الميثاق نت - قسم التحقيقات : - ينظر اليمنيون إلى القضية الفلسطينية على أنها قضيتهم ويتعاملون على هذا الأساس طوال عقود طويلة، حيث ظل اليمنيون أوفياء مناصرين لفلسطين وأهلها، ولعل المشاعر التي يحملها الفلسطينيون والعرب تجاه اليمن متفردة لا تحتاج لشرح، وهو الأمر الذي نراه مجسداً عبر ردود الأفعال والتعبيرات التي تصدر ما بين اللحظة والأخرى، سواء من الفلسطينيين أنفسهم أو من الأشقاء العرب ، اذاً ففلسطين مازالت فى الوجدان اليمني وفي المخيلة الشعبية لاتنفك عن الذاكرة ولاتُبارحها قط، وفي كل حدث يمس القضية يخرج الشعب اليمني بكل انتماءاته وتوجهاته ، ليعبر كذلك عن كل الجماهير العربية تقريبا ومُجسدا حالة التعاضد والأخوة والانتماء للعروبة وللدين ويرسل رسائل بالغة الأهمية في هذا الصدد..
ميزان الصراع
عن مواقف الشعب اليمني التاريخية تجاه القضية المركزية للعرب أجمع "فلسطين" يقول الباحث والحقوقي د/عبدالسلام المخلافي إن " الموقف اليمني منطقي جدا بالنظر إلى العمق الذي تمثله اليمن في فكرتي القومية العربية والإسلام.. لافتا إلى " أن الموقف اليمني يمثل قيمة عالية في ميزان الصراع لأنه أعاد تشكيل مفهوم الدفاع عن القضية الفلسطينية في الوعي العالمي من خلال إنهاء الحظر المفروض على الدول العربية والإسلامية غير الحدودية في المشاركة العسكرية المباشرة، ومن خلال توسيع مسرح العمليات ليشمل مناطق ذات اهتمام عالمي استراتيجي مثل الممرات التجارية البحرية كذلك الدور اليمني وضع الحكومات العربية والإسلامية في موقف صعب أمام شعوبها.. وأضاف قائلا: "لقد نسفت اليمن تقاليد الصراع التي كانوا يحاولون توطيدها، وأربكت عدة حسابات إقليمية ودولية، وقامت ببناء وجهة نظر مغايرة عن حدود المشاركة وطبيعتها إلى جانب المقاومة الفلسطينية.. الدور اليمني يعتمد على الموقع الاستراتيجي لليمن ومكانتها المرموقة في الوعي العربي والإسلامي وهو دور لرد اعتبار الشعوب العربية والإسلامية كافة، ونسف معادلات الصراع من جذورها.
ثمن مكلف
صحيح أن هذا الدور سيكون مكلفا في أثره على المجتمع اليمني إذا ما ذهبنا لمعركة أكبر وأوسع، لكنه ضرورة حتمية وقدر شعب اليمن أن يكون قائد هذه المرحلة وصاحب المبادرة المؤثرة في كفّة الصراع.. وفي كل الأحوال أرجو كمتابع للشأن الداخلي ألا تتحول هذه المبادرة المشرفة إلى كابح ومعيق للإصلاحات المؤسسية التي لا بدَّ منها لمقاومة أي فكرة ظلم في هذا العالم، فما بالنا إذا كانت فكرة الظلم هي الصهيونية؟ وقال الباحث المخلافي: " أثق كمتابع أن هذا الدور اليمني سينقلب سريعا إلى حراك داخلي متسارع للإصلاح والتطوير وكبح جماح الفساد بكافة أشكاله وأن المرحلة القادمة ستشهد مبادرات داخلية متنوعة لتدعيم جبهتنا في مواجهة عدو يمتلك كل أسباب القوة التي لا تجابَه إلا بالقوة؛ لأن العمل العسكري والثقافي ما هو إلا جزئية صغيرة جدا في هذا الصراع.
يمن الإيمان
الكاتب والمحلل السياسي أ/ عبدالرقيب البليط بدأ حديثه بالقول: " هاهم اليمنيون اليوم وبالرغم من تآلب تحالف العدوان الصهيو أمريكي بريطاني فرنسي أوروبي سعوإماراتي وحلفائهم وعملائهم التنظيمات المتطرفة والإرهابية كالقاعدة والدواعش والاخونجيين وبمختلف جنسياتهم المختلفة وشَنّهم عدوانا ظالما وحصار جائرا على اليمن وشعبها وارتكبوا ابشع المجازر البشعة والقتل والإجرام والخراب والدمار والإبادات ونهب ثرواتهم المختلفة إلا أن اليمنيين كانوا لهم بالمرصاد وحققوا عليهم انتصارات عظيمة وساحقة بمختلف الجبهات المختلفة وعلى مدى تسعة أعوام..
شرف التضحية
بالرغم من كل ذلك إلا أن اليمنيين لم ينسوا فلسطين المحتلة وشعبها والمسجد الأقصى المبارك وكان عهدهم دائما الوقوف معهم ضد كيان العدو الصهيوني وداعميه وتطهير فلسطين من دنسهم ورجسهم وللأبد.. وأضاف قائلا: "كما أن اليمنيين لهم شرف البطولة الجهادية المقدسة لهزيمة كيان العدو الصهيوني وداعميه وذلك من خلال مشاركتهم في الجهاد المقدس إلى جانب اخوتهم الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة وفلسطين وشعبها والمسجد الأقصى المبارك ليس من الآن فالتاريخ يشهد على ذلك واليوم يشاركون بالضربات الصاروخية الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة اليمنية لدك أهداف مختلفة وحساسة لكيان العدو الإسرائيلي في عمقه بفلسطين المحتلة وكذلك الاستيلاء والسيطرة على سفينة جلاكسي ليدر الإسرائيلية والاستمرار في الاستيلاء والسيطرة على بقية سفن كيان العدو الصهيوني حتى يتوقف عن عدوانه وارتكاب جرائمه ومجازره البشعة والخراب والدمار والإبادات ضد الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة وفلسطين وفك الحصار عنهم وإن لم يفعل ذلك فإن المعركة قد تتوسع وتؤدي لإزالة كيان العدو الصهيوني وداعميه من فلسطين المحتلة ومن كل المنطقة وللأبد..
تفاعل واهتمام
الكاتب الصحفي/ عدنان الجنيد يقول: في قضايا الأمة العربية والإسلامية نجد أن الشعب اليمني من أشد الشعوب تفاعلاً معها، باذلاً كل ما باستطاعته في سبيل نصرتها، وأولها القضية الفلسطينية باعتبارها قضية المسلمين الأولى.. واستطرد الجنيد: " لقد كان الشعب اليمني حاضراً في القضية الفلسطينية منذ البداية ففي مقال بعنوان "بين فلسطين واليمن شهداء وذكريات" تم نشره في وكالة الانباء الفلسطينية بتاريخ 28/3/2016 ذكر الكاتب "يامن نوباني" أن عدد الشهداء اليمنيين الذين استشهدوا خلال مرحلة الثورة الفلسطينية بلغ ألف شهيد منهم 21 في حرب 1948م بحسب مركز المعلومات الفلسطيني، ومن أبرز أولئك الشهداء الذين استشهدوا خلال مرحلة الكفاح الفلسطيني الشهيدان "محمد حسين الشميري" و "عبدالرؤوف عبدالسلام" أبطال عملية الساحل التي نفذتها "حركة فتح" في آذار 1978م .
شجاعة يمنية
ويضيف الجنيد: "وفي حرب أكتوبر 1973م كان الشعب اليمنى حاضراً بعملية جهادية كسرت أسطورة الطيران الإسرائيلي، وذلك بما قام به الملازم الطيار "عمر غيلان الشرجبي" والذي تطوع في الجيش السوري فقام بقصف مصافي "حيفا"، والانقضاض على طائرة إسرائيلية من نوع "فانتوم" وتحطيمها، ثم قصف موقع التموين العسكري في "الطبرية" والذي استشهد بعد قصفه له، وتكريماً له فقد تم منحه وسام الدرجة الأولى من قبل الرئيس السوري الراحل "حافظ الأسد"، إضافة إلى إقامة نصب تذكاري تخليداً له في أحد أكبر شوارع دمشق. ولفت الجنيد إلى أنه حين اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان في 1982م كانت اليمن من الدول التي أرسلت الآلاف من المتطوعين للجهاد في لبنان للدفاع عنه واسترداد ما سلبه العدو من الأراضي الفلسطينية ، و منحت الدولة اليمنية في ذلك الحين الشهداء في تلكم المعارك امتيازات شهداء ثورة 26 سبتمبر.. وحينما تم تهجير الفلسطينيين من لبنان عقب ذلك الاجتياح كانت "عدن" إحدى أهم المدن التي احتضنتهم، وفيها تم إنشاء معسكرات تدريب عسكرية تتولى تدريب أولئك القادمين من لبنان كي يتمكنوا من تحرير بلدهم..
قلب القضية
"في هذا الظرف العصيب، وتحت تحليق طائرات العدوان وقصفه الأرعن، ينهض في مظاهرات حاشدة مناصرة للقضية الفلسطينية غير أبهٍ بالمخاطر لأنه يدرك أنه لا يُعتدى عليه إلا من أجل مواراة هذه القضية التراب ودفنها إلى الأبد، لأن العدو يدرك علاقة اليمن بفلسطين والتي هي أشبه بعلاقة القلب بالجسد، واليمن هو قلب القضية الفلسطينية وعلى رجالها الأشاوس سيكون خلاص الشعب الفلسطيني ممن يحتل أرضه، حيث يخشى ذلك اليوم، ولذا فقد وجه أذنابه لشن هذا العدوان كي لا تأتي اللحظة الذي يرون فيه أُسود اليمن على أبواب القدس الشريف يحملون رايات النصر المبين لهذه الأمة.. واختتم حديثه قائلاً: "ما من مسيرة تخرج للتضامن مع الشعب الفلسطيني إلا وتجد الشعب اليمني في الصفوف الأولى، وإن تهيَّأت السبل وفُتح باب التطوع والجهاد فلن يبخلوا بأنفسهم، وسيكونون في طليعة الجيوش كما هو دأبهم في قيادة الأمة وحمل راية الجهاد..
تحرُّك يمني
الكاتب الصحفي والمستشار الإعلامي/ عادل العثماني قال: "انه نتيجةً لمُجريات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووحشية القصف الجوي وما يترتب عليه من دمار للبنية التحتية وقتل للأطفال والنساء ودون أدنى تمييز يُذكر، أو التزام بالقوانين والأعراف الإنسانية في التعاطي والتعامل مع الحروب، وحجم التمادي للكيان الصهيوني في استمرارية ومواصلة جرائمه على السكان في قطاع غزة وعدم استجابته للمطالب والدعوات الرامية لوقف الحرب وإدخال المساعدات، كان لابد لليمن أن يتحرك - وبرغم كل جراحاته- ويقوم بدوره الإنساني والأخلاقي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والوقوف ضد انتهاكات وممارسات الصهاينة بحق أرض وشعب تجمعه به روابط الدين والعروبة والثقافة.. وأضاف: "ان اليمن جسد للعرب والمسلمين تحديدا وللعالم أجمع محورية وقُدسية فلسطين وأنها تستحق التضحيات، وأنه لابُد من تحرك عملي مُساند للأحرار فيها، وأن لاسبيل أمام هذه الأمة سوى استخدام القوة فما أُخذ بالقوة لا يُستردّ إلا بالقوة..
كلمة فصل
" وبالنظر إلى المواقف العربية من الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن اليمن- ورغم ما يعانيه من ويلات الحرب والصراع التي طالته ولتسع سنوات- قال اليمني كلمته الفصل في أن يقف إلى جانب أخيه في غزة وأن يتألم لألمِه، ويُعاني لمُعاناته، وأن يواجه الكيان الصهيوني إسناداً ومؤازرهً للمقاومة الفلسطينية ودفاعاً عن القضية والمقدسات الإسلامية التي يحاول الصهاينة وبكل ما أُوتوا من قوة تدنيسها وبسط نفوذهم وسيطرتهم عليها ودون وجه حق فمنذ أكتوبر الماضي هبُّوا هبَّة رجل واحد لضرب العدو الصهيوني وتوحدوا شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً دعمهم وتأييدهم لمثل هكذا مواقف تستهدف كيان العدو الإسرائيلي وتدعم المقاومة الفلسطينية في غزة، انطلاقاً من واحدية الموقف للجميع تجاه إسرائيل وما تمارسه من جرائم وقتل بحق الشعب الفلسطيني ومنذ 75 عاماً.
قضايا مصيرية
لم يسبق أن توحّد اليمنيون كما هو حال توحدهم في أن تستمر الضربات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى مصالح وقوات الكيان الصهيوني في مشهد يعبر عن أن اليمنيين وإن اختلفوا سياسياً أو مذهبياً لا يمكنهم أن يفرّطوا في قضايا حسّاسة ومُهمة، كما هو حال القضية الفلسطينية، وأن فيهم من الغِيرة والعروبة ما يجعلهم على أتم الاستعداد لأن يذهبوا مشياً على أقدامهم إلى غزة ومواجهة قوات وعتاد الكيان الصهيوني دفاعاً عن الأراضي ووقوفاً إلى جانب المقاومين هناك، لكون العدو هو عدو الجميع وجرائمه وبشاعته التي يقترفها ومنذ عقود زمنية طويلة لا تمس الفلسطينيين فحسب بل العرب أجمع، وأن مخططات وسياسات إسرائيل ليست مرسومة على منطقة جغرافية محددة بل تتعدى فلسطين لتشمل بلداناً عربية مجاورة وربما مع المستقبل إن استقوت وتمكنت أكثر سنراها تبسط سيطرتها ونفوذها على كل عالمنا العربي.. وهذا لا شك فيه، عند التمعُّن وقراءة التاريخ الاستعماري لليهود قديماً وحديثاً..
مشاركة النضال
خرج الملايين من اليمنيين في محافظات عدة في الشمال والجنوب تنديداً وغضباً لاستمرار الحرب الصهيونية على قطاع غزة وهذا ليس بجديد على اليمن فقد سبق وأن كان للأنظمة السياسية المتعاقبة مواقف سابقة، وأن اليمن لم يعد في خانة التنديد والشجب؛ بل بات مشاركاً فعلياً في مجريات المعركة جراء عملياته وبالطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية على كيان العدو الصهيوني، ليعكس بهذا الموقف تحوّلاً جديداً في مسار التعاطي مع الكيان الصهيوني، فضلاً عن تعاون عميق وغير معهود مع الفلسطينيين في وقتٍ عجزت فيه الأنظمة العربية الأخرى عن القيام بدورها وواجباتها تجاه آلة الحرب القذرة التي يرتكبها الاحتلال بحق الأطفال والنساء، وتدمير كل ما له علاقة بالحياة والإنسانية في غزة .
موقف مشرّف
أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي/محمد صالح حاتم، فيقول: القضية الفلسطينية كانت ومازالت قضية الشعب اليمني الأولى، لم يتنازل عنها ولن يساوم او يفرط فيها، لافتا الى أن " موقف الشعب اليمني اليوم تجاه القضية الفلسطينية ونصرة لأبناء غزة يُعد موقفاً ًمشرفاً ، يحق لأي يمني أن يفتخر ويعتز بهذا الموقف البطولي والذي تمثل في المشاركة علناً في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، والدخول رسميا في حرب ضد الكيان الصهيوني الغاصب.. وأردف حاتم بالقول: " ان ذلك الموقف الذي اعلن عنه السيد عبدالملك الحوثي قائد الثورة والذي اكد أننا لن نظل مكتوفي الأيدي امام ما يتعرض له إخواننا في غزة من حرب إبادة جماعية ومجازر يومية، هذا الموقف تجسد بقصف أماكن ومواقع حساسة في أم الرشراش وتل أبيب وغيرها من المدن والمستوطنات العربية المحتلة، ليس هذا فحسب؛ بل إن الشعب اليمني قام باتخاذ قرار بمنع السفن التجارية والحربية الصهيونية من المرور من باب المندب والبحر الأحمر وتجسد هذا القرار وعبر القوات البحرية بالاستيلاء على سفينة جلاكسي ليندر الصهيونية، وكذا قصف سفينتين صهيونيتين كانتا تمران في المياه الإقليمية اليمنية، وهذا القرار يعد قرارا حكيما، وأصاب الكيان الصهيوني في مقتل وكبَّده خسائر باهظة..
سجل التاريخ
إن الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية موقف عربي جاء في ظل تخاذل وصمت وسكوت وخنوع للأنظمة العربية المرتهنة لأمريكا وإسرائيل وهذا يثبت أن الشعب اليمني هو شعب المدد ومنه سيأتي النصر لفلسطين وعلى أيادي اليمنيين سيكون تحرير فلسطين والقدس الشريف، وهذا امتثالاً لقوله تعالى: "فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليهم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً".. ونحن اليمانيين من وُصفوا بالقوة والبأس الشديد، فاليمن رغم الحرب والعدوان والحصار رغم الجراح والآلام التي لم تندمل لم ينسَ فلسطين وقضيتها بل إن موقفه المشرف سيظل محفورا في سجلات التاريخ العربي لن تنساه الأجيال.. |