محمد اللوزي - قال تعالى:(ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) صدق الله العظيم
هنا الاختلاف هو التنوع، إذ لايمكن أن يكون العالم قالباً واحداً، إنه التعددية في أرقى معانيها التي تعتمد على المساواة والفهم الصحيح للمعطى الحياتي.. الله سبحانه وتعالى هنا، يشير الى الفكر باللغة، واللغة باللسان، ثم بعد ذلك يجعل هذا التنوع من آياته للعالمين وليس لمجتمع دون آخر، باعتبار ذلك سنة إلهية.. وإذاً مناط التفكير الصحيح واستقامة الحياة، هي في احترام التعددية الثقافية والاجتماعية والسياسية، واحترام الجنس البشري من اي لون كان او لغة.. هكذا يتحدث القرآن الكريم عن استيعاب الآخر، واعتبار الإقصاء والهيمنة والنزوع للفردية والتفرد، مخالفاً لمسيرة حياة ينبغي أن تقوم على الخبرات والتجارب وتلاقح الثقافات واحترام التنوع، وعلى استحضار الإنساني برقي معرفي، دونما نزوع لمصادرة الرأي واستلاب العقل حقه في التفكير، وهو آية من آيات الله.. وإذاً نحن لسنا في حاجة الى الوصاية، وأن ينوب أحد عن الآخر في حق القول والتفكير مالم يخالف القوانين المراعية لذلك، بهذا المعنى علينا أن نتفتح مع الآخر، ونحترم كينونته الإنسانية، وحقه في التعبير عن وجوده وتواجده، ونقل خبراته ومهاراته الى المجتمع بإطلاق الطاقات والقدرات، ووفق ضوابط ومعايير أخلاقية.. أما أن نقبل بالتنوع أو لنقل التعدد السياسي والحزبي وفق مانريده نحن ومانفكر فيه، ومتى ماتفرد ناصبناه العداء ولغة الإدانة التي قد تصل الى التخوين، فهذا مخالف لسنن الله في خلقه، وفي احقية ختلاف التفكير وتنوع الأجناس البشرية، وإلا فنحن هنا نقع في الواحدية وفي تهميش الذات المعرفية وعرقلة تنامي خبرات المجتمع، وتراكم هذه الخبرة لما فيه صالح الإنسانية، لايمكن الإقرار بتعددية حزبية مثلاً، ثم نتحكم فيها ونجعلها رهناً لمشيئة شخص او طبقة أو حزب واحد، هذا اقصاء وتهميش، وجعل التنوع مجرد ديكور لايفضي الى شيء، إنه اقرب الى النفاق المجتمعي والسياسي.. ما أحوجنا إذاً الى فهم الآية الكريمة والتعاطي معها بروح خلاقة وإنسانية تستوعب المعنى الحقيقي للتعارف البشري، وهوتكامل ونقل خبرات وتفاهم لحياة تتطور.. قال تعالى: »يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم« صدق الله العظيم
آية صريحة بينة لالبس فيها تؤكد حق التعارف لكل الناس، وحق تبادل الخبرات، وحق التطور من فهم عميق للواقع وتنوعه، ومن القدرة على العمل الصالح، وذلك هو التقوى في أسمى معانيها الإنسانية علينا إذاً أن نقيم وزناً للآخر، وأن نتفتح مع العالم، وندرك أن استلاب الإنسان حق المعرفة هوتصدع مجتمعي، وإحداث اختلال في الحياة يتنافى مع سنن الله في الارض.
فهل ندرك هذا المعنى لنتجاوز الصراع المفضي الى الدمار؟
|