د. عبدالعزيز محمد الشعيبي - قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، كان المجتمع اليمني يعيش تحت نظام سياسي واجتماعي اقل ما يمكن القول عليه بأنه متخلف في الجمهورية العربية اليمنية، ويمكن تلخيص بعض الجوانب الرئيسية لحياة المجتمع اليمني في تلك الفترة على النحو التالي:
1- النظام السياسي: كان اليمن في ذلك الوقت ملكيًا، حيث كانت اليمن مقسمة إلى عدة الوية أو محافظات صغيرة تحت حكم نواب للإمام الذين كانوا بمثابة ملوك محليين وكانت الحياة من الصعوبة بمكان بحيث لا يمكن البقاء او من يقدر على البقاء في هذه الارض إلا عناصر محدودة وهم الذين لا يقوون على الهجرة ولا يستطيعون تحمل مشاقها.
2- كانت القبائل تلعب دورًا مهماً في الهيكل الاجتماعي والسياسي في اليمن، وكانت تشكل نواة المجتمع اليمني وتوفر الحماية والدعم لأعضائها وكانت تلك النظم الاجتماعية معقدة تعتمد على العشائر والعلاقات العشائرية في تنظيم الحياة الاجتماعية والسياسية.
3- الاقتصاد: كان الاقتصاد اليمني يعتمد بشكل رئيسي على الزراعة والتجارة البسيطة والمحدودة، وكانت الزراعة تُعتبر النشاط الاقتصادي الرئيسي في اليمن، حيث تم زراعة المحاصيل مثل القات والقهوة والحبوب والفواكه. كما كان هناك بعض الصناعات اليدوية المحلية والحرفية التي تساهم في الاقتصاد. وفي الحقيقة فإنه قبل قيام ثورة 26 سبتمبر في الجمهورية العربية اليمنية، كان الاقتصاد اليمني يواجه تحديات عدة وكان متأثرًا بالعديد من العوامل السلبية.. إليك نظرة عامة على الاقتصاد اليمني قبل الثورة:
1- الفقر: كان الفقر منتشرًا ومتفشيًا في اليمن، حيث يعيش العديد من السكان تحت خط الفقر، وكانت مستويات الدخل منخفضة وتواجه العديد من الأسر صعوبات في تلبية احتياجاتها الأساسية.
2-ضعف البنية التحتية: كانت البنية التحتية في اليمن ضعيفة بل منعدمة تماماً، بما في ذلك الطرق والمدارس والمستشفيات والمرافق الأخرى وهذا أثر على إمكانية تنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
4- البطالة ونقص فرص العمل: كان هناك نقص حاد في فرص العمل المناسبة ومستويات عالية من البطالة، خاصة بين الشباب ولم يتوافر لهذه الفئة من الشباب فرص عمل لائقة، مما أدى إلى تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
5- نقص الاستثمارات: لا نقول انه كان هناك نقص في الاستثمارات في اليمن بل لم يكن هناك استثمارات على الاطلاق، سواء من القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وهذا العدم في وجود استثمارات بشكل او بآخر أدى إلى تعثر التنمية الاقتصادية نظراً لتخلف وانعدام البنية الاقتصادية.
6- التعليم والصحة: وهذا تحدٍّ كبير آخر من ضمن التحديات في مجال التعليم والصحة في اليمن في تلك الفترة، والتي انعدمت فيها اي وسيلة من وسائل التعلم الا ما كان يعرف بالكتاتيب وبعض المدارس المحدودة التي كانت تعلم المسائل المتعلقة بالامور الفقهية والقانونية في اطار الشريعة الاسلامية كما أن نسبة الأمية كانت مرتفعةجدا، نظراً لغياب المدارس والمرافق الصحية في كل مناطق اليمن سواء في الريف أو في المدن.
وهنا تأتي أهمية الثورة اليمنية:
أدت ثورة 26 سبتمبر 1962م إلى إسقاط النظام الملكي وإعلان الجمهورية العربية اليمنية، وتغيرت الظروف السياسية والاجتماعية في اليمن بشكل كبير بعد ذلك، وتأثر المجتمع اليمني بالتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تلت الثورة.
قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الجمهورية العربية اليمنية كان لها أهمية كبيرة وتأثير عميق على اليمن والمنطقة، وهذه بعض من أهمية قيام الثورة:
1- إسقاط النظام الملكي: أهم إنجاز لثورة 26 سبتمبر كان إسقاط النظام الملكي في اليمن وإعلان الجمهورية العربية اليمنية، هذه الثورة التي قامت بإنهاء الحكم الملكي وإقامة نظام جمهوري جديد، مما أدى إلى تغيير كبير في هيكلة الحكم والسلطة في البلاد، ولم يعد الفرد والحاكم المطلق الذي يستطيع ان يتصرف في كل شئون البلاد بارادته فقط بل اصبح الامر حكماً شوروياً تتوزع السلطة فيه إلى ثلاث كل سلطة مستقله استقلالاً كاملاً عن السلطة الاخرى مع وجود التداخل او التكامل الذي يفضي اذا شراكه حقيقيه بين السلطات المختلفة فيما يخدم مصالح الشعب اليمني
2- تحقيق الوحدة الداخلية للشعب اليمني: ذلك ان الامر كان قبل قيام ثوره 26 سبتمبر المجيدة عبارة عن تقسيمات فئوية وطائفية في اطار الشعب اليمني الواحد وقد هدفت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة الى ازالة الفوارق بين الطبقات ونبذ التعصب الاعمى للطائفة او للقبيلة او للطبقه التي تنتمي اليها بعض الفئات في المجتمع ولقد ساعد هذا الهدف الكبير في ازالة الفوارق المصطنعة بين عناصر المجتمع اليمني وازالة كثير من الصعوبات والتحديات التي كانت تقف دائما في وجه تحقيق الوحدة اليمنية.
3- تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي: جاءت الثورة بوعود لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي في اليمن، وتم تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية هدفت إلى تحسين ظروف الحياة للمواطنين، مثل تحسين النظام التعليمي وتوفير فرص العمل وتوزيع الثروة بشكل أكثر عدالة.
منذ الثورة في اليمن، تمت زيادة عدد المدارس والجامعات في البلاد، ولكن لا يزال هناك حاجة إلى جهود مستمرة لتلبية الاحتياجات التعليمية المتزايدة.. وهذه بعض الملامح العامة للزيادة الهائلة في عدد المدارس والجامعات التي تحققت للبلاد في ظل الثورة المباركة في الوقت الذي كانت تنعدم فيه وجود اي شكل من اشكال هذه المدارس او الجامعات..
أ- زيادة عدد المدارس : سواءً أكانت الابتدائية اوالاعدادية اوالثانوية وقد تم انشاء وافتتاح الكثير من المدارس الابتدائية والاعداديه والثانوية في اليمن لتوفير فرص التعليم الأساسي بصورة ملحوظة ويمكن في هذا الصدد ان نقارن بينما هو موجود في اليمن من مدارس بمثيلاتها في الدول العربيه ذلك على الرغم من الامكانيات المتواضعة التي تمتلكها الجمهورية اليمنية.
ب- إنشاء مدارس في المناطق النائية: تم توسيع شبكة المدارس في المناطق النائية والمهمشة في اليمن لتوفير فرص التعليم للطلاب الذين يعيشون في هذه المناطق، هذه الجهود تهدف إلى تقليل الفجوة التعليمية بين المناطق الحضرية والريفية.
ج- انشاء الجامعات والمؤسسات التعليمية العليا: تمت زيادة عدد الجامعات والمعاهد العليا في اليمن لتلبية احتياجات الشباب المتعلمين وتوفير فرص التعليم العالي وتم توسيع القدرات الجامعية في مجالات مختلفة مثل الطب، الهندسة، العلوم، والإدارة وغيرها من التخصصات المختلفة.
على الرغم من تلك الجهود الكبيرة، فإن التحديات التي تعترض مسار التعليم لا تزال كبيرة وتؤثر على قطاع التعليم في اليمن كما أن العدوان الغاشم على الجمهورية اليمنية قد فتك بالبنيه التحتية للتعليم واصابها بمقتل لادراكه القيمة الحقيقية لموضوع التعليم وأنه اذا ما بقي صلباً وقوياً فإنه يمكن اصلاح مادونه، أما بتخريب التعليم فإنه اي العدوان سيتمكن من هدم كل شيء الا انه ولله الحمد وأن فتك العدوان بالبنية التحتية للتعليم الا أن البنيه البشرية مازالت قوية وقادرة، وإن كان هناك نقص في التمويل ونقص في الكوادر التعليمية المؤهلة لبعض التخصصات، ويتطلب لتحسين التعليم في اليمن مزيدًا من الاستثمار والجهود المستمرة لتوفير فرص التعليم الموجودة للجميع في البلاد.
4- التأثير على الساحة الإقليمية: قيام ثورة 26 سبتمبر له تأثير كبير على الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط، وتحولت الجمهورية العربية اليمنية إلى لاعب رئيسي في الشؤون الإقليمية والعربية، وشكلت تحالفات مع دول أخرى ولعبت دورًا في القضايا الإقليمية والعربية.
وللمقارنة في طبيعة الحياة بين الوضع قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م والوضع بعدها في الجمهورية العربية اليمنية، يمكن اجمال بعض النقاط الرئيسية الاتية:
1- النظام السياسي: قبل الثورة، كان اليمن تحت حكم نظام حكم تسلطي كهنوتي فاسد مطبق على الشعب الخناق ومستبد برأيه ومايراه هو اي الحاكم فهو الحق وما دونه هو الضلال.. وبعد قيام الثورة اليمنية المباركة، تم إسقاط النظام الملكي وإعلان الجمهورية، حيث أصبح اليمن نظامًا جمهوريًا يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية.
2-الهيكل الاجتماعي: قبل الثورة، كانت العشائر تلعب دوراً مهماً في الهيكل الاجتماعي والسياسي في اليمن، وبعد الثورة، تم التركيز على بناء هيكل اجتماعي جديد يركز على المواطنة والمساواة الاجتماعية وتقليل دور العشائر في الحياة السياسية.
3- التعليم والصحة: لم يكن هناك اي تعليم يُذكر ولا صحة يُعتمد عليها، أما بعد الثورة فقد تم التركيز على تحسين نظام التعليم وتوفير فرص التعليم لكل المواطنين، وتم أيضًا تحسين الرعاية الصحية وتوفير المرافق المتعلقة بالصحة للمواطنين في مختلف المناطق.
4- الاقتصاد: عند الحديث عن الموضوع الاقتصادي فكما يقال حدّث ولا حرج، إذ لم يكن هناك من شيء يعتد به في المجال الاقتصادي اما بعد الثورة فقد تم التركيز على تنمية الاقتصاد وتحسين ظروف الحياة الاقتصادية للمواطنين، وتم تنفيذ إصلاحات اقتصادية كبيره وتشجيع الاستثمار وتطوير الصناعات المحلية وتوفير فرص العمل.
5- العلاقات الخارجية: كانت اليمن قبل الثورة دولة معزولة تماماً عن العالم الخارجي ولم يكن يسمح للعلاقات الدوليه بالتوسع حتى أن من كان يريد أن يدخل البلاد كان عليه اخذ الأذن من الإمام مباشرة، وبعد الثورة تغيرت العلاقات الخارجية لليمن وأصبحت أكثر تعاونًا وتواصلاً مع الدول العربية والعالمية، وتم توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية مع الدول الأخرى.
|