ضمانة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة كلها فإنها تشكل كذلك رافد قوة ودعماً للامة العربية قاطبة.
ومثلما كان المؤتمر الشعبي العام هو الشريك الرائد والاساسي في إعادة توحيد الوطن، كان ايضاً هو المبادر الى ربط قيام الوحدة بالتزام الديمقراطية والتعددية السياسية نظاماً ونهجاً، كما لم يتوان مطلقاً عن العمل مع غيره من القوى الوطنية الحرة والخيرة من اجل تعزيز الوحدة الوطنية، وتكريس الممارسة الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة، انطلاقاً من قيم ومبادى الميثاق الوطني الذي يدعو الى التقيد بتلك الممارسة الحضارية وينص على انه (لا حرية بلا ديمقراطية، ولا ديمقراطية بلا حماية، ولا حماية بدون تطبيق سيادة القانون).
ان شعبنا اليمني لم يصنع حضارته القديمة الا في ظل الاستقرار والامن والسلام، ولم يتحقق له ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب والحكم، ولم تتحقق له الوحدة إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية.
إن كل الاحداث الدامية عبر تاريخ اليمن الطويل قد زعزعت كل شي في حياة الانسان اليمني، إلا ايمانه بالله وتمسكه بالعقيدة الإسلامية، هذه الحقيقة تؤكد ان العقيدة الإسلامية هي ضمير شعبنا الذي يستحيل بدونه الاندفاع الى الامام، وتؤكد ان مجتمعنا اليمني في ظل الشريعة الإسلامية الحقة، قادر على فهم واقعه وتكوين النظرة الواقعية السليمة لحاضرة ومستقبله، وضمان الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وانطلاقا من ايماننا بشمول المنهج الإسلامي نرى ان اهم المرتكزات التي تقوم عليها حياتنا العملية هي العودة الى المنابع الصافية للعقيدة كتاب الله وسنة رسوله ومقاومة البدع الفاسدة والاباطيل الدخيلة على الدين ومقاومة نزعات الالحاد والشرك وإحياء رسالة المسجد حتى يعود الى سابق عهده مركز هداية واشعاع وإصلاح وسمو في العلاقات العملية فـ(الدين المعاملة) والمعاملة هنا شاملة جامعة لكل العلاقات الشخصية والاجتماعية.
إن التعصب الاعمى لا يثمر الا الشر وان محاولات أي فئة متعصبة للقضاء على الآخرين، او اخضاعهم بالقوة قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله، وان الاستقرار الجزئي او الشامل لليمن في ظل حكم يتسلط بالقوة ويتسلط بالدجل والخديعة لا يدوم طويلاً، وغالباً ما ينتهي بكارثة، وان الحوار الواعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق حياه أفضل للجميع.
ان مجتمعنا اليمني كان وما يزال يؤكد رفضه أشكال الاستغلال والظلم مهما كانت أصولها ومصادرها، ويؤكد في الوقت ذاته حرصه على الاستقرار والامن والايمان.
وقد تعرض تنظيمنا الرائد للعديد من الازمات والمؤامرات المحلية والإقليمية والدولية وخاصة من عام 2011م وحتى اليوم بهدف القضاء عليه وعلى نهجه المعتدل والوسطي والجميع يعرف كل ما حدث، ولكن المؤتمر ظل متماسكاً ولم ينجر للفوضى الخلاقة وحاول ان يجنب اليمن الاقتتال وسفك الدماء وضحى بكل غالٍ ونفيس من اجل ذلك.
ونحن على ثقة ان المؤتمر بقيادة الأخ/ صادق بن أمين أبو راس رئيس المؤتمر الشعبي العام قادر على ان يقوم بدوره الوطني في ظل هذه الأوضاع بكل اقتدار لما يتمتع به من قدرات تمثل نهج المؤتمر في الاعتدال والوسطية باعتباره من مؤسسي وقد اثبت خلال هذه الفترة العصيبة مواجهة كل العواصف الصعبة واستطاع ان يحافظ على المؤتمر بكل مكوناته وان يقود المؤتمر مع الوطن في مواجهة العدوان والتحالف الظالم على بلادنا حتى يتحقق النصر بإذن الله وإفشال كل المؤامرات الخبيثة ضد الوطن.
وسيظل المؤتمر الشعبي العام صمام امان واستقرار الوطن وقائداً للوسطية والاعتدال لقوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمةً وسطى" ولا يشعر ولا يدرك معنى هذه الآية الكريمة الا من تشبع قلبه وروحه بالوسطية والاعتدال.
وأخيراً نستطيع القول بأن المؤتمر الشعبي العام في ذكرى ميلاده الـ 41 قادر على مواجهة التحديات بأنواعها واشكالها المختلفة، معتمداً في ذلك على قواعده العريضة ومبادئه المنبثقة من الميثاق الوطني، وشفافية تعامله مع الآخرين بقواسم وطنية مشتركة تساعد وتساهم في تماسك الجبهة الداخلية كأهم مرتكز لاهتمامات حزب بحجم المؤتمر الشعبي العام.
يحق لنا ان نفخر ونتفاخر ونباهي العالم اجمع بمؤتمرنا الشعبي العام حزب اليمن الكبير القائم على المحبة والاخاء والتسامح والتنمية والبناء وسيظل كذلك.
❊ عضو اللجنة الدائمة الرئيسية
رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام -الدائرة الخامسة |