مطهر تقي - بعد أكثر من عام ونصف من هدنة القتال بين الإخوة الأعداء من اليمنيين على طريق المساعي لإحلال السلام بالتوقيع على المرحلة الأولى التي ستحل عدداً من القضايا الإنسانية التي يعاني منها المواطن اليمني، انطلق الشعب اليمني الذي تعب من القتال ومآسيه العظيمة التي انعكست سلباً على حياته المعيشية وحولتها الى عذاب حقيقي يفكر ويحلم بعودة زمنه الجميل زمن الاستقرار والتنمية فحلم الجائع أن يشبع وحلم المريض أن يشفى وأيقن الموظف أن راتبه سيُصرف (مع أن ولي الأمر الذي يحكمه هنا أو هناك عليه مسؤولية صرف الراتب شرعا وقانونا) وتمنى الخريجون من الشباب ومن زحزح عن عمله قسرا من الموظفين أن تقف عملية تجريف الوظائف لصالح أنصاره أو عشيرته أو أصحابه ويعامل الجميع وفق الدستور والقانون و بدأ الوطنيون يفكرون في كيفية إعادة الوفاق والسلام العادل إلى اليمن بتنازل القوى السياسية لصالح أبناء الشعب اليمني وبناء الدولة المدنية الحديثة وسيادة القانون بدلا من قوة الصميل والرؤى الضيقة للمتعصبين والفاسدين من القوى السياسية المتعددة وتغليب سيادة اليمن وكرامته واستقلاله من التدخلات الإقليمية والهيمنة الخارجية .
وفي غمرة تلك الأحلام والأماني تفاجأ اليمنيون والعالم اجمع بطوفان الشعب الفلسطيني ينطلق من غزة ليحيي من موت محقق قضية الشعب العربي الأولى قضية فلسطين ضد العدو الحقيقي للأمة العربية إسرائيل التي سارعت وبدعم أمريكي غربي مباشر لارتكاب مجزرة العصر ضد أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وتدمير منازلهم وكافة مرافق معيشتهم بصورة وحشية لم يسبق للبشرية مشاهدتها من قبل ..فانطلق الشعب اليمني بوازع ديني ووطني ومعه الشعوب العربية والإسلامية يدعم الشعب الفلسطيني بالمظاهرات الشعبية المنددة بجرائم إسرائيل وأمريكا، ولم تكتفِ قيادة أنصار الله في صنعاء بذلك التأييد ورأت أن الواجب الديني يفرض على العرب والمسلمين مشاركة الشعب الفلسطيني قتاله إسرائيل نصرة له، فقامت بقتال إسرائيل بالطائرات المسيرة والصواريخ لضرب موانئ الاحتلال الإسرائيلي في جنوب فلسطين، ثم رأت أن من الواجب زيادة الضغط على إسرائيل بمنع سفنها التجارية فقط دون بقية سفن الدول الأخرى من الدخول والخروج من مضيق باب المندب والبحر الأحمر عموما حتى توقف إسرائيل جرائمها وقتالها وترفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة، ولم تقم إسرائيل بمقاومة فعل الجيش اليمني بقيادة أنصار الله بل قامت امريكا نيابة عنها كما كان متوقعاً بإقامة حلف بحري عسكري بقيادتها للدفاع عما أسمته بأمن الملاحة البحرية العالمية؛ والعالم يعرف أن هدفها هو الدفاع عن سلامة السفن الإسرائيلية ومنع أي ضرر على الاقتصاد الإسرائيلي..
ولأن امريكا تحكم العالم(واليهود يسيطرون على المال والإعلام وعلى القرار السياسي الأمريكي وبالتالي فإسرائيل هي التي تحكم أمريكا وهما دولة واحدة) فقد سبق أن منعت أمريكا مجلس الأمن من إصدار قرار يرغم إسرائيل على وقف عدوانها وجرائمها في غزة، ولم تكتفِ بذلك فقبل أسبوع تقريبا قامت بإرغام مجلس الأمن على إصدار قرار يدين قيادة أنصار الله والجيش اليمني من منع السفن الإسرائيلية من الإبحار في البحر الأحمر واعتبر القرار ذلك تهديدا للملاحة البحرية العالمية وكان الهدف الحقيقي من ذلك القرار هو اتخاذه كغطاء قانوني لعدوان أمريكي على أنصار الله والجيش اليمني الذي قامت به أمريكا وبريطانيا فجر يوم الجمعة الماضية على عدد من المحافظات اليمنية لتُدخِل الشعب اليمني في محنة وعدوان جديد بعد أن كان الأمل وبعد تسع سنوات من العدوان والحصار الأول أن تنجلي الهموم عن الشعب اليمني لكنها المشيئة فقد كُتب القتال على الشعب اليمني وهو كره له.. لكن الواجب الديني والوطني يجعل الشعب اليمني بكل فئاته السياسية يقاوم ذلك العدوان الذي استهدف أمن و سلامة اليمن قبل أن يستهدف قيادة أنصار الله حتى ولو كان ذلك كرهاً ومصدر مآسٍ جديدة التي كنا نظن أنها ستنجلي ونكون على موعد مع السلام لكن يبدو أنها بداية جديدة لحصار وعدوان جديد على الشعب اليمني ولا أظن أن إيران وبعد ثلاثة أيام من العدوان وقيامها بسحب سفنها الحربية من البحر الأحمر كما تقول الأنباء ستحارب معنا وستكتفي بالتنديد والاستنكار ضد العدوان الأمريكي البريطاني الذي لا مبرر له إلا إذا كانت تعد باسم محور المقاومة مفاجأة لنصرة أنصار الله في القريب العاجل..
فلله الأمر من قبل ومن بعد والله هو الغالب والمعين للشعب الفلسطيني والشعب اليمني.
|