الميثاق نت -

الإثنين, 29-يناير-2024
مطهر الأشموري -
قالوا إن الرئيس الأمريكي " بايدن " اشتاط غضباً على "نتنياهو" وأغلق التلفون في وجهه، ومُورس أنقطاع أو قطيعة بينهما لأكثر من شهر، فما الذي جرى بعد ذلك..؟
استأنف " بايدن " أمريكا الاتصال وبعد هذه المكالمة زَفَّ البشرى للعالم بأن "نتنياهو" لم يعد يعترض على حَلّ الدولتين..
لاحظوا أن بايدن استعمل عدم اعتراض نتنياهو ولم يقل إن نتنياهو وافق على ما يُسمى حَلّ الدولتين ..
خلال ساعة أو ساعات خرجت تصريحات مكتب نتنياهو لا لتنفي فقط عدم اعتراض نتنياهو، بل وتؤكد رفضه القاطع لما يُسمى حَلّ الدولتين..
إنها لعبة أمريكية - إسرائيلية سخيفة وسامجة، ولكنها لم تعد تفيد أمريكا ولا إسرائيل في شيء تجاه تموضعها المأرقي والمكارثي في العالم أو المنطقة، والأهم أن مثل هذه الألعاب لم يعد يتوفر لها الحد الأدنى من التصديق، وباتت فقط ثنائية ألعاب تجسّد أزمتهما متعددة الأوجه وضمن تخريجات للإعلام لا علاقة لها بالعالم ولا بأي واقع أو واقعية في العالم..
أمريكا كأنما تتشبث بماضوية تجاوزها واقع العالم ويتجاوزها، وإسرائيل شريكة الماضوية البريطانية الأمريكية في كل المراحل والأبعاد، وكلاهما يعيان هذا أو يفهمانه ولكنهما في مأزق المتغيرات والتغيير عالمياً وإقليمياً لا يستطيعان التعامل بواقعيته ومع واقعية، فيسيران في خيارات التخبط وردود الأفعال ومن ذلك الماضوية الأقرب والأبعد للاستعمار ثم للاستعمال، والذي يجري في غزة مثل إبادة الهنود الحُمر في أمريكا وحتى سكان استراليا، وكل مافي الأمر هو أن بايدن لديه حاجية لإستعمال يافطة "حل الدولتين"، فيما نتنياهو يرفض حتى "الحل اليافطة" أو "يافطة الحل"، وإذا جاز القول إن بايدن ونتنياهو مختلفان حول فضفاضي ويافطي فذلك أقصى مايمكن لعقل عاقل تصديقه..
ما تسوّق له إدارة بايدن هو ثلاثة مرتكزات أولها طبعاً "أمن إسرائيل"، وثانيها التطبيع العربي مع إسرائيل، أما آخرها ومؤخرتها فهو الدولة الفلسطينية المزعومة..
فإذا أمن إسرائيل كبَدَهِيَّة أمريكية هو الأولوية فلتكن "الدولة الفلسطينية" هي التالي أو الثاني، ومن ثَمَّ ليصبح للتطبيع تخريجات بحد أدنى من القبول أو الإقناع، فيما تأخيرها إلى "المؤخرة" لا يمثل إلا فكرة لتمكين الكيان الصهيوني في المنطقة ويصبح الحل بعد ذلك تصفية وإنهاء القضية الفلسطينية، والفكرة بدولة فلسطينية هي فقط لتمرير التطبيع الذي أجهضته غزة ومقاومتها ويراد إحياؤها وعلى حساب غزة وشعبيتها ومقاومتها..
والخلاف المزعوم والبُشْرَى الأمريكية هي أساس مؤامرة التدبير والتمرير أمريكياً وإسرائيلياً لتصفية القضية الفلسطينية وباسم حل لفلسطين وللفلسطينيين، ولكن حبكة التآمر والمؤامرة ساذجة إلى حد البلاهة ولم تعد أو تمرر إلا على عملاء وخونة أكانوا من الفلسطينيين أو أنظمة عربية..
بعد ما عرفت حرب 1973م وأول "كامب ديفيد"، جاء مستشار الرئيس الأمريكي "بريجسنكي" والتقى بملك السعودية "فهد" ورئيس مصر "السادات" وأقنعهما بأولوية الجهاد ضد الإلحاد في إفغانستان وطرح عليهما بأن أمريكا ستلتزم مقابل ذلك بحل قضية فلسطين وإنهاء ماعُرف بصراع الشرق الأوسط، وتولَّد من ذلك ماعُرف بمؤتمر "مدريد" الذي تولَّد منه اتفاق "أوسلو"، ولكن القضية لم تُحَل، والدولة الفلسطينية لم تأتِ ولم تُحَل، وبالتالي فأحداث غزة أفسدت التآمر التطبيعي بما يتطلب هذه الفكرة لأن المفترض أن نفرح بالخلاف المزعوم ونقبل بدولة مزعومة لن تأتي ولن نصل إليها..
إذا الأولوية الأمريكية لنا كانت الجهاد ضد الإلحاد في إفغانستان فالأولوية الأمريكية لنا الآن هي الجهاد ضد "حماس"، والمستحيل أن حقق الثنائي " بايدن - نتنياهو " أحلام اقتلاع " حماس " - المستحيل - بعد ذلك حل لفلسطين أو مجيئ دولة فلسطينية إلا مجرد " يافطة " كما تتجسد في محمود عباس ولحماية أمن الصهاينة والدولة الفلسطينية ليس أكثر..
إنني أثق بمحور المقاومة لإسناد فلسطين تجاه هذا المخطط ورفض صفقة القرن من باب أو واجهة، ولكني لا أثق بأنظمة عربية ولا بما تُسمى سلطة فلسطينية حتى لو ساروا في مواقف كلامية أو إعلامية تبدو غير ذلك أو مغايرة..
لست مع تصادم بأنظمة عربية، ولكني أرى الحاجة إلى استراتيجية تحتويها أو تحيدها على الأقل للحيلولة - وذلك ممكن - دون السير في أي تطبيع إلا بعد أن تصبح دولة فلسطين واقعاً وأمراً واقعاً، والأفضل استعمال قوة وشعبية محور المقاومة لخدمة هذا السقف أو الهدف في إطار استراتيجية دون تصادمات أو تشجيع انقلابات أو غير ذلك بما سيمكن الأمريكي من تخليق استراتيجية قد تعيده إلى مستوى "توازن" وبالتبعية "الكيان الصهيوني"، وبالتالي فنحن نشترط الوصول واقعاً وواقعياً إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة ونرفض أي تطبيع قبل ذلك، فهذا فقط مايضع أمريكا في المحك لتثبت حداً أدنى من المصداقية أو لتتأكد مؤامرة ليست بالجديدة على أمريكا التي ليس لها أولويات غير إسرائيل ثم أمن إسرائيل ثم التطبيع مع إسرائيل..
الأنظمة العربية يعنيها بل تعنيها أن تربط مصالح بميزان وتوازن التغيير والمتغيرات.. ولعلي كيمني لم أكن أحلم بأن طرفاً يمنياً سيواجه أمريكا بمستوى ماحدث في البحرين الأحمر والعربي، ومن بَدَهيات ذلك أن أمريكا لم يعد بإمكانها أن تُبقي أو تزيح نظاماً، ومثل هذا ثابت لا يحتاج إلى إثبات..
قبل طوفان الأقصى سمعت حاكماً عربياً يطلب من إسرائيل ما أسماه "تحسين الحياة المعيشية للفلسطينيين" وكأنه شرط التطبيع ومن مثل هذا الطرح المتخلف عن الفهم للمتغيرات أو الوعي بها ما يخيف أو مايقلق..
لا نحتاج لضمانات " بريجنسكي " قبل جهاد أفغانستان ولاستعمالنا لـ "بليمر" في غزة، ونطلب فقط رفض أي تطبيع إلا بعد تحقق دولة فلسطينية كاملة السيادة وهذا أسهل بكثير من مهازل جهاد أفغانستان والشيشان وما استنسخ منه أمريكياً كإرهاب وحرب ضد الإرهاب، وكله إجرام أمريكي، كما إجرام الحروب الجرثومية من الإيدز حتى كورونا..!!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:18 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65442.htm