عبدالملك الفهيدي - الموت حق وهو أحد السنن الإلهية التي لا مفر منها لكننا كبشر نجد أنفسنا في موقف الصدمة والذهول حين يباغتنا الموت ويخطف أحد اقاربنا أو أصدقائنا أو معارفنا هكذا فجأة وبدون مقدمات.
كان رحيل الأخ والزميل عبدالله هاشم الحضرمي فجأة خبراً محزناً لي بالنظر إلى العلاقة التي ربطتني به كزميل عمل وصديق عملت معه لسنوات طوال حيث تشاركنا العمل في موقع المؤتمرنت الذي رأس تحريره من سبتمبر 2003 إلى اغسطس 2005م ثم انتقلت للعمل نائباً له أيضاً في صحيفة 22 مايو بين عامي 2005 و2006م قبل أن أخلفه في رئاسة تحرير المؤتمرنت في 28 أبريل 2007م .
وخلال تلك السنوات التي كنا فيها مع بعض كان الحضرمي نعم الأخ والصديق وزميل العمل الذي يعطيك الفرصة لتثبت نفسك وقدراتك ولم يكن يمنع احداً منا أن يظهر كفاءته بأي شكل بل كان أيضاً يشجعنا ويطلب منا المزيد .
في 22 مايو تكرر ذات التعاون بيني وبينه وكان التفاهم والحرية التي يتيحها لزملائه في الجانب المتعلق بالعمل الصحفي والمهني والافكار والمبادرات امرأ يميزه عن غيره من الصحفيين على كثرتهم .
وكأي عمل يحدث فيه اختلاف فقد اقتصر تباين وجهات النظر مع المرحوم الحضرمي حين عملنا في صحيفة 22 مايو على تفاصيل ادارية فقط ومع ذلك ظلت علاقتنا مع بعض كأن شيئاً لم يحدث وسأظل أتذكر له موقفه ودعمه لي في موضوع زواجي العام 2005م بكل ثناء وإكبار ولن أنسى ضحكته وهو يعلق على أول مادة صحفية اعددتها للنشر في 22 مايو عقب أول يوم عمل بعد إجازة زواجي وهو يلتفت تحوي مبتسماً ويقول :(الناس يتزوجوا ويخربوا وأنت العكس يا فهيدي ولو كنت أعرف أن الزواج سيجعل مخك شغال كذا كنا زوجناك من زمان).
كان الزميل المرحوم عبدالله الحضرمي رجلاً محترماً؛ وانساناً نبيلاً؛ وشخصاً مهذباً؛ وصحفياً لامعاً؛ وصاحب ابتسامة دائمة؛ وذا قلب طيب لا يحمل الضغينة والحقد حتى مع من يختلف معه ولذلك فليس غريباً أن يظهر هذا الحزن العارم عليه في الوسط الصحفي من كل من عمل معه أو عاشره.
المحزن أن وضع البلاد منذ أزمة العام 2011م ثم العدوان والحرب فرقت اليمنيين عن بعضهم على مستوى الاسرة الواحدة وعلى مستوى الجيران والاصدقاء وزملاء العمل واصبح من كانوا مع بعض يعيشون فرقة جغرافية وسياسية تمنع حقنا في أن نلملم هذا الشتات النفسي والروحي والمعنوي والانساني حتى عند مناسبات الأفراح أو الموت ولم يعد بمقدور احدنا أن يواسي نفسه حين يفقد قريباً أو صديقاً أو زميلاً عزيزاً عليه سوى أن يرثيه ببضع كلمات لا تسمن ولا تغني وتظل مجرد اسقاط واجب لا أكثر؛ ومع الاسف الشديد فإننا ورغم كل ما فعلته بنا سنوات الحرب والفرقة والخلاف لا نتعلم أو نتعظ منها سواء كبشر أو كأخوة يمنيين وسيظل حالنا ممزقاً ومقسماً يموت الواحد منا فلا يجد من أخ أو صديق أو زميل يحبه وهو بعيد عنه جغرافياً سوى عبارات الرثاء والترحم على صفحات مواقع التواصل .
الرحمة للزميل عبدالله هاشم الحضرمي وخالص تعازينا لأولاده واسرته ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي لا نملك إلا نردد قوله : (وَبشّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
|