الميثاق نت -

الإثنين, 08-يناير-2024
إبراهيم ناصر الجرفي -
ذهب علماء النفس إلى أن العوامل النفسية والتربوية والبيئية لها دور كبير في تكوين شخصية الإنسان ، ولها تأثير بارز في تحديد مواقفه وسلوكياته الدينية ، فالإنسان الذي نشأ وترعرع في بيئة نفسية وتربوية معتدلة ومتوازنة وسوية ، منحته الحب والحنان والرعاية والعطف والرحمة والسلام النفسي والأسري والاجتماعي ، بدون شك سوف تكون مواقفه وسلوكياته الدينية سوية ومعتدلة ومتوازنة ، بينما الإنسان الذي نشأ وترعرع في بيئة نفسية وتربوية متطرفة ومتشددة وقاسية ،حرمته من الحب والحنان والرعاية والعطف ،وجعلته يتجرع كل صنوف العنف الأسري والاجتماعي وكل صور المعاناة والحِرمان ، بدون شك سوف تتأثر مواقفه وسلوكياته الدينية بالتطرف والتشدد والغلو والعدوانية ، في حين أن الإنسان الذي نشأ وترعرع في بيئة نفسية وتربوية فاسدة ومنحرفة ومنحلة ، حرمته من الفضيلة والأخلاق النبيلة والفطرة البشرية السوية ، بدون شك سوف تتأثر مواقفه وسلوكياته الدينية بالانحراف والفساد والإنحلال الاخلاقي ، فكل إناء بما فيه ينضح ..

ومن المتعارف عليه أن الحالة النفسية للإنسان هي انعكاس لظروفه البيئية والتربوية والأسرية والاجتماعية ، فالحالة النفسية هي التي تحدد مواقف الإنسان وسلوكياته الدينية ، والحالة النفسية المعتدلة والمتوازنة والسليمة من الاضطرابات والعقد النفسية ، سوف تجعل صاحبها يميل للأفكار الدينية المعتدلة والمتوازنة والسوية ، وتجعله يستغل التشريعات الدينية للدعوة إلى الخير والرحمة والتعاون والتسامح والتعدد والتنوع والتعايش السلمي مع الآخرين ، بينما الحالة النفسية المتوترة والمضطربة والحاقدة والمعقدة نفسيا ، سوف تجعل صاحبها يميل للأفكار والدعوات المتطرفة والمتشددة والعدوانية ، وتجعله يستغل التشريعات الدينية للدعوة للتطرف والتشدد والكراهية والقسوة والعنف والإرهاب والعداء للآخرين ، لإفراغ الشحنات السلبية والعدوانية التي بداخله ضد الآخرين باسم الدين وتحت غطاء الدين ، وبذلك لا يمكن أن تجد إنساناً يمتلك حالة نفسية سليمة ومعتدلة يؤيد التطرف والتشدد الديني ويشجع على العداوة ضد الآخر الديني والمذهبي ، لأن هكذا مواقف وسلوكيات تتعارض مع الفطرة البشرية السوية ومع تشريعات وأحكام الدين الصحيحة ..

وبذلك فإن دعاة التطرف والتشدد والكراهية والعنف والعداء للآخر المختلف معهم في كل زمان ومكان ، هم أشخاص يعانون من اضطرابات وعُقَد نفسية مزمنة ، تدفعهم دفعاً لاستغلال الدين استغلالاً سلبياً لتفريغ اضطراباتهم وعُقدهم النفسية ضد الآخرين بغطاء ديني ، وتجعلهم لا يترددون في تكفير الآخر وتشويه صورة الآخر ، ورفض الآخر ، ومحاربة أفكار الآخر دون تمييز بين الإيجابي والسلبي منها ، ولا يترددون في تفسير وتأويل التشريعات والأحكام الدينية بصورة متشددة ومتطرفة ، تنزع منها كل صور الخير والرحمة ، وصولاً إلى استباحة دماء الآخربن ومصادرة حقوقهم وحرياتهم ، وهم بذلك يُجِيزون لأنفسهم ممارسة العنف والقسوة والتطرف والإرهاب ضد الآخرين باسم الدين حتى لا يلومهم أحد ، وحتى يعفوا أنفسهم من تأنيب الضمير ، وحتى يجدوا لأنفسهم المبررات لمواقفهم وسلوكياتهم العدوانية أمام الآخرين ، ورغم كل ذلك إلا أن الصورة قد باتت واضحة لدى الكثير من الناس ، فتبنًي الإنسان المواقف والسلوكيات الدينية المتطرفة والمتشددة والعدوانية ، دليل واضح على اضطراب واختلال حالته النفسية ومعاناته من عُقد نفسية مزمنة ، فالمواقف الدينية المتطرفة والمتشددة والسلوكيات العدوانية تجاه الآخرين ، لا يمكن أن تصدر من شخص يمتلك نفسية سوية ومعتدلة ومتوازنة ..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 18-يوليو-2024 الساعة: 05:36 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65343.htm