الميثاق نت -

الإثنين, 04-سبتمبر-2023
عبد‮ ‬الكريم‮ ‬محمد‮ ‬الوشلي -
صباح‮ ‬الثلاثين‮ ‬من‮ ‬أغسطس‮ ‬من‮ ‬العام1999‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬صباحا‮ ‬اعتيادياً‮ ‬على‮ ‬الإطلاق‮.. ‬ففيه‮ ‬توقف‮ ‬القلب‮ ‬الكبير‮ ‬النابض‮ ‬بالإبداع‮ ‬والشعر‮ ‬والعبقرية‮ ‬الكونية‮ ‬السامقة‮..‬
توقف القلب الذي ضخ على مدى عقود أطناناً من الدم الأخضر الحي في شرايين القصيدة ،وأتحف الشاعرية العربية بما أمَّن لها المزيد من عوامل الخلود والتميز، وهي تواصل طي الأزمنة المتعاقبة تحت جناحيها المحلقين في سماء الشعر السابعة، على المستوى الكوني بشساعته ولا نهائيته‮ ‬الموصوفة‮..‬
انتقل‮ ‬عبدالله‮ ‬البردوني‮ ‬إلى‮ ‬جوار‮ ‬خالقه‮ ‬جسداً،‮ ‬أما‮ ‬الروح‮ ‬فبقيت‮ ‬ومازالت‮ ‬وستبقى‮ ‬كلمةً‮ ‬بحجم‮ ‬الكوكب‮ ‬لها‮ ‬وقر‮ ‬في‮ ‬آذان‮ ‬الأجيال‮ ‬إلى‮ ‬ماشاء‮ ‬الله‮..‬
وعليه‮ ‬فعبدالله‮ ‬البردوني‮ ‬في‮ ‬مختصر‮ ‬تعريفه‮ ‬هو‮ "‬جوَّاب‮ ‬العصور‮" ‬وعابر‮ ‬الازمنة‮ ‬والدلالات‮ ‬والقارات‮ ‬والابجديات،بمركبته‮ ‬الشعرية‮ ‬الخاصة‮ ‬التي‮ ‬أبدعها‮ ‬تصميما‮ ‬ومواصفات‮ ‬وقدرات‮ ‬خارقة‮ ‬بموهبته‮ ‬الفذة‮..‬
عبدالله‮ ‬البردوني‮ ‬الشاعر‮ ‬والرائي‮ ‬ومؤسس‮ ‬دولة‮ ‬الشعر‮ ‬العظمى‮ ‬الممتدة‮ ‬من‮ ‬الأقاصي‮ ‬إلى‮ ‬الاقاصي‮ ‬في‮ ‬عوالم‮ ‬الفن‮ ‬والروح‮ ..‬
دولةٌ أخذت من مِهادها اليمنية قشابة المدرجات وثراء التضاريس وخصوبة الارض وسحر شواطئ اللازورد وبلاغة لغة الكروم والبن وعراقة العقيق،وراحت تجوب أقطار الإبداع الإنساني الشاسعة ناثرةً صور الاعجاز وشواهد عظمة الخالق المزروعة في روع هذا الكائن الانساني المتميز .‮.‬
عبدالله البردوني المعماري الفذ والعبقري الذي أتحف الحضارة الانسانية في بُعدها الفني الجمالي الابداعي بصروح شامخة غير مسبوقة في مميزاتها الهندسية والتصويرية ..هو شاعر عصي على الغياب،وقصيدتُه زحف ضوئي لا يتوقف في شرايين حياة محبيه ومتذوقي فنه الشعري المدهش..
هو‮ ‬دائم‮ ‬الحضور‮ ‬في‮ ‬أفراحنا‮ ‬وأتراحنا‮ ‬وعلى‮ ‬نواصي‮ ‬الأحداث‮ ‬والممرات‮ ‬المختلفة‮ ‬والمسارات‮ ‬الشتى‮..‬
هو من انقشعت غيوم الغيب لقصيدته التي تكاملت لديها أركان النبوغ والفرادة ..فغدت نبضاً كامناً في رحم الولادات الكبرى،وجمراً يتوقد في تلافيف الوعي،ومركبة كاسحة للعتمة في مسارات وجودنا ا?نساني الم?ى با?حداث والتحولات والاشواك والأخطار والغيوم والظلمات..بل صارت‮ ‬مصباحاً‮ ‬بيد‮ ‬الشعب‮ ‬وهو‮ ‬يقارع‮ ‬الخطوب،ويجابه‮ ‬التحديات‮ ‬ويخوض‮ ‬غمار‮ ‬مجاهيلها‮ ‬السحيقة‮..‬
وهو اليوم-أي هذا الشاعرالعظيم- يكرس حضوره المرموق في حياتنا مُشيَّعاً بملاييين الأقمار وفسائل الشعر المنزرعة في وعي الأجيال وملايين النبوءات الشعرية التي طوت الأزمنة وضغطتها في كبسولة ضوء مركزة تتفاعل بإدهاش عجيب بين مفاصل الأحداث والمتغيرات التي يتصدرها العدوان‮ ‬البربري‮ ‬الكوني‮ ‬الغاشم‮ ‬الذي‮ ‬نتعرض‮ ‬له‮.. ‬جاذبةً‮ ‬الوعي‮ ‬المتأمل‮ ‬إلى‮ ‬رحاب‮ ‬فعلها‮ ‬الاستباقي‮ ‬الكاشف‮..‬


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:44 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64763.htm