عبدالجليل احمد ناجي - كل الذين استهدفوا المؤتمر الشعبي العام سيدركون - أو أنهم قد أدركوا - حتما أنهم استهدفوا الشعب اليمني برمته وأمنه واستقراره ووحدته ولم يستهدفوا فقط تنظيما سياسيا لذاته ومع ذلك فمازال المؤتمر رغم المواجع والجراحات منذ عام 2011م وحتى اليوم ونحن في العام الثالث عشر يقف صامدا وشامخا وفاتحا ذراعيه لشراكة وطنية تصحَّح فيها المواقف وتعاد الموازين إلى نصابها، متجاوزاً تلك الأطروحات الجوفاء التي كان يطلقها البعض على المؤتمر بأنه حزب السلطة أو حزب الرئيس المؤسس الشهيد علي عبدالله صالح - رحمه الله - وبمجرد فقده السلطة أو ذهاب الرئيس سينتهي المؤتمر الشعبي، إلا أن توقعاتهم خابت وخسرت وبقي المؤتمر بعنفوانه وشعبيته الكبيرة وفكره المستنير ومشروعه الوطني الأصيل والراسخ في عقول وضمائر الجماهير اليمنية وبصماته المشرقة في وجدان كل يمني حر أبِيٍّ شريف وفي كل شبر من أرض اليمن ..
وسيبقي المؤتمر الشعبي العام مع الوطن وفي صف الوطن وامنه واستقراره وثوابته الوطنية لن يحيل ولن يميل عن مشروعه الوطني المحدد في الميثاق الوطني مواصلاً حَمْل هذا المشروع بقيادة المناضل الوطني الجسور الشيخ صادق بن أمين أبو راس رئيس المؤتمر الشعبي العام.. وسيبقى المؤتمر هو الرافعة السياسية لمشروع الدولة اليمنية الحديثة التي تقوم على العدالة والمساواة والحريات والديمقراطية والتنمية والمشاركة الشعبية الواسعة وسيادة الدستور والنظام والقانون وحقوق الإنسان والتبادل السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة..
فقد أثبت الشيخ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر -ليس فقط خلال فترة قيادته للمسيرة الميثاقية للمؤتمر ولكن خلال تحمله مسئوليات عدة في كل مراحل نضاله الوطني -أنه القائد المقتدر والكفء والمعلم والفارس الشجاع والحكيم والصابر في تحمل الصعاب والقادر على صُنْع التحولات وترك البصمات الإيجابية حيثما حلّ ورحل..
لقد علَّمنا الشيخ صادق خلال مرحلة تولّيه قيادة مسيرة المؤتمر فنون الصبر والقيادة في المنزلقات الخطرة والمسالك الوعرة ، لقد اجتزنا في عهده تجربة جديدة تعلَّمنا فيها الكثير من الدروس والعِبَر في فنون ممارسة العمل السياسي في ظل الظروف الصعبة، وليس هنالك ما هو أصعب من الظروف التي مرت بها اليمن ابتداء من الصراعات البينية الداخلية والحروب والحصار الاقتصادي وسياسات التجويع ومحاولات اعداء اليمن إفشال الحياة السياسية ومحوها من الساحة وتمزيق النسيج الاجتماعي من خلال نشر ثقافات الكراهية والطائفية والمناطقية والانقسامات الاجتماعية داخل الوطن اليمني الواحد..
أبوراس رجل صبور ويمتلك مؤهلات وخبرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مجتمعة في رجل القبيلة المتخرج من الكلية البحرية ليسخّره القدر لترك بصمات في كل شبر من البر اليمني على امتداد الوطن، فقد عرفناه منذ عقود من خلال إدارته الناجحة للاتحاد العام للمجالس المحلية للتطوير التعاوني التي أحدثت تحولا تنمويا وخدميا في كل منطقة في اليمن فقد استطاع من خلال برامج وقوانين ولوائح ديمقراطية دقيقة أن يحول المجالس المحلية المنبثقة عن شرائح اجتماعية قبلية في الغالب متفاوتة التأهيل إلى صانعي تنمية حقيقيين يشقون ويُعبّدون الطرق ويبنون المدارس والمرافق الصحية ويحفرون آبار المياه ..
لقد كان أعضاء المجالس المحلية للتطوير التعاوني هم البذرة الخيّرة في اليمن الجمهوري المعاصر.. 700 شخصية منتخبين من قِبل المواطنين يمثلون كل المناطق والشرائح الاجتماعية إضافة إلى 300 من القيادات السياسية والاقتصادية والثقافية الوطنية هم المؤسسون الـ 1000 للمؤتمر الشعبي العام حيث كان الـ 700 شخصية المنتخبين من قِبل المواطنين في مناطقهم يجمعون بين عضوية المجالس المحلية للتطوير التعاوني وعضوية المؤتمر الشعبي العام خلال مرحلة التأسيس التي استمرت ثمان سنوات من العام 1982م وحتى العام 1990م ... هذه السنوات الثمان شهدت فيها المحافظات الشمالية من اليمن قفزة تنموية غير مسبوقة وصل فيها الطريق المعبد والمبنى المدرسي والمرفق الصحي إلى كل عُزلة وقرية وحارة ومدينة، وفي تلك السنوات الثمان اكتضت المدارس الابتدائية بالملتحقين برَكْب التعليم واكتضت المدارس الثانوية بالمتخرجين واكتضت الجامعة والكليات والمعاهد العليا بالملتحقين ونشطت حركة الابتعاث للطلاب اليمنيين إلى جامعات في أنحاء العالم لمواصلة تعليمهم الجامعي العالي والتخصصي..
أذكر عندما كنت اعمل ضمن فريق السكرتارية الفنية في أمانة سر اللجنة الدائمة كان الشيخ صادق بن أمين أبوراس رئيساً للجنة الإدارة والخدمات في اللجنة الدائمة أن اللجنة أعدت بحثاً في فنون الإدارة العامة تم توزيعه وقراءته في إحدى ندوات التوعية السياسية جمع بين دفتيه استعراضاً لقواعد وفنون الإدارة الحديثة بأسلوب جمع بين بساطة الطرح وعمق المعاني وأصالة المادة العلمية والدلالات الملامسة لإحتياجات الواقع ورغم حداثة سني حينها إلا أني لم أنسَ تلك الورقه البحثية، ولاغرابة فمن يلم بالجانب النظري لفنون الإداره سيكون ناجحا في الجانب العملي فقد استطاع أبوراس حينها أن يدير المجالس المحلية للتطوير التعاوني كما أسلفنا وكذلك إشرافه من أجل تطويره إلى نظام الإدارة المحلية اللامركزية الحالي للمحافظات والمديريات وفق منظومة إدارية وهيكلة تنظيمية وقانونية ولوائح تستلهم ملامح العبقرية والقدرة على تحويل تكوينات شعبية إلى أداة فاعله قادرة على التخطيط والتنفيذ بعقلية وفلسفة رجل الأدارة والتنمية الذي يدرك تماما ماذا يجب عليه أن يقدمه لمجتمعه...
- لقد تعلمنا من أبوراس خلال مرحلة قيادته للمؤتمر الشعبي العام أن سفينة الوطن إذا ما تعرضت للعواصف فعلينا قبل أن نبحث عن قوارب النجاة لأنفسنا أن نعمل أولاً من أجل أن ننقذ سفينة الوطن من الغرق وتتجاوز دوامة العواصف المدمرة وتصل إلى بر الأمان، فمهما كانت المخاطر والمصاعب فهذه سفينة الوطن وكل فرد فيها يجب أن يبقى ثابتاً في مكانه ويجب علينا جميعاً أن نتحمل الصدمات الموجعة والأمواج العاتية وان نتجاوز كل الخلافات والتباينات والعداوات وأن يقبل كلٌّ مِنَّا الآخر ويكون شريكاً حقيقياً معه حتى نصل إلى بر الأمان ..
لقد تعلمنا من أبوراس أننا في الظروف الصعبة علينا أن نصمت صمت الحكماء ونبتعد عن افتعال الضجيج والمزايدات والمناكفات والمنافسات والمشاحنات الحزبية في غير وقتها ولا مكانها وأن نسعى مع الجميع من أجل خلق حالة من الاستقرار وتوحيد الصف ومعالجة الأمور بالصبر والتحمل والحكمة والحوار الهادئ والنصح بعيداً عن الفعل وردة الفعل المتشنج.. باختصار تعلمنا منه متى يجب أن نصمت ومتى يجب أن نتكلم ..
لقد تعلمنا من أبوراس أن الصمت والمرونة في المراحل الصعبة لا تعني الخنوع والانحراف والسير خلف التيار ولكن قيمة الإنسان تتجلى في الثبات على المبادىء والثوابت والقيم الدينية والوطنية ومنها الوسطية والاعتدال والنظام الجمهوري والثورة اليمنية والدستور والعدالة والمساواة والحرية والنظام الديمقراطي التعددي ووحدة الوطن كمشروع وطني متكامل ناضل من أجله شعبنا عقوداً..
نتطلع إلى أن تقوم قيادة المؤتمر خلال المرحلة المقبلة بإجراء تقييم عميق وشامل لتحديد جوانب الإخفاق والجوانب الإيجابية في مسيرة المؤتمر الشعبي العام وتحديد ملامح خطه السياسي والتنظيمي المستقبلي وأن تعمل على تفعيل خبراته السياسية والتنظيمية والفكرية في جميع المجالات لإثراء تجربة المؤتمر وتجديد نشاطه وفق رؤية ثاقبة تستوعب كل المتغيرات.. وأن تعطي اهتماماً لشريحة الشباب اليافعين وتعريفهم بنهج المؤتمر الشعبي العام الميثاقي ومراحل تطوره السياسي والتنظيمي. |