حلمي موسى - ومن وسط الألم والجراح أعود لأخبر أننا ما نزال على قيد الحياة وأن ميزان الحياة والموت ما زال عندنا راجحاً للحياة.. لم أكن أتخيل أن يواصل العدو قصفه لغزة وأحيائها كافة بعد مجزرة المعمداني بالشدة نفسها، لكن الواقع كان مريراً.. القصف كان هائلاً هذه الليلة.. شعاع القذائف كان يهز أركان البيت وتشعر أن لهيب الانفجارات يدخل إلى ما تحت الغطاء على رأسك.. تهرب من القصف ذهنياً بنوع من الاستسلام للنوم لكنه يلاحقك طوال الوقت.. أحياناً في صليات متتالية وأخرى في فترات مناوبة بين هدوء مؤقت وانفجارات عاصفة.. تنهض بين حين وآخر من فراشك لتحاول التعرف على المكان القريب الذي تم قصفه تجد الدنيا من حولك ظلاماً دامساً تكسره هنا وهناك اشتعالات، بل وتزداد الرهبة في النفس حينما لا ترى تلك الأضواء الخافتة في بيوت الصامدين في المدينة فتشعر وكأنها تحولت إلى قبر كبير.. الوضع بالغ الصعوبة رغم العلم بأن الفجر قادم وأن الشمس ستشرق من جديد ليحصي الأحياء أنفاسهم ويعدوا شهداءهم ويواسوا جرحاهم وأهاليهم.. نهار جديد يبزغ كلنا أمل أن يكون أفضل بعد أن بانت للعالم بأسره وحشية ليس المحتل فقط وإنما أيضاً الوجوه البشعة لمناصريه.
|