أحمد الزبيري - الشعب الفلسطيني منذ 75 عاماً وهو يقاوم ليس فقط العصابات الصهيونية التي تشكلت في دولة بعد فرضها على النظام الدولي الناتج عن الحرب العالمية الثانية، وكانت بريطانيا قد مهدت بتواطؤ النظام العربي الرسمي الواقع تحت سيطرتها أو الذي صنعته لتنفيذ وعد بلفور بنهاية الحرب العالمية الأولى، بل ويقاوم أيضاً الأنظمة العربية والإسلامية العميلة والخائنة.
وطوال وجود الغدة السرطانية المسماة إسرائيل ظل الشعب الفلسطيني يواجه ويقاوم ويقدم الشهداء بشكل يومي وبقيت المؤامرات والحماية الغربية هي المنقذ لهذا الكيان الذي هُزمت أمامه دول عربية كبرى عسكرياً وسياسياً، وسلمت في ظل الحماية الأمريكية والغربية المطلقة له بما يسمى باتفاقيات السلام والتطبيع والتتبيع وآخرها ما يسمى بالتطبيع الابراهيمي الذي أُريد له أن يكون ديانة بديلة للإسلام لتمرير الهيمنة الصهيونية في المنطقة.
كل الحروب والفتن والمحن التي شهدتها المنطقة لا سيما بعد ثورات الربيع الصهيوني في المنطقة العربية، اتخذت الأمور منحى اعتقد الأمريكي ومن خلفه الغرب أنه سيؤسس من ورائها لشرق أوسط جديد تقوده ربيبتهم إسرائيل وهذا المخطط أُفشل، ولم يتبق أمام أمريكا وكيان العدو الصهيوني إلا العمل على التطبيع مع أنظمة عربية لم تكن في تاريخها في حالة مواجهة مع هذا الكيان إن لم تكن في تحالف غير معلن معه، ولم يعد اليوم خافياً أن حروب إسرائيل كانت تمول بمال النفط العربي، والحرب التي تُشن اليوم على غزة هي الأكثر وضوحاً في هذا السياق.
العدوان الوحشي الإجرامي البشع الذي تتعرض له غزة كان مخططاً له، والعملية البطولية للمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس في السابع من أكتوبر لم تكن إلا استباقية لما يجري التخطيط له بعد أن تم التمهيد له بالحروب التي شُنت على سوريا أيضاً بتمويل نفطي خليجي وبتحالف واسع جمع له كل أوباش الأرض بما فيها التنظيمات الإرهابية التي صنعتها أمريكا وبغطاء وهابي تكفيري لتأخذ طابع العدوان المباشر بعد أن فشلت كل مخططات أمريكا والغرب على اليمن.
كيان العدو الصهيوني لم يكن بعيداً عما تعرض له اليمن من عدوان يشبه كثيراً ما تتعرض له اليوم غزة مع فارق في المساحة الجغرافية والامتداد الزمني، وطوال ثمان سنوات لم يحقق هذا العدوان على الشعب اليمني المشاريع التآمرية بالصورة التي كان يريدها الإسرائيلي والأمريكي، لهذا يعودون إلى تحقيق صفقة القرن في أبشع صورها، ومفاجأة السابع من أكتوبر 2023م للمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس جرتهم إلى كشف جميع أوراقهم وظهور الوجه القبيح لأمريكا وأوروبا وأنظمة التطبيع، ورغم الإجرام الصهيوني الأمريكي على غزة فإن نكبةً جديدة للشعب الفلسطيني لن تكون.. ودماء أطفال ونساء غزة هي التي ستغير الخرائط في المنطقة العربية وليس أمريكا وتحالفها الغربي والعربي وكيانهم الذي ثبت أن قوته لم تكن إلا بسبب خضوع الأنظمة العربية للمشيئة الأمريكية.
إسرائيل وجيشها سقطت، لهذا هبّ الغرب كله لإنقاذها ولن يستطيع رغم شلال الدم الفلسطيني، فالقوة الغاشمة لأمريكا والغرب وهذا الكيان لا تصنع نصراً، وغزة ليست وحدها وعلى الشعوب العربية أن تدرك هذه الحقيقة، وتطور مجريات الأمور ستقود إلى حرب إقليمية هي التي تخيف الأمريكي لأن المواجهة تختلف عما شهدته بيروت من إخراج للفلسطينيين في عدوان 1982م على لبنان.
المعركة مستمرة بين غزة وكيان العدو الصهيوني وأمريكا والغرب كله، ومحور المقاومة شريك فيها من اليمن إلى العراق وسوريا وجنوب لبنان ولكن وفقاً للمنحى التي ستأخذه وللخطوط الحمر التي أظهرت أمريكا أنها تحاول تجنبها، إسرائيل وأمريكا تعلنان أن هناك ضربات من اليمن لإسناد إخوانهم في غزة، وهناك ضربات للقواعد الأمريكية في العراق وسوريا، أما لبنان ومقاومته فالمواجهة مباشرة مع كيان العدو، ومصير الأساطيل وحاملات الطائرات الأمريكية مرتبط بالتطورات، ونهاية المعركة ليست مضمونة النتائج كما كان في حروب أمريكا وتحالفها وحروب إسرائيل وأمريكا وتحالفهم في المنطقة كما حصل في العراق وأفغانستان ومن قبلهما الصومال.
المقاومة الفلسطينية انتصرت وقبلها المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وهم اليوم مجتمعون مع بقية قوى محور المقاومة سينتصرون، وستكون الهزيمة نهائية وحاسمة لو أصرت أمريكا على مشروع النكبة الجديدة.. المعركة ستكون كبرى وأياً كانت التضحيات ستكون الخاتمة انتصار الحق على الباطل والخير على الشر وسنكون أمام نهاية نظام دولي شرير تقوده أمريكا يتراجع إن لم يخرج من المعادلات ونظام يحل مكانه أكثر عدالة وإنسانية.
|