الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-نوفمبر-2023
د.عبدالناصر الهزمي -
لو سؤل طفلا عن الأكتئاب لأدرك حتما ما يتضمنه هذا الاسم من معنى يتناقض مع مفهوم الحياة تماما وما تحمله من معاني الحب والجمال التي تتسم بها الحياة وجَال بمخيلته ذلك الوحش الكاسر والميكروب القاتل الذي يقتل فينا روعة الوجود وجمال الشعور بحقيقة كينونة الحياة بداخلنا حين ندرك أن للحياة معنى هو وجودنا فيها، فما أن ياتي الأكتئاب حتى يقتل فينا هذا النسيج الرائع المتازر والمتماسك بالحب بين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان ومجتمعه، وبين الإنسان والحياة، فيطفئ نورها ويجهض جمالها ويحرق أزهارها ويفسد هؤاها، فيأسى الإنسان لحاله ويرى أنه يستحق عذاب الدنيا لأثامه وذنوبه، فهو عار ووجوده ضار.. هكذا يخيل إليه أن الأفضل أن يموت وذلك كله لأن الاكتئاب ليس مرضاً عقلياً او نفسياً فقط وإنما مرض جسدي ايضا، ينهك الجسد ويؤذيه، يعصره بالألم ويكويه بالنار، وتقبض على القلب ويضغط على الصدر ويسد المعدة ويشمل الامعاء، فهو كما الحيوان المفترس لا يهاجم فقط النفس او العقل بل حتى خلايا الجسم فيعطلها، ربما كان هذا أقل وصف يمكن أن نصف به مرض الأكتئاب depression diaseas كمرض عام وتعريف شامل له يصيب الإنسان، ولكن يجب أن نعرف أن له أنواع كثيرة تتفرع منه.. ومنه

_*أكتئاب الحمل:Pregnancy depression* وقد يعجب الإنسان عندما يسمع بمثل هذا الامر، وقد يسال نفسه... كيف يمكن للإنسانة التي تقوم بدورها الطبيعي، وفطرتها البيولوجية في الحياة، وحقها المشروع والضروري.. وهي أن تحمل ثم تلد وليدها ثم تقوم بواجبها نحوه وهو ان ترضعه وتعتني به.. أن يكون سبب في الأصابة بمرض نفسي او عقلي بدلا من أن يكوب سبب في السعادة التي تملئ القلب فرحاً، وترقص النفس حماسا وابتهاجا وتملئ الروح طمأنينة واستقرار، وذلك كون هذا الحمل وهذه الولادة، يؤكدان ديمومية الحياة ويمنحان المرأة الشعور بالرضى عن ذاتها وأثبات كيانها الأنثوي في اعماقها اولاً ثم في المجتمع ثانياً.. عندما تشعر أنها بهذا الحمل وهذه الولادة هي مرغوبة ومطلوبة من كل افراد المجتمع، إذاً من أين تأتي كل هذه الاحزان، وما الذنب الذي أقترفته هذه المرأة التي ارادت أن تؤدي دورها في الحياة.. وهو أن تكون مصدراً للحياة وضمانا لأستمرارها الذي يكون سببا لأصابتها بمرض أكتئاب الحمل

الحقيقة أن العلم عاجز حتى هذه اللحظة عن تقديم تفسيراً واضحاً لحدوث الإضطرابات النفسية والعقلية التي تحدث للمرأة أثناء حملها وبعد ولأدتها، فالسبب الدقيق لحدوث هذه الإضطرابات مازال غير معروف Idopathic ورغم عدم التفسير المطلق لحدوث الأمراض النفسية والعقلية للمرأة خلال حملها وبعد ولادتها فإنه من المؤكد أنه يحدث نتيجة اختلال فسيولوجي في توازن الوظائف الكيميائية والهرمونية داخل جسم المرأة أثناء تكوين كائن حي بشري داخل كيانها البشري الحي، والاهتمام بالأمراض النفسية والعقلية التي تمر به المرأة أثناء رحلتها مع الحمل والولادة يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وهذا يوحي لنا بأن هذه الأمراض النفسية والعقلية معروفة ومشهورة منذ القدم، وأن هناك الكثير من النساء على مر التاريخ قد عانين من الأم أكتئاب الحمل او بعد الولادة، ولا استبعد أن تكون أول امرأة على وجه الأرض والتي هي أم البشرية كلها قد عانت من هذا المرض

وقد قام الكثير من العلماء والفلاسفة محاولة وضع تفسيرا لحدوث هذه الأمراض النفسية والعقلية التي تصيب المرأة في مرحلة الحمل والولادة على مر العصور، وتتمثل أسهاماتهم بوصف أبو الطب(أبقراط) هذه الحالات وأرجعها لأسباب عضوية تصور فيها أن حليب الام قد غير مساره من الثدي Breast إلى المخ Brian، ثم جاء بعده في العصور الوسطى تصور الشياطين والأرواح الشريرة وراء كل فساد وكل ألم يحدث للبشرية والأرض معا، وتصورو أن هذه الأرواح الشريرة وراء قتل الأطفال بعد إيذاء عقل الام وروحها، ثم في القرن التاسع عشر جاء اول تفسير علمي دقيق لأضطرابات الحمل والولادة على يد أثنين من أشهر الأطباء الفرنسيين هما مارتسى.. وإسكيرول
حين وصفو هذه الحالات بحالات عقلية وإضطرابات نفسية تحدث للمرأة في اليوم الخامس بعد الولادة وتتميز أساسا بتشوش الوعي وإضطرابات الوجدان، بيد أن معاناة الحمل والولادة ليست بيولوجية محضه فهناك عوامل أخرى نفسية وإجتماعية، ولهذا فهناك أبعاد وعوامل ثلاثة تسبب الإضطرابات النفسية والعقلية للمرأة في رحلتها مع الحمل والولادة وهي أسباب

*بيولوجية،نفسيه،إجتماعية:psycho-socio-biological*
وكون الحمل أمر يتعلق بتخليق إنسان جديد داخل رحم المرأة فإن كل أجهزت جسم تلك المرأة تساهم في هذا التكوين البشري، كذلك كل الوظائف العقلية الظاهرة منها والباطنة تواكب هذا التطور التخليقي العظيم.. وهذا الجسد المتخلق داخل جسم أخر يأخذ أثناء تكوينه عناصر تكوينيه من جسد هذه المرأة الذي يسكنها، فيأخذ من دمها واكسجينها ومعادنها وأملاحها وفيتاميناتها فهي عملية تسخير كاملة لإمكانات جسد الام من أجل تلقيح تلك النطفة لتصير علقة ثم عظاماً ثم لحماً ثم إنسان يخرج إلى الحياة مصحوبا بالألم أثناء الولادة، وكان هذه الالأم التي يتالم به جسد الام ليس الا تعبيراً شعورياً عن ألم الفراق الذي سيحدث بعد إنفصال جسد الطفل عن جسد الام بعد أن كان جسدها قد رفضه في بداية الشعور بوجودة بين أحشاءه، عندما حاربه وقاومه مستخدما بذلك كل أسلحة جهازه المناعي محاولا منع غزوه تارةٍ بالقيء Vomiting, وتارة بالغثيانNuosea, واحيانا بشعور الدوار وهبوط ضغط الدم hypotension، وفقدان الشهية Anorexia , ثم سرعان ما استسلم لغزوه والاعتياد عليه والسير معه في رحله تستمر لمدة تسعة أشهر وفي هذه الرحلة يتحد معه ليسبب تغيرات فسيولوجية phasyological للمرأة يتشكل في إجهادها وتغييرات في شكلها، ووزنها، وقدرتها على الحركة والتركيز والعمل، ثم تتطور الأسباب من عوامل بيولوجية Biological إلى أسباب وعوامل اخرى تتمثل

_ بأسباب نفسية psychological : فالحمل أجهاد نفسي وجسدي وقد تكون هذه المرأة الحامل لديها استعداد للأصابة بالمرض النفسي او العقلي، فما أن يجي الحمل حتى يفجر هذه الاستعدادات فتصاب المراة بالكابة الشديدة او القلق الحاد المستمر وقد تهاجمها وساوس تكون قد نسيتها وتعود إليها مخاوف قديمة، وهناك ثمة عوامل نفسية أخرى تساهم في حدوث أكتئاب الحمل تكن بعلاقة الحامل بأمها.. وبذاتها.. وبزوجها، وفي هذا ابعاد نفسية عميقة في كيان وذات المرأة الحامل تخص أمها وزوجها تنعكس على علاقتها بذاتها وطفلها القادم الوليد، حيث أن علاقة المرأة الحامل بوالدتها ينعكس ظلالها على علاقتها باطفالها، فاذا كانت علاقتها بأمها مضطربة قد تشمل العداء الخفي او الظاهر فإن علاقتها بطفلها او طفلتها حتما تكن مضظربه، فإن الام التي حرمت في طفولتها من الحنان والرعاية تكون في صراع في علاقتها بطفلها الرضيع الذي يحتاج إلى الحماية والرعاية والحنان
وبعض الدراسات اظهرت أرتفاع نسبة حدوث الاضطرابات النفسية والعقلية أثناء وبعد الولادة لدى الامهات اللاتي عانين في طفولتهن من سوء العلاقة مع أمهاتهن او كانين قد فقدين امهاتهن في طفولتهن عن طريق الموت يعانين أثناء حملهن وبعد ولادتهن من اضطرابات نفسية وعقلية، كذلك علاقة الحامل بذاتها وتصورها عن نفسها يوثر على حملها وولادتها، فالمرأة التي عانت من أضطرابات في هويتها الأنثوية في طفولتها تعاني نسبة اعلى اثناء الحمل والولادة، أضافة إلى ذلك الشخص المتسبب بهذا الحمل والذي هو شريكها فيه وتلعب علاقته بها أثناء الحمل والولادة ومن قبل حدوثهما دوراً هاما جدا يوثر على حالتها النفسية والعقلية وهو الزوج، فالطفل الذي يسكن احشائها هو بعض منه وامتدادا له فمشاعرها تجاه زوجها يمثل مشاعرها تجاه ذاتها ووليدها، فإن كان هذا الحمل قد جاء من زوج لا تحبه ولا ترغب بالعيش معه فهذا سيصيبها بأكتئاب الحمل والولادة

_ أسباب إجتماعية sociological : فهي عوامل وأسباب ترتبط بعلاقة المرأة الحامل بحالتها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، فقد يكون هذا الحمل مرفوضاً لانه سيعوق دراستها او عملها او لسوء الحالة الاقتصادية والمعيشية او ان لديها الكفاية من الاطفال.. او لوجود مشاكل زوجية تهدد العلاقة الزوجية بالفشل والانتهى، وكل هذا يؤدي إلى الرفض الشعوري واللاشعوري لهذا الحمل، ثم الاصابة بأكتئاب الحمل

وهنا يجب التنوية إلى أن أكتئاب الحمل قد يحدث أثناء الحمل وخلال فترة الولادة او بعد الولادة، وقد يحدث أثناء الحمل في الاشهر الثلاثة الاولى او الاخيرة، كما أن نوعان من الاضطرابات النفسية والعقلية التي يمكن أن تصيب المرأة في فترة الحمل والولادة وهما
أكتئاب الحمل(Pregnancy depression).. وذهان الولادة(Puerperal psychosis) وتتفرع منهما إضطرابات Disorders نفسية وعقلية أخرى على شكل أعراض وعلامات دأله للاصابه بالمرض الرئيسة أكتئاب الحمل، كما سيأتي معنا فالأعراض Symptoms الذي يأتي بها

*_أكتئاب الحملPergnancy depression* حيث تبدأ اعراضه بتقلبات مزاجية حادة مع بعض العصبية وتغيرات طفيفة بالشخصية، إلى جانب أضطرابات النوم والأرق مع ضعف التركيز والاحساس بالأكتئاب الذي يبدأ بصورة فتور عام والهدوء أكثر من اللازم، إلى ميول للعزلة والعزف عن الاهتمامات، والتبلد الشعوري تجاه النشاطات الروتينية والمشاكل اليومية، ثم الشعور بالحزن وسرعة التاثر والبكاء تجاه الاستجابة الحزينة للاحداث البسيطة جدا، ثم الشعور بالأكتئاب بكل أعراضه من يأس وحزن، وتأنيب ضمير، ورغبة بالتخلص من الحياة ولكن قبل الخلاص من حياتها يجب الخلاص من حياة وليدها، فهي ترى أنه لا يجب أن يعيش طفلها في حياة متعبه شاقه ويواصل رحلة العذاب التي تعيشه هي اي انها ترغب بالتخلص من جنينها حباً فيه وليس كرها له، ثم ينتابها القلق الحاد Acute Anxiety بكل ما فيه من مخاوف وعسر الهضم وتسارع نبضات القلب Tachycardia وأرق وعدم استقرار، او قد ينتابها وسواس قهريObsessiv compulsive وتسيطر عليها فكره لا عقلانية مشوه لأدراكها المنطقي، مثل أن تفكر على سبيل المثال بأنها ستلد طفلاً مشوها، او انها إن ولدت في المستشفى قد تخطأ بتحديد طفلها لانه سيختلط مع أطفال اخرين .. والوسواس أخطر لانه أن اصيبت به فقد يؤدي بها إلى مخاطر على حياتها ويؤدي بذلك إلى إضطرابات عقلية ذهانية وخصوصا إذا كانت قد عانت قبل زواجها من مرض نفسي او عقلي فإنه بحتمال كبير ستعاورها الحالة مرة أخرى بسبب الحمل، هذا ما يخص الأصابة بأكتئاب الحمل أثناء فترة الحمل والدراسات تقول ان سيده واحده من بين خمس سيدات حوامل تعاني نفسياً أثناء فترة حملها، وهناك دراسات اخرى تقول أن 5% فقط يعانين نفسيا أي أن من بين كل 100 امرأة هناك 5 فقط يصابين بالمرض... كما أن هناك أعراض للأكتئاب ما بعد الولادة الذي يصيب المرأة في السته الاسابيع الاولى بعد الولادة ونسبة أنتشاره ما يقارب 15% واذا لم يكن هناك معالجة وإدراك لمثل هكذا حاله قد تستمر لفترة طويلة تصل مابين شهور إلى عام كامل، ولكن فإن من بين ألف امرأه توجد امرأه واحده ينتابها الحزن بعد الولادة، فتشعر بنفس الاعراض السابقة ولكن بشكل اشد والحاحي، وقد تاتي هذه الحالات بشكل مرض الفصامSchizophrenia، فتصاب بالهلاوس والهذيان، وقد تأتي بشكل ذهاني فتصاب بـ

*_ ذهان الولادة(Puerperal psychosis)* فتكون مزيج بين أعراض الفصام والأكتئاب.. فتبدأ هذه الاعراض Symptoms.. ببكاء بدون سبب او لأتفه الاسباب وانها بلا روح، وتجمد شعوري تجاه وليدها ولا يتوقف الامر بالتجمد العاطفي تجاه الجنين بل تصاحبه أفكار إندفاعية بالقضاء عليه اما بخنقه او رميه مع الانزعاج لتشوش هذه الأفكار عليها لانه لا تستمر معه بشكل مستمر وانما تراودها في اغلب اوقات يومها ولذا فهي تشعر بتشوه هذه الأفكار اللاعقلانية و هي كما قلت سلفا لا ترغب بقتله كرها وانما حبا فيه، ولذا فهي تتعذب تجاه هذه الافكار الوسواسية التي تراودها، إلى جانب فكرة الموت لديها أي انها تفكر بالموت ولكن ليس بصوره ذاتيه وانما تتمنى لو أن تموت أي لا تحاول الانتحار وإنما تشعر أن الموت سينقذها ويريحها من عذاب الحياة، وقد تداهمها أفكار غير منطقية تتمثل بأن هذا الطفل ليس طفلها وخصوصا اذا تمت الولادة في المستشفى يجعلها هذا تعتقد أنها قد أخطأت طفلها وذلك لانه اختلط بأطفال اخرين أثناء الولادة، او انه يعاني من اصابات خطيرة تؤدي إلى تشوه او تخلف عقلي.. كل هذه الاعراض والأفكار يجعل حالتها الصحية تتدهور جداً، ولهذا فهي بحاجة إلى الإهتمام والرعاية هي وطفلها الوليد من قبل الامهات والاسرة والزوج والاطباء من خلال لفت انتباههم لصحتها النفسية والجسدية معا وليس فقط الجسدية دون النفسية، ولذلك لتمكن من وضع التشخيص الدقيق والمبكر لهذه الحالة المرضية الخاصة بالمرأة الحامل، إلى جانب أفصاحها عن مشاعرها وحالتها وطلب المساعدة

*_التشخيص Diagnosis* التشخيص المبكر سيكون الوقاية الفعالة من الاصابة بأكتئاب الحمل وبعد الولادة، إذا ادركه الجميع أبتدا من الطبيب الاول لها أثناء مراجعتها اياه أثناء فترة الحمل وبعد الولادة وانتهاءاً باسرتها وزوجها وتفهمه لصعوبة هذه المرحلة، وذلك من خلال تفهم قلقها وخوفها وبعض تصرفاتها السلبية تجاهه وخصوصا اذ حدث وعانت من فقدان الرغبة الجنسية فقد يؤدي ذلك إلى إضطراب العلاقة الزوجية دون أن تدري الزوجة ودون ان يدري الزوج بذلك.. فذا كان هناك تعاون بين أفراد الأسرة والأمهات والزوج والاطباء إذا كانت خبرتهم ومعرفتهم بالصحة النفسية غير محدودة فإن هذا سيساعد في التخفيف و الوقاية من المعانة والأصابة بأكتئاب الحمل وبعد الولادة.. ووضع خطه علاجية مناسبه

*_العلاج Treatment* ويكون علاج النساء المصابات بأكتئاب الحمل على نوعين
علاج دوائي من خلال العقاقير Drugs وكذلك علاج نفسي تدعيميPsychotherapy Supp والاخير يقوم به كل من أفراد اسرتها وأمها وكذلك زوجها.. وذلك من خلال طمأنتها بأن المرض سينتهي ولن يستغرق الا مده قصيره وستعود الى طبيعتها.. وهو فعلا ينتهي اذا تم الحرص على الاجرأت الوقاية منه قبل الولادة او اثناء الحمل من خلال مراجعة المرأة الحامل طبيبها وأخباره بما تعانيه من أضطرابات ومشاكل نفسية، وكذلك بعد الولادة إذا لاقت الدعم النفسي والراحة واتيح لها التعبير عن مشاعرها السلبية تجاه نفسها وطفلها دون لوم او عتاب أثناء استمع من حولها لها دون ان تشعر بالأحراج او تنتقد عن مشاعرها السيئة وأفكارها الغريبة لمن يحبها بحرية تامه، والحب هو أن نفهم ما يعنيه ويعانيه الاخر من وجدان ضعيف، الحب أن نشعر بالأمان ونحن نتحدث مع من نحب عن مشاكلنا، الحب هو التفاهم، الحب ليس محل أصدار أحكام أخلاقيه او فيه تقييم ومقارنه، الحب ذات الله في كينونيتنا نحمي بهِ أرواحنا التي هي روح الله فينا من كل ألم او عذاب يؤذينا، وهذا ما تبحث عنه المصابة بأكتئاب الحمل والولادة الذي تنتابها أفكار مؤذيه تجاه ذاتها وطفلها.. وكل هذا يأتي متلازما مع أخذها لـ

العلاج الدوائي Drugs : الذي ياتي هو ايضا أضافة إلى تدعيمها بالفيتامينات Vitamin بعد الرعاية المكثفة لها من خلال الاهتمام بنومها واكلها وشرابها، و أبعاد الطفل عنها، نقوم بأعطاءها
مضادات الأكتئاب Antidepression او مضادات الفصام Antischizophrenia أو كلاهما، ولا يستطيع الطبيب النفسي صرف هذه الادوية إذا كانت الاصابة بالأشهر الثالثة الاولى من الحمل خوفا على الجنيين منعاً من حدوث تشوهات، ولكن بعد الثلاثة الأشهر الاولى يمكن صرف الدواء للمرأة المصابة ويمكن أستخدام الصدمات الكهربائية في أي فترة من فترات الحمل فهي أمنه ولا ضرر منها، ويجب أثناء فترة العلاج للمرأة الحامل الاهتمام بالصحة العضوية من ناحية أكلها ونومها واخذها للفيتامينات، اما المرأة المصابة بأكتئاب الولادة او ما بعد الولادة فيكون علاجها هو بنفس الطريقة التي تعالج بها أثناء فترة الحمل من احد ادوية مضادات الاكتئاب او مضادات الفصام او كلاهما.. ويفضل أن لا تقوم بأرضاع الطفل أثناء استخدامها للأدوية وإن كان ولا بد من ذلك لا بأس في ذلك فليس هناك مشكله او ضرر إن تسرب مضادات الأكتئاب إلى حليب الام الذي يتناوله طفلها فالمهم أن لا يكون هناك اجهاداً على الام... وعلاج الجلسات الكهربائية أمنه جداً ومفيده أيضا وتوشك أن تكون الأفضل في مثل هذه الحالات لانها تلعب دوراً هاما في الشفاء ولا ضرر منها على الاطلاق على صحة الأم، وقد يكون الإجهاض Abortion احد الطرق العلاجية... ولكن لا يُلجأ اليه الا في الحالات الشديدة Sever التي تهدد السلامة العقلية للمرأة او تسبب معاناة شديدة لا يمكن تحملها، وإن كان لديها طفل وقد عانت من أكتئاب الحمل فيه فيجب أن تمتنع عن الحمل لمدة عامين على الاقل فهناك أحتمال أن تتكرر الأصابة لديها من جديد خصوصاً إذا كانت من الشخصيات المهيئاة للأصابة بالأمراض النفسية والعقلية، كما أن بعض الاحيان ينصح الطبيب النفسي بأجراء علمية عقم Sterilization للمرأة خصوصاً إذا كانت قد تعرضت لذهان الولادة أكثر من مرة فإن أصابة اخرى قد تترك اثاراً لمرض عقلي دائم مدى الحياة

والحقيقة كل الحقيقة أن سيكولوجية(نفسية) المرأة بتكوينها الجسدي الذي وهبه الله أياه من اصعب المواضيع النفسية التي دُرست ويمكن أن تدرس لغموض مناخ مزاجها وتنوع مشاعرها وتناقض وجدانها، فهي ذلك الكائن الناعم الجميل الرقيق بأنوثته، الذي ينجذب اليها كل الكائنات الحية وترغب بها والاتحاد معها والإلتصاق عليها كل جماليات الحياة سواًء المتمثلة بالكائنات البشرية متمثله بمشاعر الرجل الذي يعصفه وجدانه وتعصره احاسيسه تجاهها... او نباتا متمتلا بالزهور والورود وهي تتحد بها من خلال جمالها المشتق من جمال المرأة او حتى الحيوانات والأرض حين تسعد بوجود تلك المرأة عليها، حتى الأمراض تنجذب إليها وتحب الألتصاق برقتها وروعة أنوثتها.. وقد فاز بها الأكتئاب من حيث أرتباطه المستمر وإلتصاقه الدائم بكل ما يميز المرأة من روعة وجمال، والذي سبق الرجل بالإرتباط بها.. فهو الذي يسكن قلبها. دون اذناً منها ويلتصق بجسدها دون النظر لقبولها او عدم قبولها ذلك وهو الذي يضرب موعداً غرامياً معها دون رغبةً منها، والحقيقة ان الأكتئاب اصدق من يحب واوفاء من تربطه علاقة عاطفية بالنساء، حين تجده يقف إلى جوارهن في كل وقت ومرحلة من اوقات ومراحل حياتهن، فهو الذي يكن بجانب المرأة عندما كانت طفله في اسره ومجتمع ذكوري، وعندما تحلم أن تكبر لتصبح امرأة وتسعد بذلك الحلم يقف إلى جوارها عند بدايه شعورها باول علامات البلوغ وهي ظهور الطمث، ويظل يمضي معها طوال فترة المراهقة، وعندما تتمنى لو انه تجد الحب بطريقها فتحب وتحب وتتزوج بمن اختاره قلبها وعند شعورها بسعادة تجاه هذا الحلم الجميل تجد الأكتئاب يرفض أن يتخلا عنها عند شعورها الخوف من تداعيات الزواج أبتداً من ليلة الدخلة وإلى كلما سيتضمنه الزواج من معانات، ومع كل تجاوز لكل مخاوفها وتقبلها للأكتئاب كحبيباً دائم يرفض التخلي عنها.. تاتي أحلام وامنيات اخرى، فتسعد حين ترى نفسها ستصبح اماً ذات يوم فتشتاق وتتمنى حدوث هذا الامر بأسرع وقت ممكن وحين يحدث وبعد ان كانت قد تجاوزت كل ما تجاوزت من مراحل الاكتئاب ونسيته تجده يقف بجانبها أثناء فترة الحمل والولادة، وتشعر بها معاها ايضا عند دخولها سن الاربعين وبدا اقترابها من الخمسة والاربعين وعلى الرغم من أن سن الاربعين هي حقيقة فترة الذروة الرومانسية واجمل واشهى مراحل الإنوثة الا انه تشعر بالإكتئاب حين يُكذب عليها بأنها مصابة بسن اليأسInvolutional Melancholy، ثم تشعر به أثناء تفكيرها بالموت Death رغم أنها قد تكون ترى في الموت راحة ستدخل من خلاله الجنة

وهذا يجعلني لا ارى الا تفسيراً واحداً للإنسان واضع تعريفا شاملا لكل كيانه هو أي الأنسان : (عباره عن شعور من شعور في شعور إلى شعور) أي انه عباره عن شعور وجداني وجودي في الحياة من شعور غرائزي شهواني في صلب والده.. في شعور تكويني بين احشاء رحم والدته.. إلى شعور نفي وجودي في الحياة يدعى الموت

ومع كل هذا فإن العالم والكون لا يخلو من النساء السعيدات بحملهن، المستبشرات بمواليدهن والمطمئنات بحياتهن الزوجية والاسرية والاجتماعية والذاتية.. وكما قيل لكل قاعدة إستثناء... وأكتئاب الحمل والولادة أستثناء ظاهرة الحمل والولادة الجميلة لكل النساء والنسل الحياتي لكل الكائنات الحية برمتها ذكرا كان ام انثى

فسبحان من جعل الأحزان تخرج من عمق الأفراح..وجعل الافراح تنبع من الأحزان في المرأة الحامل والإنسان شامل...
فتتصالح الافراح مع الاحزان
تداعب الضحكات دمعة ثكلى
وتسأل هي الاخر...
مشاعرٍ ممزوجة المعنى
سبب أقلاع مركبهِ... وفيض غيمتهِ... واهطال قطرتهِ
فيجيب محتالا... ومحتار
ليس في ذهني جوابٌ واضح
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:01 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65120.htm