استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني - تأكيداً لثوابت الأمة العربية والإسلامية يسطّر اليمنيون اليوم موقفا عظيما سيبقى خالدا في التاريخ العربي والإنساني وفي مسيرة النضال العربي ضد الاحتلال الصهيوني الذي اصبح مهددا وجوديا ليس لفلسطين فقط وانما للعرب كذلك، هذا الموقف يأتي في ظل الارتهان والتبعية والخذلان للقضية الفلسطينية التي نراها من قبل بعض الأنظمة العربية بل والتآمر مع الإمبريالية العالمية على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة ولكن أبَى اليمنيون إلا أن يكونوا على العهد في النصرة من خلال الخطوة التي اتخذتها صنعاء بإعلانها أن البحر الأحمر وباب المندب محرم على الكيان الصهيوني والعبور فيه سواء بسفن تابعة له أو شركات متعاملة معه أو أي سفن وبواخر تمتلكها شخصيات إسرائيلية..
هذه الخطوة لم تكن للاستهلاك الإعلامي كما يُروَّج بل هو موقف يمني ثابت ومبدئي نابع من إيمانه وهويته وغِيرته وحَميته تجاه الشعب الفلسطيني في غزة الذي يتعرض للإبادة الجماعية والتشريد وممارسة كافة أشكال التهجير القسري، والتدمير الممنهج للمنازل والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة.
نقطة تحول
د. محمد النعماني، اعتبر أن قرار منع السفن من الاتجاه إلى دولة الاحتلال قرار جريء وشجاع ودليل على استقلالية القرار السياسي لليمن باتخاذه مثل هذا الموقف الكبير حيث يقول : "قرار منع السفن من الاتجاه إلى الكيان الصهيوني الذي اتخذته اليمن اعتقد انه قرار شجاع ونقطه تحوُّل في الصراع العربي الإسرائيلي ويعمل على إحداث متغيرات في معادلة هذا الصراع ويزيد من أهمية الموقع الجغرافي لليمن..
وأضاف النعماني : " ان هذا الموقع الحيوي والاستراتيجي لليمن الذي استخدم كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية آتى ثماره، وهذا يعني أن اليمن لن تصمت أو تقف ساكتة أمام جرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني والتي شاهدها العالم ولم تُرتكب حتى فى الحرب العالمية الأولى والثانية وفى حرب كوسوفو وفي غيرها من الحروب، اليوم نحن نشاهد إبادة جماعية للسكان المدنيين وتدميراً للمنازل والمباني وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، في ظل صمت عالمي مقيت..
تقدير كبير
وهنا كان على اليمن أن تتحرك وتدافع باعتبارها قضية عربية وإسلامية في الأساس،وإلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية تعلن اليمن مشاركتها في الحرب على العدو الصهيوني من خلال إعلان مشاركة اليمن في الحرب والتصدي للعدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك فتح المعسكرات لليمنيين للانخراط فيها وجمع التبرعات المالية لنصرة اخوانهم،هذا الموقف العظيم للجمهورية اليمنية حظي بتقدير واحترام عالمي واصبحت اليمن تشكل محوراً أساسياً من محاور القوى العالمية،التي فتحت المواجهة مع الإمبريالية العالمية والصهيونية المتوحشة، وبالتالي اليمن اليوم في معركة تحدّي مع المصالح والقوى الإمبريالية التي هي نفسها تاَمرت على اليمن ودعمت قوى العدوان لشن الحرب عليه وهي نفسها أيضاً التي تدعو اليوم إلى إنشاء تحالف دولي في البحر الأحمر لعسكرته..
واختتم النعماني حديثه بالقول : "اليمن غيَّرت موازين القوى والمصالح وتستطيع فرض قواعد اشتباك جديدة وتحمي مياهنا الإقليمية والدولية.. اليمن تحولت إلى رقم صعب في عملية الصراع مع الكيان الصهيوني..
تدابير المواجهة
المحلل السياسي/ سمير المسني يقول في هذا الصدد :" مع تزايد عمليات الإبادة الجماعية وارتكاب المجازر اليومية بحق الشعب الفلسطيني في غزة كان من الضرورة بمكان ان تتخذ قيادتنا الثورية الحكيمة جملة من التدابير لمواجهة الصلف الصهيوني من خلال حزمة من الإجراءات كان أهمها استهداف الموانئ التابعة للكيان الصهيوني (ميناء ايلات تحديداً) بالإضافة إلى قرار منع حركة مرور السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب، وفي مواجهة العنجهية العسكرية للكيان الصهيوني واستمرار عمليات القتل الممنهجة بحق الشعب الفلسطيني"..
وأضاف المسني : "صعَّدت قواتنا المسلحة من عملياتها العسكرية تِبْعاً لذلك وتم اتخاذ مواقف واضحة في التعاطي مع القضايا الأساسية التي تمس أمن اليمن وتدعم التوجه القومي لليمن وتعاطيها مع القضية الفلسطينية.. القضية المركزية للشعوب العربية؛ لذلك كان قرار منع مرور السفن في البحر الأحمر والتي تحمل بضائع او مواداً باتجاه الموانئ الإسرائيلية أحد أهم القرارات السيادية والتي تدخل في إطار المواقف القومية الثابتة التي تنتهجها قيادتنا الثورية والسياسية دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؛ لذلك نرى أن هذه القرارات بمجملها قرارات شجاعة تندرج في إطار السيادة الوطنية والثوابت القومية وتؤكد مصداقية توجهنا السياسي..
عملية مدروسة
ويتساءل الأستاذ المسني بالقول : هل الموقع الاستراتيجي سيغيّر المعادلات الإقليمية والدولية؟
ويجيب بالقول : "باعتقادي أن الموقع الاستراتيجي كان أحد الأسباب الموضوعية التي عملت على تغيير المعادلات (سياسيا واقتصاديا وحتى على المسار العسكري) ولكن السبب الرئيسي في تغيير تلك المعادلات هو مصداقية التوجهات للقيادة الثورية والسياسية بالإضافة الى انتهاجها سياسة منهجية علمية ومدروسة في تطوير القدرات العسكرية وتطوير المفاهيم السياسية والتي من خلالها تمكنا فعلاً من تغيير المعادلات على كل المسارات وأصبحنا نحن من نتحكم بقواعد الاشتباك (متى وأين)، وأن نفرض ثوابث سياسية واقتصادية على الأطراف الأخرى (الكيان الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي) والتي اربكت سيناريوهات تلك القوى الاستعمارية.. ومصداقاً لما نقول مايحصل اليوم من شلل شِبْه تام لاقتصاد إسرائيل بسبب عزوف الكثير من شركات الملاحة الدولية عن التوجه لميناء ايلات أو اضطرارها لتغيير خط الملاحة إلى مسارات بحرية أكثر كلفة (رأس الرجاء الصالح على سبيل المثال)..
واختتم المسني بالقول: على الكيان الصهيوني أن يعيد حساباته ويدرك أننا ماضون في تنفيذ أهدافنا الوطنية والقومية وأن أي محاولات (من قبل القوى الاستكبارية) في تغيير تلك الأهداف بالقوة العسكرية سوف تكون وبالاً عليهم وعلى قواتهم إقليمي- وحتى لا تضطر قواتنا المسلحة إلى اتخاذ تدابير احترازية منها إغلاق ذلك الممر البحري المهم..
قرار جريىء
الصحفي والإعلامي/ صلاح السامعي يشير إلى أن إقدام اليمن على استهداف السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كان قراراً جريئاً لم يخطر في الحسابات واستبعد من أي معادلات وذلك لما يترتب عليه من مخاطر وتداعيات دولية..
وأضاف : " إن صنعاء اتخذت هذا القرار الصعب والمصيري وذلك عقب مشاهدة المواقف الدولية من المجازر الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة دون مراعاة للقانون الدولي وهكذا تم حساب المسألة، فإذا كان القانون الدولي معطلاً وعاجزاً أمام سيل الدماء البريئة في قطاع غزة ومكتفاً أمام الصلف الصهيوني، فإذاً لا حرمة ولا احترام لهذا القانون الذي يعمل فقط في القضايا والأحداث التي تريدها أمريكا والصهيونية العالمية..
زخم شعبي
ولفت السامعي إلى أن تنفيذ قرار الاستهداف كان إعلانا واضحا على أن الحرب دخلت مرحلة إقليمية بقدر ما أثارت المخاوف قبل أن يعود ليقول : " إلا أنها أيضا أكسبت القيادة زخما شعبيا عربيا ومحليا بل سحبت البساط من خصوم صنعاء وغيرت من لهجة الخطاب السياسي والدبلوماسي تجاه صنعاء، وأظهرت اليمن ضمن القوى الإقليمية القادرة على تغيير معادلات الصراع في المنطقة العربية وهو أمر جاء بعد سنوات من الحرب التي قادها حلفاء وأصدقاء الكيان الإسرائيلي الذي صرح عن خشيته من استمرار تدخل اليمن وانخراطه في معركة غزة..
إرباك العدو
الإعلامي والصحفي/ سلمان القباتلي يشير إلى أن ما قامت به صنعاء يأتي كردة فعل على مجازر الكيان الصهيوني في غزة في ظل الصمت العربي الذي وصفه القباتلي بـ"البليد".. وقال :" إن اليمن سجل موقفا مشرفا وهو حصار العدو كرد على حصار العدو لأهالينا في غزة وهو يربك العدو ويسبب له اضطراباً حتى لو لم يظهر جلياً إلا أنه سبب له هزة اقتصادية ونفسية.. ويؤكد أنه كيان دخيل وشاذ على المنطقة والمنطق والإنسانية..
وأضاف : "لقد نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مدير ميناء إيلات أن تهديدات القوات اليمنية منعت وصول سفن تحمل 14 ألف مركبة منذ 15 نوفمبر الماضي، وقال المسؤول الإسرائيلي إن 85٪ من مداخيل الميناء تأتي من واردات المركبات.. مضيفاً: أن تهديدات اليمن تعرقلها.. وأضاف القباتلي:" يكفي أنك بكل فخر قد قدمتَ شيئا لنصرة إخوانك الذين خذلهم العالم وهذا من توفيق الله أن يجعلك الله في صف الحق.. "وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين".
|