الميثاق نت -

الإثنين, 01-يناير-2024
أحمد‮ ‬سلطان‮ ‬السامعي -
الحرب على اليمن والحصار المفروض من قبل دول العدوان تسبب في انهيار اقتصادي ومالي كبير، ونتيجة لذلك، واجه الاقتصاد اليمني العديد من التحديات، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة المحلية، في المقابل هناك حرب أخرى داخلية، ولا تقل خطورة عن حرب وحصار‮ ‬دول‮ ‬العدوان‮ ‬ألا‮ ‬وهي‮ ‬التلاعب‮ ‬في‮ ‬أسعار‮ ‬الصرف‮ ‬والذي‮ ‬يعتبر‮ ‬من‮ ‬الأساليب‮ ‬الاحتيالية‮ ‬الأكثر‮ ‬شيوعاً‮ ‬التي‮ ‬تستخدمها‮ ‬البنوك‮ ‬والصرافون‮.‬
صحيح أن حصار دول العدوان هو المتسبب الرئيس في دمار الاقتصاد اليمني- وهذا يعرفه الجميع- لكن ما لا يعرفونه هو الدمار الاقتصادي الناتج عن فساد وتواطؤ بعض أبناء الوطن، وهم أخطر من العدوان نفسه، لأن هؤلاء يعيشون بيننا ويأكلون ويشربون من خيرات الوطن.
هؤلاء الفاسدون يتواجدون في كل مكان سواء أكان القطاع العام أو في القطاع الخاص، لكن سأركز على أهم قطاع وهو القطاع المالي، وبالأخص البنك المركزي والبنوك الخاصة والصرافين والمحافظ الإلكترونية والشركات المالية وغيرها.. هؤلاء يعملون -ليل نهار- على استهداف عصب الاقتصاد‮ ‬اليمني‮ ‬والتلاعب‮ ‬بسعر‮ ‬الصرف‮ ‬بطرق‮ ‬عدة،‮ ‬همهم‮ ‬الوحيد‮ ‬جني‮ ‬أكبر‮ ‬قدر‮ ‬من‮ ‬الأرباح‮ ‬بشتى‮ ‬الطرق‮.‬
إن التلاعب بسعر الصرف جريمة اقتصادية خطيرة، وما يقوم به الصرافون من عمليات احتيال واستغلال الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن، وغياب الرقابة الحكومية، للقيام بعمليات المضاربة في سوق الصرف، بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب الناس، وأمام أعين البنك المركزي اليمني،‮ ‬لَهو‮ ‬جرم‮ ‬كبير‮ ‬بحق‮ ‬الوطن‮ ‬والمواطن،‮ ‬ويضع‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬التساؤلات‮ ‬التي‮ ‬تحتاج‮ ‬من‮ ‬مسؤولي‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬الإجابة‮ ‬عنها‮ ‬بشفافية،‮ ‬على‮ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬معرفتنا‮ ‬المسبقة‮ ‬أننا‮ ‬ننفخ‮ ‬في‮ ‬قربة‮ ‬مثقوبة‮.‬
قد‮ ‬تكون‮ ‬عملية‮ ‬التلاعب‮ ‬بأسعار‮ ‬صرف‮ ‬العملات‮ ‬ظاهرة‮ ‬منتشرة‮ ‬في‮ ‬دول‮ ‬العالم‮ ‬الثالث،‮ ‬لكن‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬فاق‮ ‬المعقول‮ ‬وتجاوز‮ ‬الخطوط‮ ‬الحمراء‮.. ‬وهنا‮ ‬أطرح‮ ‬بعض‮ ‬الأسئلة‮ ‬وأرجو‮ ‬من‮ ‬قيادات‮ ‬البنك‮ ‬المركزي‮ ‬الإجابة‮ ‬عنها‮.‬
ما‮ ‬هو‮ ‬سبب‮:‬
اولاً‮:‬فرق‮ ‬الصرف‮ ‬بين‮ ‬الدولار‮ ‬الجديد‮ (‬الأزرق‮) ‬والقديم‮ (‬الأبيض‮) ‬قد‮ ‬يصل‮ ‬إلى‮ »‬1500‮« ‬ريالاً‮ ‬وربما‮ ‬اكثر؟
ثانياً‮: ‬انخفاض‮ ‬سعر‮ ‬الصرف‮ ‬قبل‮ ‬العيد‮ ‬بأسبوع،‮ ‬وعودة‮ ‬سعر‮ ‬الصرف‮ ‬الرسمي‮ ‬بعد‮ ‬العيد‮ ‬مباشرة؟
ثالثاً‮: ‬قبل‮ ‬العيد‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬استلام‮ ‬الحوالات‮ ‬الخارجية‮ ‬إلا‮ ‬بالريال‮ ‬اليمني‮ ‬وبسعر‮ ‬صرف‮ ‬العيد؟
رابعاً‮: ‬لا‮ ‬يستطيع‮ ‬المستفيد‮ ‬استلام‮ ‬حوالته‮ ‬الخارجية‮ ‬إلا‮ ‬دولار‮ ‬قديم‮ (‬أبيض‮)‬،‮ ‬حتى‮ ‬لو‮ ‬كانت‮ ‬مرسلة‮ ‬دولار‮ ‬جديد‮ (‬أزرق‮)‬،‮ ‬وإذا‮ ‬طلب‮ ‬استلامها‮ ‬بالعملة‮ ‬الوطنية‮ ‬تُصرف‮ ‬بسعر‮ ‬الدولار‮ ‬القديم؟
خامساً‮: ‬لماذا‮ ‬سعر‮ ‬صرف‮ ‬فئات‮ »‬10‮« ‬دولارات‮ ‬و‮»‬20‮« ‬دولاراً‮ ‬أقل‮ ‬من‮ ‬السعر‮ ‬الرسمي‮ ‬بحجة‮ ‬أنها‮ ‬صرافة‮ (‬فئات‮ ‬أصغر‮)‬؟
سادساً‮: ‬سعر‮ ‬الصرف‮ ‬في‮ ‬تطبيقات‮ ‬البنوك‮ ‬والمحافِظ‮ ‬الإلكتروني‮ ‬أقل‮ ‬من‮ ‬السعر‮ ‬الرسمي؟
سابعاً‮:‬إذا‮ ‬وجد‮ ‬عيب‮ ‬صغير‮- ‬يكاد‮ ‬يُرى‮ ‬بالعين‮ ‬المجردة‮- ‬على‮ ‬العملات‮ ‬الأجنبية‮ ‬لا‮ ‬يتم‮ ‬قبولها،‮ ‬وإذا‮ ‬تم‮ ‬خصم‮ ‬مبلغ‮ ‬ثلاثة‮ ‬أو‮ ‬خمسة‮ ‬آلاف‮ ‬ريال‮ ‬يغفر‮ ‬لها‮ ‬الصراف‮ ‬ويدخلها‮ ‬في‮ ‬رحمته؟
ثامناً‮:‬هل‮ ‬للمسؤولين‮ ‬في‮ ‬البنك‮ ‬نسبة‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬الأموال‮ ‬المسروقة‮ ‬حتى‮ ‬يترك‮ ‬الصرافين‮ ‬يفعلون‮ ‬ما‮ ‬يشاؤون؟
تاسعاً‮: ‬لماذا‮ ‬لا‮ ‬توجد‮ ‬عملة‮ ‬دولار‮ ‬أزرق‮ ‬في‮ ‬السوق،‮ ‬وهل‮ ‬الإبقاء‮ ‬على‮ ‬الدولار‮ ‬القديم‮ ‬في‮ ‬السوق‮ ‬متعمد‮ ‬لاستمرار‮ ‬نهب‮ ‬المواطنين؟
أعتقد أن هذه الأسئلة وغيرها تستحق الإجابة، ليس فقط من أجل معرفة الحقيقة، ولكن أيضاً من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الجريمة الاقتصادية التي تؤثر سلباً على الاقتصاد اليمني والمواطن اليمني.
كما أن تخلّي البنك المركزي اليمني عن دوره في ضبط الصرف هو السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.. فقد أدى هذا التخلي إلى انتشار الفوضى في سوق الصرف، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يتحمل البنك المركزي اليمني مسؤولية كبيرة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد اليمني وحماية المواطنين اليمنيين من آثار الحرب.. وبالرغم من أن البنك المركزي اليمني لديه بعض الإجراءات لمكافحة التلاعب بالصرف من خلال إصدار قرارات تنظم عمل الصرافين‮ ‬وفرض‮ ‬عقوبات‮ ‬على‮ ‬المخالفين،‮ ‬مع‮ ‬ذلك،‮ ‬فإن‮ ‬هذه‮ ‬الإجراءات‮ ‬حبر‮ ‬على‮ ‬ورق‮.‬
عمليات‮ ‬التلاعب‮ ‬هذه‮ ‬تبدو‮ ‬صغيرة‮ ‬أو‮ ‬هامشية،‮ ‬ولكن‮ ‬بعملية‮ ‬حسابية‮ ‬صغيرة‮ ‬تكتشف‮ ‬حجم‮ ‬المليارات‮ ‬التي‮ ‬تُسرق‮ ‬من‮ ‬أموال‮ ‬الشعب‮ ‬شهرياً‮ ‬ويعتبر‮ ‬البنك‮ ‬المشرع‮ ‬لهذا‮ ‬الفساد‮.‬
في الأخير هناك سؤال لا عَلاقة له بالموضوع ونرجو من محافظ البنك أو أي مسؤول آخر الإجابة عنه: لماذا عندما يتم تعيين شخص ما بمنصب حكومي، أول ما يقوم به إغلاق هاتفه ولا يستطيع أحد الوصول إليه؟
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:35 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65291.htm