علي محمد المنعي - التصنيف الأمريكي لمكون أنصار الله اعتراف من أمريكا بندّية المواجهة العسكرية ومؤشر للحفاظ على ماء الوجه والإفلات من الهزيمة، فمن المعلوم ان الإدارة الأمريكية بتاريخ 17 يناير 2024م قررت تصنيف مكون أنصار الله (كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص) أدرجته ضمن قائمة الإرهاب وهذا الإجراء تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية ضد خصومها خارج حدودها من ناحية سياسية واستراتيجية غير انه من ناحية قانونية لا اثر قانوني ملزم لذلك القرار على الساحة اليمنية او العربية او الإقليمية أو الدولية فلا يعدو عن كونه مجرد إجراءات احترازية من شأنها قطع مصادر التمويل للكيان المصنف ومنع التعامل معه او مساعدته من قِبل افراد او هيئات او جماعات في الولايات المتحدة ويحظر التعامل مع أي انشطة او سلع او تبادل الاموال بين افراد الولايات المتحدة الامريكية والكيان المصنف الى آخر تلكم التدابير التي لايتعدى تأثيرها وتنفيذها سوى داخل اقليم الولايات المتحدة.. بالتالي جعلت تنفيذ ذلك القرار مزمنا بمدة 30 يوما وحددت 16 فبراير 2024م موعدا لتنفيذ هذا القرار ..
مطالبة من أنصار الله الكف عن ضرب السفن في البحر الاحمر او بالأصح الامتناع عن دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الكيان الصهيوني المحتل، وستقوم الإدارة الأمريكية بإلغاء هذا التصنيف في حالة استجابة أنصار الله لمطلبها..
وفي هذا الصدد نناقش بايجاز ماهية التصنيف وتبعاته وآثاره من ناحية قانونية ومن ناحية سياسة أيضا ونتوخى الإيجاز الشديد
ونوجز ذلك فيما يلي :
أولا : ماهية التصنيف الأمريكي لمكون أنصار الله
فمن المعلوم ان الادارة الامريكية برئاسة ترامب كانت قد اصدرت قرارا في الايام الاخيرة من ولايته للرئاسة الامريكية قضى ذلك القرار بإدراج مكون انصار الله ضمن قائمة الارهاب الامريكية باعتباره (منظمة إرهابية عالمية)..
وما لبث ان تم الغاء ذلك القرار خلال أيام بعد تلقي الإدارة الأمريكية انتقادات ومخاوف أممية ودولية فقرر الرئيس الامريكي الخلف بايدن في بداية توليه الرئاسة إلغاء ذلك التصنيف في فبراير 2021م لمكون انصار الله وإزالته من القائمة الأمريكية..
ولا يخفى مؤخرا ونتيجة للدعم الذي يقدمه الشعب اليمني وقواته المسلحة للشعب الفلسطيني الشقيق في مواجهة إرهاب وجرائم الكيان الصهيوني المحتل وذلك الدعم أمر مشروع قطعا ..
ولذلك قامت الادارة الامريكية بادراج مكون انصار الله ضمن لائحة الارهاب وصنفته( كيان ارهابي عالمي مصنف بشكل خاص)..
وتأملوا هنا الفرق الشاسع بين المصطلحين
فهناك فرق بين مصطلح (منظمة ارهابية عالمية) ومصطلح (كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص )..
اذ ان لكل مصطلح اجراءات وبنود وتبعات وآثار خاصة فمصطلح منظمة إرهابية عالمية اشمل واخطر من مصطلح كان ارهابي عالمي مصنف بشكل خاص ولبيان المفارقات بين المصطلحين نفصل ذلك فيما يلي:
(1) مصطلح ( منظمة إرهابية عالمية FTO) (Foreign Terroist Organizations )
وهذا المصطلح أو التصنيف تصدره الادارة الامريكية مستندة الى نص المادة (219 )من قانون الهجرة والجنسية الامريكي (INA) وهو المصطلح والتصنيف الذي استخدمه الرئيس ترامب في آخر ايام توليه الرئاسة كما اسلفنا واجراءات تنفيذ هذا التصنيف وتبعاته يتعدى اثرها إلى خارج اقليم الولايات المتحدة وقد يشمل كيانات وجماعات ومنظمات وافراد داخل المجتمع الامريكي او خارجه بل قد يصل الى دول ومن شأنه ان يتعرض المخالف له للادانة ويتم ايقاع عقوبات جنائية تصل الى الاعدام أو السجن المؤبد أو السجن 15 عاما فضلا عن مصادرة الاموال المضبوطة الخاصة بالمنظمة المصنفة او مساعديها او يتعاون معها من حيث التمويل او السلع والبضائع وكذا تجفيف منابع التمويل ومكافحة تمويل المنظمة المصنفة بالاسلحة من أي دولة او جماعة او افراد ويحظر لمن ثبتت ادانته دخوله الولايات المتحدة الامريكية أو منحه تأشيرة الدخول الى آخر تلك الاجراءات والعقوبات التي لا مجال لتفصيلها هنا لضيق المجال .
( 2) مصطلح (كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص. SDGT) (Specially
. Designated Global Terroist group
واتخاذ الإدارة الأمريكية لهذا التصنيف بزعم أن أمريكا تراعي الشعب اليمني وتريد تنظيم تدفق الغذاء والسلع والوقود إلى الشعب اليمني تحت إشراف أمريكي .
وان اجراءات وتبعات هذا التصنيف لا تجري سوى داخل اقليم الولايات المتحدة الامريكية ويتيح للادارة الامريكية تجميد اصول وافراد وكيانات تقدم الدعم او مساندة لو كان المصنف بالاضافة الى أي فروع يرتبط به او منظمات صورية او شركاء وعواقب هذا التصنيف تؤدي الى حظر جميع الممتلكات والمصالح المملوكة للافراد او الكيانات المدرجة في الولايات المتحدة ضمن قائمتها او التي تقع داخلها او ما يحوزه الاشخاص الامريكيين المساعدين للكيان المصنف وتضع حظرا لأي معاملات بين الاشخاص الامريكيين داخل او خارج الولايات المتحدة مع الكيان المصنف وتقوم بتعطيل الشبكات الارهابية وقطع الموارد المالية وتستند الادارة الامريكية في هذا التصنيف الى الامر التنفيذي رقم(13,224 ) الذي يستهدف الارهابيين والمنظمات الإرهابية والداعمين وقد تعللت الادارة الامريكية بادراج مكون انصار الله تحت هذا التصنيف لزعمها بأن أنصار الله ارتكبوا اعمالا ارهابية تهدد امن مواطني الولايات المتحدة الامريكية وامنها القومي وسياستها الخارجية واقتصادها وحددت الإدارة الأمريكية مدة تنفيذ هذا القرار بتاريخ 16 فبراير 2024م أي بعد شهر من صدور القرار وستقوم الخارجية الأمريكية خلال مدة الشهر بالتواصل مع اصحاب المصلحة ومقدمي المساعدات والشركاء الذين يسهلون المساعدات الانسانية للشعب اليمني وتصدر الخارجية الامريكية بعد التواصل تراخيص تسمح بعمليات معينة لتوفير الغذاء والدواء والوقود وكذلك التحويلات الشخصية والاتصالات والبريد وعملية الموانئ والمطارات الذي يعتمد عليها الشعب اليمني وإذا اتينا من ناحية قانونية لهذا التصنيف نجد انه لا اثر له من منظور القانون الدولي ولا تمثل القائمة الأمريكية إلا السياسة الأمريكية فقط وتستند إلى قوانينها الداخلية خاصة ما صدر منها من قوانين متعلقة بمكافحة الارهاب عقب أحداث 11سبتمبر 2001م أما القانون الدولي لا علاقة له بهذه القائمة الأمريكية لا من قريب ولا من بعيد وكذلك الحال بالنسبة للقوانين الخاصة بدول العالم ومنها القوانين اليمنية التي تجرم هذا التصرف الأمريكي المنتهك للسيادة اليمنية وشن العدوان المسلح على اليمن بصورة تخالف المواثيق والقوانين الدولية والشرائع والأعراف كما ان القرار الأمريكي غير ملزم ولا يتعدى اثره للدول العربية والاقليمية والغربية او على أي منظمات أو هيئات دولية بما فيها منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي وكذا الاتحاد الاوروبي الخ..
أما من ناحية سياسية فإن أمريكا تهدف من هذا التصنيف الى فصل مكون أنصار الله عن الشعب اليمني رغم علمها بأن أنصار الله جزء لايتجزأ من تركيبة الشعب اليمني وأن من يواجه العدوان الصهيوني المحتل هو الشعب اليمني بمختلف مكوناته المذهبية والقبلية والاجتماعية وقواته المسلحة والأمنية البواسل وكافة أطياف الشعب اليمني الذي كان ولا يزال وسيظل مدافعا عن الشعب الفلسطيني الشقيق بكل ما أوتي من قوة ومال ورجال حتى تحقيق النصر ولن تثني الشعب اليمني مثل هذه الاجراءات الأمريكية الباطلة التي لم ولن تهز شعرة واحدة في رأس أي يمني بل تزيده عنفوانا وصمودا وشموخا .
ويدرك الشعب اليمني بأن هذا التصنيف الأمريكي يهدف إلى الدفاع عن الكيان الصهيوني الذي يمارس ابشع الجرائم والاباده الجماعية في حق الشعب الفلسطيني الشقيق..
وكذلك يهدف هذا التصنيف إلى خلق فجوة بين الشعب ومكون أنصار الله الذي لايتجزأ عن الشعب بأي حال من الاحوال
بل وتهدف أمريكا إلى فرض الوصاية على اليمن بعد أن عجزت عن مواجهة الشعب اليمني وقواته المسلحة عسكرياً..
والأهم من ذلك أن الإدارة الأمريكية تهدف إلى إعادة تدوير عجلة الحرب في اليمن وشن العدوان عليه مباشرة وإجهاض جهود السلام الأممية والمساعي العربية الرامية إلى نشر السلام وحلحلة الأزمة السياسية اليمنية..
لقد كانت وما زالت أمريكا هي الداعم الأول للعدوان على اليمن وفرض الحصار عليه منذ سنوات لصالح تحالف 18 دولة ضد اليمن..
أمريكا تأتي اليوم لتعيد تدوير العدوان على اليمن بالآلة العسكرية الأمريكية المباشرة، وتقوم بقصف اليمن وتنتهك سيادته دون مستند شرعي او مسوغ قانوني او أخلاقي او إنساني وإنما على العكس تماما خالفت أمريكا كل ذلك وقامت بالعدوان على اليمن بعد أن قطعت اساطيلها العسكرية آلاف الكيلومترات، عابرة ثلاث قارات لتأتي لقصف اليمن بزعم حماية الملاحة، وكأن أمريكا هي شرطي العالم والحارس على أمنه..
فبأي صفة يشن الامريكان عدوانهم على اليمن ؟
ليعلم الأمريكان أن من رابع المستحيلات تكرار السيناريو الذي تم في أفغانستان والعراق وليبيا لتأتي لتطبيقه في اليمن فاليمن مقبرة الغزاة ولم يعد الشعب اليمني يخشى من خسران شيء إلا الكرامة، وسيبذل الشعب اليمني الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الكرامة والسيادة والاستقلال والحرية وذلك أمر مشروع دينياً ووفقاً لمواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية والاعراف السائدة..
ماهية الإرهاب :
لا يوجد توافق دولي على تعريف قانوني للإرهاب حتى هذه اللحظة كون ذلك يخضع لمصالح سياسية واقتصادية بل وفكرية وأهواء لدولة دون أخرى من المجتمع الدولي..
ومع ذلك يمكننا تعريف الارهاب بأنه ( إثارة الذعر البالغ لدى سكان الدولة او مجموعة من الناس او اجبار الهيئات العامة او احدى المنظمات الحكومية الدولية على غير وجه حق لاتخاذ اجراءات او كف عنها او زعزعة الاستقرار زعزعة جسيمة او تدمير الهياكل السياسية او الدستورية او الاقتصادية او الاجتماعية الاساسية في دولة او منظمة حكومية دولية )..
ولا شك أن المجتمع الدولي يكافح الارهاب وكل دولة من دول العالم تنبذ الارهاب وقوانين واحكام السماء تحرم الارهاب وكافه القوانين الانسانية الوضعية بما فيها القانون الدولي والمواثيق الدوليه تجرم الارهاب وتوجب العقوبة على القائم عليه والداعم له والممول والمنفذ والحامي له باعتبار الارهاب ظاهرة تهدد السلم والامن الدولي، والارهاب في اصنافه ينقسم الى ارهاب مادي تستخدم فيه القوة المسلحة وهناك ارهاب فكري ومعنوي ونفسي..
|