الميثاق - تقرير/ بليغ الحطابي: -
لا يبدو السلام في اليمن قريباً بحسب توقعات مراقبين على إثر تحركات ومساعٍ سعودية حثيثة وبوساطة عمانية ..حيث رفعت أمريكا لهجة تصعيد التحذيرات وجهتها لصنعاء فيما الأخير لايلقي لها بالاً فهو ماضٍ في استراتيجيات وخيار نصرة إخوانه في فلسطين بضربات عسكرية تستهدف تقويض عنجهية الكيان الصهيوني ..في الوقت الذي ترفع أمريكا التصعيد نحو المعركة البحرية في الأحمر وباب المندب على نحو يمنحها السيطرة الكاملة والتحكم بالتجارة والملاحة العالمية..
وبعيداً عن إرادة أمريكا تسارع السعودية من وتيرة التحركات في الملف اليمني بالتزامن مع تحركات دولية للتصعيد وسط مخاوف من خلط أوراقها.
وكانت الرياض في وقت سابق أعدت مسودة الاتفاق مع صنعاء لرئاسة المجلس الرئاسي الموالي لها في عدن مع استدعاء أعضائه الثمانية لجلسة مرتقبة في الرياض لإقرار الاتفاق.
والمسودة، وفق مانشرته وسائل إعلام تحوي نصوص اتفاق بين صنعاء والرياض تتضمن 3 مراحل، وفق ما بثته قناة العربية السعودية في وقت سابق، أبرزها الأولى التي تنص على إعلان السعودية وقف الحرب وإنهاء الحصار إضافة إلى صرف المرتبات مقابل وقف شامل لإطلاق النار، يليها مرحلة ثانية من الحوار السياسي، وثالثة تتعلق بالمرحلة الانتقالية.
وذكرت الأنباء أن المبعوث الأممي سلَّم قبل أيام المسودة لرئيس الوفد الوطني بصنعاء في مسقط والذي ألمح رئيسه محمد عبدالسلام إلى تجاوز عقبات عدة.
ومؤخراً تَجدَّد الحديث عن قُرب إعلان خارطة السلام هذه التي يتفاءل بها بعض الدبلوماسيين الغربيين والإقليميين بأنها ستوقف الحرب في اليمن وتعالج الأزمات الاقتصادية وتقود البلاد إلى تسوية سياسية شاملة، لكن الملاحظ من خلال البنود المتشابهة التي يجري تسريبها إلى الإعلام منذ أبريل الماضي، أن هذه البنود تتضمن فخاخاً ومصائد خطيرة يمكن أن تقود البلاد إلى مرحلة أكثر تعقيداً من الصراع أو المراوحة في حالة اللاسلم واللاحرب التي بدأت بالاتفاق على هدنة أبريل 2022م..
أيَّاً كانت البنود الحقيقية لمشروع الاتفاق الذي لم يُعلن عنه رسمياً بعد، فقد أصبح شبه مؤكد أنها تتكون من ثلاث مراحل، وهنا يكمن الفخ الأول، فرغم أنه من المنطق أن يجري تزمين أي اتفاق للصراعات المعقدة ضمن مراحل، إلا أن ترتيب المراحل يلعب دوراً حاسماً في نجاح الاتفاق من عدمه.. وبحسب خارطة السلام المتداولة، تم تخصيص المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمعتقلين، وهذا أمر جيد، ومثله تزمين مدة إنجازها بستة أشهر..
تتضمن المرحلة الأولى أيضاً تسليم مرتبات الموظفين الحكوميين وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، "وتشكيل لجان لفتح الطرقات الرئيسية المغلقة بسبب الحرب"، إضافة إلى لجان اقتصادية وسياسية..
فبينما ينص مشروع الاتفاق على "فتح" مطار صنعاء وميناء الحديدة، ينص بالمقابل على "تشكيل لجان لفتح الطرقات المغلقة"..
المصادر "المطّلعة" التي تقول وسائل الإعلام إنها سرّبت بنود مشروع خارطة الطريق، تفيد بأن المرحلة الثانية من مشروع الاتفاق سوف تتضمن إجراء مفاوضات بين حكومة المرتزقة وصنعاء، وهي المفاوضات التي يعوّل عليها الوصول إلى المرحلة الثالثة، وهي الاتفاق على شكل الدولة.
السعودية هروب نحو صنعاء
وجاء قرار السعودية السير بالاتفاق رغم التهديدات الأمريكية بنسف الخطة التي تقودها سلطنة عمان، وفق ما نقلته وسائل إعلام أمريكية، وهو ما يشير إلى مخاوف السعودية من تأزم الوضع في اليمن في ظل الضغوط الأمريكية على دول خليجية للمشاركة في تحالف جديد للحرب تحت مسمى "حماية البحر الأحمر".. فيما يبرز تهديد صنعاء بأن حقول النفط ومنشآته في الرياض وأبوظبي ستكون هدفاً في حال تم الانخراط بالحرب الجديدة.
التصعيد البحري
وكان وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان اكد في وقت سابق الأسبوع الماضي رفض بلاده التصعيد في البحر الأحمر أو تشكيل أي تحالفات مؤكداً أن التصعيد لن يخدم أي طرف..وفي حديث مناقض قالت وكالة بلومبيرغ ان ولي عهد السعودية بن سلمان بحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي خطط ردع هجمات صنعاء على كيان العدو الإسرائيلي والبحر الأحمر وباب المندب.
وهو تصريح يظهر نوايا أمريكا ومساعدتها لتشكيل تحالف دولي تحت مزاعم حماية الملاحة الدولية..
تهديدات
ومع تصاعد التهديدات الإقليمية والدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضد السفن التجارية، ازدادت التوترات بشأن توفير الحماية، إذ طرحت الولايات المتحدة أمام نحو 40 دولة ضرورة تشكيل قوة متعددة الجنسيات، لمواجهة تلك التهديدات.
شرعنة الحرب
يقول مدير المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، محمد صالح عمر:
: "حماية البحر الأحمر مسؤولية الدول المشاطئة له، إذا كانت لديها القدرة أن تحمي مصالحها الاستراتيجية والحيوية في المنطقة، لكن الولايات المتحدة الأمريكية عادة عندما تريد تنفيذ استراتيجيةٍ ما ترجع إلى المجتمع الدولي، وتحاول شرعنة تواجد دولي لتنفيذ بعض السياسات، كما حدث سابقا عندما أرادت أن تتدخل في العراق، كان هناك غطاء دولي، وما إلى ذلك".
وتابع: "البحر الأحمر فعلاً ممر حيوي واستراتيجي مهم لجميع أنحاء العالم، ولذلك مهم استقرار الأوضاع الأمنية فيه لمرور التجارة الدولية، وبالتالي تتحقق جميع المصالح الدولية للجميع، لكن في الوقت ذاته كل الدول متواجدة في البحر الأحمر، والولايات المتحدة تملك القاعدة الوحيدة في البحر الأحمر".
ويشكل البحر الأحمر وباب المندب أبرز منافذ بيع النفط السعودية والخليج في الأسواق الآسيوية والغربية، ويمر عبره 11٪ من التجارة العالمية. | 
السلام في اليمن .. بين رغبة الرياض وضغوط واشنطن