الميثاق نت -

الخميس, 04-يناير-2024
توفيق عثمان الشرعبي -
القرار العسكري الذي اتخذه اليمن في البحرين "الأحمر والعربي" فاجأ الأمريكي قبل الإسرائيلي والغربي قبل العربي فلم يكن أحد يحسب حساباً لما قام به اليمن، بل لم يخطر على بال أحد أن هذا البلد يمتلك القدرة والجرأة على فعل ماهو أقل من ذلك..
لم ينتبه الجميع إلى أن القيادة الشجاعة في أي بلد تستطيع بأقل الإمكانات تحقيق أهداف استراتيجية (سياسية أو اقتصادية أو عسكرية) مادامت تمتلك شجاعة اتخاذ القرار ، وهذا هو ما حدث في اليمن ، ولا يختلف اثنان راشدان حول ما أحدثه التدخل العسكري اليمني في البحر الأحمر ضد الكيان الصهيوني نصرة لمظلومية الشعب الفلسطيني الذي يرتكب العدو الإسرائيلي بحقه جرائم الإبادة..
انكسرت إسرائيل ومن خلفها أمريكا استراتيجياً في البحرين الأحمر والعربي، وفشلت نظرية "شرطي العالم" و "الجيش الذي لا يُقْهَر"، وتضاءلت أمام ما قامت به القوات المسلحة اليمنية..
فالصياح الإسرائيلي والتخبُّط الأمريكي إزاء ما أقدم عليه اليمن عملياً قد هزَّ صورة أمريكا وكشف عدم قدرتها على فعل شيء للدفاع عن هيبتها، حتى أن ردة فعلها بتشكيل تحالف متعدد الجنسيات فضحها أكثر أمام أدواتها في الشرق والغرب..
حيث لم يعد خافياً على المستوى الاقتصادي ما تعانيه إسرائيل من حصار القوات المسلحة اليمنية لموانئها وما ألحقه هذا الحصار بالكيان الغاصب من خسائر اقتصادية وصلت إلى حد تحذيرات خبراء إسرائيليين من انهيار للموازنة المدعومة أمريكياً وخليجياً..
وعلى المستوى السياسي أحدث القرار اليمني زلزالاً في أروقة السياسة في "واشنطن" ودهاليزها في "تل أبيب".. والمتتبع لما تنشره صحف البلدين سيدرك الخلافات الداخلية التي توشك على الانفجار في إسرائيل ، وكذلك قياسات الرأي حول الانتخابات الأمريكية القادمة وماينتظره الرئيس بايدن العاجز عن التفكير والعمل تجاه ما تقوم به القوات اليمنية من كسر لأسطورية أمريكا..
لم يكن القرار الشجاع الذي اتخذه اليمن خبط عشواء نحو المجهول كما يحاول "المؤلّهون" لأمريكا تصويره، بل هو قرار استراتيجي مدروس سيعطي أُكُله عاجلاً وآجلاً ، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ومعنوياً ليس فقط في غزة وإنما سينتشل الموقف العربي من الضعف والوهن وسيعيد له هيبته واحترامه.. فاليمن اتخذ خطوة كفيلة بإحداث نتائج قادرة على صنع حقائق سياسية جديدة في المنطقة.
وبقليل من القراءة الواعية لأبعاد وتداعيات وتفاعلات ما قام به اليمن سيجد كل عربي أن الخطوة اليمنية فرصة لا تُعوَّض للأنظمة العربية للتخلص من الهيمنة الأمريكية، وأنه الوقت المناسب لبدء عصر عربي جديد تتشكل نواته في جنوب الجزيرة العربية بإرادة يمنية أصيلة.. ولانظن عاقلاً سيضيع هذه الفرصة المتاحة من يده في لحظة تاريخية فارقة للتخلص من التبعية التي أوردت الأمة موارد الذل والخزي.. أما اليمنيون فقد حددوا موقفهم والموضع الذي يرضونه لأنفسهم ويرضاه لهم التاريخ .. ولن يسمحوا باستمرار الضعف العربي.. فالذي امتلك شجاعة القرار لحصار إسرائيل ، يمتلك الثقة ـ من موضع القوة ـ بأن الغرب سيأتي إلى صنعاء »راجياً« فك الحصار..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65314.htm