د. سعيد الغليسي -
قدم في بداية الكلمة اعتذاراً للجماهير المؤتمرية لأنه خالف رغبتهم وطلبهم الملح بعمل احتفال جماهيري عام لإحياء هذه الذكرى..
وهو طبعاً معذور فالوضع القائم هو من فرض على رئيس المؤتمر مخالفة رغبة الجماهير والاكتفاء بفعالية تنظيمية محدودة.
أكد أبو راس على ضرورة تقييم مسيرة المؤتمر من قبل قيادات الهيئات والتكوينات المؤتمرية ، وهي مسيرة في مجملها ايجابية، وفيها منجزات كثيرة وتطلعات كثيرة وفيها أشياء نفتخر بها بالمؤتمر ويفتخر بها كل يمني.
بيد ان هناك كبوات وأخطاء نحتاج لمراجعتها ومعالجة اسبابها تحاشياً لعدم تكرارها .
ووضح أبو راس ان ذلك التقييم ضروري، واختلاف ظروف وواقع المرحلة السابقة عن الواقع اليوم ومتطلبات العصر ومتطلبات الحدث تحتم على قيادات المؤتمر ان تطور المؤتمر وان تعمل من اجل المزيد من الانفتاح في الجوانب الاقتصادية والوطنية والأمنية والديمقراطية وتداول السلطة بكل مراحلها.
أكد أبو راس على ان المؤتمر ينتهج الخيار الديمقراطي منذ النشأة ، ولوائحه ونظامه الداخلي وميثاقه الوطني، ملزمة للجميع بهذ النهج، والذي سار ويسير عليه المؤتمر في انتخاب رئاسته وقيادته بأسلوب راقٍ وانتخاب عبر صناديق الانتخابات داخل تكويناته، ابتداءً من المركز التنظيمي في القرية او الحارة إلى أعلى منصب في الأمانة العامة وفي رئاسة المؤتمر.
وبهذا لا يستطيع احد فرض او اختيار أي شخص في قيادات المؤتمر، خارج ذلك الإطار الديمقراطي.
وجه أبو راس في كلمته رسالة لكل من يريد فرض شخص او اشخاص ، أو يملي على المؤتمريين اختيار أي شخص في قيادة المؤتمر، سواء في الخارج او الداخل- مؤكداً ان ذلك لن يتم ، وان المؤتمر لا يتبع احداً، وليس مطية لأحد ، وانما يتبع لوائحه ونظامه الداخلي.
وأكد أبو راس ان من حق أي مؤتمري ان يرشح نفسه ولكن عليه ان يتبع انظمة ولوائح المؤتمر، وان يتبع قيادته الموجودة في صنعاء .
وشدد على ان أي شخص او فرد مؤتمري لا يؤمن بنهج المؤتمر ولوائحه ونظامه الداخلي ولا يؤمن ويتبع قيادة المؤتمر في صنعاء ، فهو ليس مؤتمرياً ولن يتم الاعتراف بمؤتمريته "شاء من شاء وأبى من أبى"..
والحقيقة ان أبو راس كان محقاً في هذا، فمن غير المعقول ان يكون مؤتمريا من يخالف انظمة ولوائح المؤتمر ويخالف قيادته الشرعية هنا في صنعاء .
وفي الشأن الداخلي والتنظيمي أيضاً، بدا واضحاً من كلام ابو راس ان حرصه على ان يتولى القيادة في المؤتمر وفق الانظمة واللوائح الداخلية، لا يعني تمسكه او استحواذه على القيادة، فقد اكد بكل جلاء انه لا يريد البقاء في هذا المنصب يوماً واحداً، واقسم على ذلك امام الجميع، ولكن عندما تتوافر ظروف مناسبة ، ستجتمع قيادات المؤتمر وتنتخب لها من تريد، واكد ابو رأس انه سيكون اول من يغادر منصبه.
وفي الشأن الوطني والشعبي عبرت كلمة أبو راس عن انحياز المؤتمر للوطن ومعاناة الشعب ، وقد تحدث أبو راس بكل وضوح وربط بناء جبهة وطنية موحدة وقوية لمواجهة المخططات الخارجية ، بضرورة ان تقوم السلطة القائمة في صنعاء بتطبيق العدل والانصاف واحقاق الحق لابناء الشعب .
وكان أبو راس اكثر شفافية ومعبراً عن موقف المؤتمر المنحاز للشعب ، حيث اكد انه ولتعزيز الجبهة الداخلية ، فإن على القيادة الحاكمة ان تنظر للموظفين بعين الرحمة وان توفر مرتباتهم بقدر ما تستطيع، لا ان تقوم بمعاقبتهم لانهم يطالبون بمرتباتهم. فتلك المطالبة هي من حقهم لانهم بدون رواتب منذ سنوات .
وطالب أبو راس بكل وضوح ان على السلطة ان تفصح للشعب عن موازناتها واوجه ايراداتها ونفقاتها كدولة لا كشيئ اخر . وان تفكر في وضع حلول عملية بشأن المرتبات .
وهذا موقف برأينا صريح من ابو راس ومعبر عن الشعب الذي يطالب بكل ذلك وماهي ايرداتنا ونفقاتنا ، وعلى الحكام اليوم ان يقوموا بذلك الأمر ويوفروا مرتبات الناس من الفائض انا كانوا يتعاملون كدولة لا كجماعة.
وبكل وضوح قال وضحوا للناس كم تنفقون على الجيش والأمن وكم تنفقون على المواطن !!
كان ابو راس اكثر وضوحاً عندما انتقد ممارسات السلطة وقرارتها التي تفرض من خلالها آراء دينية تسيئ للشعب اليمني وقيمه وعفة وشرف نسائه ، ولا تخدم تماسك الجبهة الداخلية.
مذكراً اياهم بأن جماعة الإخوان مارسوا هذا الشيء وفي النهاية رحلوا .
وبطريقة غير مباشرة قال لهم ابو راس لا تعلّموا الشعب اليمني الإسلام فهو قد عرفه منذ قرون ، وابناء اليمن هم من حملوا رايته وأوصلوها الى الهند والسند وهم من فتحوا الاندلس ووصلوا الى قلب أوروبا.
ودعا ابو راس الى توحيد الكلمة والمواقف الداخلية والابتعاد عن المهاترات والاساءات والكلام ضد بعضنا البعض ، واعرب بشكل واضح عن استيائه ورفض المؤتمر للاتهامات ضد المؤتمريين وقادتهم وتخوينهم ووصمهم بالعمالة من قبل الشركاء الحوثيين رغم ان المؤتمريين موجودون في الداخل ويقاتلون معهم وتحت قيادتهم في كل المناطق ومع ذلك فالمؤتمري في نظرهم يهودي ابن يهودي كما قال ابو راس.
وحذر رئيس المؤتمر من ان جماعات اللقاء المشترك معروفون بالمزايدات منذ 2011م، وانهم يعملون على شق الصف الوطني ، وقال نحن نعرفهم ، وأشار إلى ضرورة ادراك الشركاء لهذه الحقيقة وان يأخذوا حذرهم من اولئك.
وطالب ابو راس في كلمته قادة البلاد الى المضي في اصلاح الاوضاع المتدهورة وإصلاح البلاد من الداخل ، مؤكداً على وقوف المؤتمر ومساندته الفاعلة لعملية الاصلاح تلك.
وحذر ايضاً قادة البلاد وبطريقة غير مباشرة من عدم الاعتماد على من اعتمدوا عليهم في صنعاء وفي ذمار وفي إب والحديدة، فهؤلاء لم يقوموا بواجبهم بالشكل الصحيح كما من يعملون في صعدة.
وطرح ابو راس بكل شفافية موضوع ادارة الدولة من خارج الحكومة وأجهزتها ، واكد ان الحكومة لا تقوم بعملها بسبب ذلك .
وفي ذلك تأكيد واضح بأن الحكومة صورية ولا تمتلك اي صلاحيات، وهناك من يدير اعمالها من الجماعة بالوكالة من خارجها ، وهذا ما أكده ابو راس عندما قال كل الوزارات لا يديرها الوزير فهو لا حول له ولا قوة.
وقبل ان ينهي كلمته اكد أبو راس انه لم يتناول الا قطرة من مطرة، تعبيراً عن حجم المشاكل والأخطاء، وانه لم يذكرها جميعاً ايضاً حفاظاً على وحدة الصف الوطني.
وأخيراً لابد من الاشارة الى ان كلمة رئيس المؤتمر اكدت حقيقة مهمة جداً وهي ان الحرب التي استمرت تسع سنوات قد انتهت ، وانها كانت حرب وطنية.
وأشار إلى ان اليمن انتصرت في هذه الحرب وان المؤتمر كان شريكاً فاعلاً في مواجهة العدوان ، وان من تصدر قيادة الحرب هو عبدالملك الحوثي.
وأضح أبو راس ان انتهاء الحرب العسكرية لا يعني انتهاء المشكلة ، وقال ان اليمن يخوض حرباً اخرى داخلية هي حرب النفوس وحرب العيش واللقمة، وحرب الاقتصاد وحرب حقوق الناس، وهي حرب حرب اخطر وأهم من الحرب العسكرية.
واكد على أهمية بناء الجبهة الداخلية لمواجهة الأخطار التي ما زالت تهدد اليمن رغم انتهاء الحرب العسكرية، وان قوى العدوان أوقفت الحرب العسكرية ، لتستخدم أساليب اخرى للنيل من الجبهة الداخلية وتكريس الانقسام في اليمن، والسيطرة على بعض المحافظات وكذلك السيطرة على بقية الموانئ..
واكد ابو راس ان الشعب اليمني وخاصة ابناء المحافظات الجنوبية والشرقية الوحدويين المتطلعين إلى يمن واحد والرافضين للعدوان سيفشلون تلك المخططات ، وسيستعيد اليمن كل شبر من اراضيه.
❊ استاذ التاريخ السياسي الحديث والمعاصر
جامعة صنعاء
| 
موقف المؤتمر المنحاز للشعب