الميثاق نت -

الجمعة, 15-ديسمبر-2023
جميل‮ ‬الجعـدبي‮ ‬ -
بضع ساعات فقط استغرق الوقت لتشكيل تحالف عسكري غربي - عربي أُسمي بـ(عاصفة الحزم) عام 2015م لشن حرب إبادة جماعية لاتزال مستمرة على اليمن تحت غطاء أكذوبة بتر ذراع إيران وإعادة اليمن إلى الحضن العربي، وحينما امتدت ذراع إسرائيل في أكتوبر 2023م لاستئصال قطاع غزة‮ ‬وانتزاع‮ ‬القضية‮ ‬الفلسطينية‮ ‬من‮ ‬حضنها‮ ‬وأرضها‮ ‬العربية‮ ‬حقيقة‮ ‬واقعة،‮ ‬استغرق‮ ‬الوقت‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬10‮ ‬أيام‮ ‬ليَعْقِد‮ ‬الحكام‮ ‬في‮ ‬البلدان‮ ‬العربية‮ ‬والإسلامية‮ ‬قمّة‮ ‬تخرج‮ ‬بعاصفة‮ ‬خطابات‮ ‬كلامية‮!!‬
بين حرب تحالف عاصفة الحزم على الشعب اليمني المتواصلة منذ 9 سنوات ، وبين حرب إسرائيل وحلفائها على قطاع غزة والشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، أطراف ودول استعمارية مشاركة، وأسباب ومبررات مزعومة، وتداعيات كارثية إنسانية، وجرائم حرب متشابهة، ومصطلحات إعلامية متداولة، ينذهل المتابع لحجم ومستوى روائح النفاق المنبعثة، من ثنايا العبارات والمصطلحات والتوصيفات، والمواقف الازدواجية المتناقضة، والحالة الاعتوارية الطاغية لمفاهيم حقوق الانسان وقيم العدالة والحرية والديمقراطية للدول الغنية والقوى الاستعمارية تجاه الدول‮ ‬والشعوب‮ ‬الفقيرة‮ . ‬
لم ينكشف عوار الغرب الاستعماري حقوقياً وإنسانياً واتفاقيات ومواثيق ومعاهدات دولية ومصطلحات إعلامية لطالما تغنَّى بها كما هو عليه اليوم، فقد أصبح حق الكفاح المسلح لنيل الحرية والاستقلال واستعادة الأرض المحتلة في فلسطين (معاداة للسامية).. وباتت المظاهرات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية (تمجيداً للعنف)، مثلما أصبح دك طيران الاحتلال أحياء غزة وتسويتها بالأرض وقصف المستشفيات والمدارس والمساجد وقتل الأطفال والنساء حقاً مشروعاً بمسمى (الدفاع عن النفس)!!
مشروع الدفاع عن النفس المزعوم لإسرائيل لتبرير حربها الهمجية ضد فلسطين، كان بالنسبة للكفة الأخرى من المعادلة الازدواجية ممنوعاً من التداول، حينما كان حق الدفاع عن النفس وحق الرد مشروعاً فعلاً بعد 5 سنوات من حرب تحالف الأمس / اليوم على اليمن، فهذا الحق لشعب فقير وبلد تلقى 274 ألفاً و302 غارة جوية خلال 8 سنوات ماضية ، شُوهد بعين ذات الجوقة تهديداً للأمن والسلم الدولي والإقليمي وهجمات غير شرعية ، وانتهاكاً لقوانين الحرب، وذلك حينما ردت اليمن بإطلاق أسلحتها إلى مواقع عسكرية سعودية.
لقد سارعت مراكز القرار في أمريكا ودول الغرب لإدانة ما وصفتها بـ الهجمات غير المبررة لمقاتلي حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، لكن هؤلاء بالمقابل أغمضوا عيونهم عن مقتل 248 فلسطينياً قُتلوا على يد القوات الإسرائيلية أو المستوطنين في الفترة من 1 يناير إلى 4‮ ‬أكتوبر‮ ‬من‮ ‬العام‮ ‬2023م‮. ‬
الذين سارعوا لتأييد مقاومة أوكرانيا لما وصفوه بـ(الاحتلال الأجنبي الروسي)، ونددوا بالانتهاكات الصارخة الروسية خلال الحرب على أوكرانيا، تناقضوا مع أنفسهم حينما سارعوا بالمقابل لحرمان الفلسطينيين من أي حق ومن استخدام أي وسيلة لمقاومة (الاحتلال الأجنبي الإسرائيلي‮)‬،‮ ‬بل‮ ‬إن‮ ‬فلسطين‮ ‬في‮ ‬تصريحاتهم‮ ‬ظهرت‮ ‬كما‮ ‬لو‮ ‬أنها‮ ‬الدولة‮ ‬المحتلة‮ ‬للأراضي‮ ‬الإسرائيلية‮.!‬
والأكثر غرابة في دوامة الازدواجية والنفاق الحقوقي والإنساني العابر للقارات، هو موقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي ، فبينما تبدو الحرب الروسية على أوكرانيا أقرب إلى وضع حرب إسرائيل على فلسطين ، ذهب الرئيس الأوكراني للتعبير عن دعمه الأحادي لإسرائيل قائلاً إن "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس أمر لا جدال فيه"، مايعني بالقياس وبهذا المنطق أن على زيلينسكي أن يقول الشيء نفسه بالنسبة لروسيا على أراضيه؟ فروسيا تعتبر هجومها على بلاده دفاعاً عن أمنها..

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:59 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65208.htm