الميثاق نت -

الإثنين, 29-يناير-2024
راسل القرشي -
عِشْنا جميعاً حالة من الترقُّب ونحن نتابع جلسة محكمة العدل الدولية للبتّ في إجراءات دعوى الإبادة الجماعية ضد الكيان الصهيوني المحتل، المرفوعة من جنوب أفريقيا..

كُنَّا نتوقع ونحن نتابع الجلسة أن تقضي المحكمة بارتكاب الاحتلال إبادة جماعية في غزة، خاصةً وأن الشكوى التي قدمتها جنوب أفريقيا تضمنت كل الأدلة التي تؤكد على ارتكاب المحتل جرائم إبادة جماعية، وتحريض قياداته - في تصريحاتهم المُعلَنة - على الكراهية ورفع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين، ومَنْع الوصول للمياه والطعام وأساسيات الحياة لسكان غزة واستهداف المدارس والمستشفيات المحمية بالقانون الدولي، وفرض قيود مشددة وغير مبررة على إدخال المساعدات، لا سيما الغذائية والطبية..

كما توقَّعنا أن تصدر المحكمة قراراً بوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن توقعاتنا خابت ولم تتحقق، وبدلاً عن ذلك فرضت إجراءات مؤقتة على الكيان المحتل الالتزام بها..

ورغم أن الكثير من السياسيين قالوا إن الحُكْم انتصار حاسم لسيادة القانون ومنعطف مهم في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني، إلا أنه - بحسب اعتقادي - لا جدوى منه في ظل عدم اتخاذ المحكمة قراراً بوقف إطلاق النار في غزة..

عقب تلك الإجراءات التي فرضتها محكمة العدل الدولية وألزمت الكيان المحتل بتنفيذها، سارع النتن ياهو وأعضاء حكومته بالرد على القرار بتصريحاتهم الغريبة والعجيبة التي دائماً ما نسمعها، ووصفوا المحكمة بـ"المعادية للسامية" وأنها لا تسعى للعدالة وإنما لاضطهاد الشعب اليهودي !!!!

أكدوا استمرارهم بالعمل العسكري في غزة حتى تحقيق أهدافهم المعلَنة، ليثبتوا بتلك التصريحات رَفْضَهم القرار وأنهم فوق القانون ولا يمكن لأي هيئة دولية إلزامهم بشيء !!

نعم.. هذا الكيان المحتل منذ أكثر من 75 عاماً وهو يمارس جرائم الإبادة بحق أبناء فلسطين، وبدعم مباشر من الإدارة الأمريكية وبريطانيا وحلفائهما الغربيين، وربما يكون هذا القرار الصادر من محكمة دولية هو الأول من نوعه ضد الاحتلال ويمثّل سابقة في مساعي المجتمع الدولي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.. ولكن مع كل ذلك يبقى السؤال الأهم :

كيف يمكن إلزام قيادات هذا الكيان المتغطرسة بما اتخذته المحكمة الدولية من تدابير لوقف الإبادة وكل أشكال التحريض ضد الشعب الفلسطيني، والسماح بوصول المساعدات إلى غزة دون قيود، وهي نفسها من وصفت هذه الهيئة الدولية بـ"المعادية للسامية"، وهي نفسها أيضاً التي رفضت الامتثال لقرارات دولية سابقاً ؟!

نحن أمام كيان محتل منزوع القيم والإنسانية وبلا أخلاق؛ ويتخذ من هذه "السامية" التي يتحدث عنها سلاحاً يرفعه ضد كل من يتهمه بارتكاب جرائم وانتهاكات ويطالبه باحترام القانون الدولي، وكأن هذه "السامية" تجعله فوق القانون وتدفعه لارتكاب المجازر وممارسة كل صور وأشكال الجرائم ضد أبناء الأرض !

يقيناً .. ستبدو الصورة أكثر وضوحاً في الأيام القادمة، وستكشف لشعوب العالم حقيقة هذا الكيان المحتل وقياداته النازية التي لا تحترم القرارات الدولية، وليس لديها أي معنى للإنسانية..

* ختاماً.. نقول شكراً لجنوب أفريقيا التي استشعرت مسئوليتها الدولية وعبَّرت عن رفضها جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، وسارعت إلى تقديم شكوى لمحكمة العدل الدولية للنظر في تلك الجرائم وإدانة الكيان المحتل بها..

شكراً لجنوب أفريقيا التي واجهت بكل قوة وثبات الانتقادات والتهديدات الموجهة إليها من الدول الغربية الداعمة لهذا الكيان الغاصب، وأصرت على محاكمته دولياً ليتوقف قادته عن تلك الجرائم المرتكَبة ضد أصحاب الأرض..

شكراً قيادات جنوب أفريقيا، فقد أثبتم للعالم أن لا تراجع عن الحق والعدالة ويجب احترام القانون الدولي من أي دولة كانت وأن لا دولة فوق القانون..
تحيه شكر تقدير وإجلال لأحفاد مانديلا الذين اكتووا بنَيْر الاستبداد والفصل العنصري ومُورست ضدهم نفس الجرائم التي يتعرض لها الفلسطينيون اليوم..
لقد أسعدتم بما قمتم به القائد الثوري الأممي رمز التحرر العالمي المناضل نيلسون مانديلا -رحمة الله عليه- الذي قال: "إن ثورة جنوب أفريقيا لن تكتمل أهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته".
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65459.htm